بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،
وبعد :
فقد ذكر العلماء أن للعلم مكانته في الإسلام، وقد حض الله تعالى عليه وبين أنه لا يستوي العالم والذي لا يعلم، ويجب أن يقبل الطلاب على العلم بنية صادقة حتى يؤجروا عليه، وأن يجتهدوا في تحصيله خدمة لدينهم، وأن يبتعدوا عن الغش في الامتحانات لأنه محرم، ويؤخذ به حق ليس لهم.
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر في حث الإسلام على طلب العلم ومكانته في الإسلام:
حَضَّ الإسلام على طلب العلم، واعتبر جمهور فقهاء المسلمين طلبَ العلم فرضَ عَيْن على كل مسلم ذكرًا كان أو أنثى فيما يجب عليه من العلم به، ولا يَسَعُه أن يجهله كالعلم بكيفية أداء العبادات المختلفة، واعتبره هؤلاء فرض كفاية في غير ذلك، فإذا قام به مَن فيهم كفاية سقط الإثم عن باقيهم، وإن تقاعَس الجميع عن طلب هذا النوع من العلوم أثِموا جميعًا، ومن العلوم التي يجب طلب العلم فيها على الكفاية الطب والهندسة والحساب والتفسير والحديث والفروع الفقهية وغيرها مما يحتاج الناس إليه، وينصلح به حالهم في دينهم ودنياهم، زائدًا على ما يتعين عليهم العلم به.أ.هـ
ويمكن الاستعانة بالدعاء ليقيهم الله تعالى داء النسيان ومن الأدعية الواردة في ذلك يقول الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي من علماء الأزهر:
لك أن تتوجه لله تعالى بالدعاء: "اللهم إني أسألك علما نافعا"، وكذا "رب زدني علما"، وكذا"رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي".أ.هـ
ويجب أن نحذر أخي الكريم من الغش في الامتحانات فالغش بصفة عامة محرم يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
بالنسبة للغش بوجه عام، فإنه حرام؛ لما روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "من غش فليس منا، الغش والخديعة في النار"، وإذا كان هذا الغش ينال به الإنسان مرتبة لا يتأهل لها أو يصل إلى حق ليس له، فإنه يكون آكلاً للمال بالباطل، وآخذًا حقًا ليس له ومثل هذا محرم. وسواء اضطر إلى ذلك أو لم يضطر إليه؛ فهو محرم في جميع الأحوال؛ لأن الغش لم يبحه الشارع عند الضرورة إليه، وإنما حرم مطلقًا. أ.هـ
ويقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
الغش حرام، وهو من الكبائر التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "من غشنا فليس منا"، أي أن صفة الغش لا تكون في المسلمين، والغش خيانة للأمانة، سواء في البيع أو التجارة، أو في العلم، وأخطر ما يكون الغش في الامتحان، لأنه غش للنفس وللغير، وأخذ الطالب تقديراً لا يستحقه، فيتقدم على غيره ممن هم أفضل منه، ولا يظهر خطورة الغش إلا بعد التخرج في الثانوية، أو في الجامعة، وأخطر ما يكون إذا كان عمله بعد التخرج في الوظائف ذات الخطورة كالطب والهندسة، وغيرها، فكيف يقوم بواجبه وهو لا يستطيع إجادة العمل، لأنه ليس جديراً بالشهادة التي حصل عليها؟! وأخشى أن يكون ما يأخذه أجراً على عمله حراماً... لأنه يأخذ ما لا يستحقه.
إن الغش سلوك رديء، يحاربه الإسلام، والنظم كلها، فواجب إدارة المدرسة الحزم في هذه القضية الأخلاقية، كما يجب على الأمهات والآباء أن يحذروا أبناءهم من التفكير فيه أو ممارسته.أ.هـ
حكم الغش في الامتحانات
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن حكم الغش في الاختبارات الدراسية ؟ فقال: ” الغشّ محرّم في الاختبارات كما أنه محرّم في المعاملات، فليس لأحد أن يغشّ في الاختبارات في أي مادة، وإذا علم الأستاذ بذلك فهو شريكه في الإثم والخيانة والله المستعان “. ينظر: دروس للشيخ عبد العزيز بن باز – (2 / 33).
وقال أيضاً في “مجموع فتاوى ابن باز” (24 / 61): ” الغش في جميع المواد حرام ومنكر؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: « من غشنا فليس منا » أخرجه مسلم في صحيحه . وهذا لفظ عام يعم الغش في المعاملات وفي النصيحة والمشورة وفي العلم بجميع مواده الدينية والدنيوية، ولا يجوز للطالب ولا للمدرس فعل ذلك، ولا التساهل فيه، ولا التغاضي عنه؛ لعموم الحديث المذكور، وما جاء في معناه، ولما يترتب على الغش من المفاسد والأضرار والعواقب الوخيمة.
وإذا كان الغش حراماً فلا يجوز أن تعين غيرك عليه؛ لقول الله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49) .
أمّا إذا رأيت طالبا يغشّ في الاختبارات ، ولم تشارك أنت في هذا الغش ، الواجب عليه منعه من ذلك المنكر إذا رأيته أو إبلاغ المراقب عنه ، وكل ذلك مقيّد باستطاعتك ، خاصة في وقت الامتحان الذي يغلب انشغال الإنسان فيه بنفسه وإجابته عن إحداث مشكلة مع غيره .
فإن خشيت من ذلك ضرراً لا يحتمله مثلك ، أو انتشار الضرر وآثاره إلى أهلك فلا حرج عليك إن شاء الله ، في الإعراض عنه ، والانشغال بأمرك وترك ذلك إلى مسؤول المراقبة