الموضوع: لطائف قرآنية
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 20-02-2011, 08:51 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 22
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

اللطيفة الثالثة : الفائدة في تكرار كلمة { قتال }، مع إمكان أن يقال: (قل: هو كبير)؛ وذلك أن التصريح به دون الإضمار، وصول إلى الدلالة على عموم الحكم لكل قتال، ولو جاء مضمراً لاختص الحكم بتلك الحادثة التي وقعت في سرية عبد الله بن جحش .
قال الرازي في هذا الخصوص: "اللفظ إذا تكرر وكانا نكرتين كان المراد بالثاني غير الأول. والقوم أرادوا بقولهم: { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه }، ذلك القتال المعين الذي أقدم عليه عبد الله بن جحش ، فقال تعالى: { قل قتال فيه كبير }. وفيه تنبيه على أن القتال الذي يكون كبيراً ليس هو هذا القتال الذي سألتم عنه، بل هو قتال آخر؛ لأن هذا القتال كان الغرض منه نصرة الإسلام وإذلال الكفر، فكيف يكون هذا من الكبائر؟ إنما القتال الكبير هو الذي يكون الغرض منه هدم الإسلام، وتقوية الكفر، فكان اختيار التنكير في اللفظين لأجل هذه الدقيقة، إلا أنه تعالى ما صرح بهذا الكلام؛ لئلا تضيق قلوبهم، بل أبهم الكلام بحيث يكون ظاهره كالموهم لما أرادوه، وباطنه يكون موافقاً للحق، وهذا إنما حصل بأن ذكر هذين اللفظين على سبيل التنكير، ولو أنه وقع التعبير عنهما أو عن أحدهما بلفظ التعريف لبطلت هذه الفائدة الجليلة".
هذه بعض اللطائف التي تضمنتها هذه الآية الكريمة، وهي بالطبع لطائف تستحق التأمل والتدبر - كشأن القرآن كله -، وتدل على عظمة هذا القرآن، وأنه { تنزيل العزيز الرحيم } (يس:5).
__________________


إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
رد مع اقتباس