لو سمحت كمل الاية لان ان مقلتش الشروط
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)} النساء}
باعتبار أن فهم كلمة رجال تعود على الذكور و كلمة نساء تعود على الإناث فى سياق الآية (حيث أن هناك فهم معتبر آخر، لكلمة رجال باعتبارها صفة من تحقق لهم القدرة على السعى و كذلك كلمة نساء باعتبارها جمع لمفرد نسئ الذى يفيد التأخر و يؤخذ بهما سواء للذكر أو الأنثى، حسب تحمل السياق له و عليه أدلة كثيرة فى القرآن و المعاجم، و إن كنا لا نأخذ بهذا الاعتبار هنا، ليس رفضا منا لذلك الرأى المعتبر، و إنما تبسيطا للبحث و تقليلا للخلاف، حيث نرى بالأخذ بأى الاعتبارين لن يكون هناك اختلافا كبيرا فى المفهوم المراد بيانه فى هذا البحث)
و عليه تفهم القوامة من الآية على النحو التالى:
قوامة الرجل على المرأة فى القرآن هى تكليف من الله، - حيث فى اللغة (على) تفيد الإلزام مثال {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) الزخرف}- و لا تفيد ارتفاع الدرجة فإن كان مراد الله هو أن الرجل أعلى مكانة و شأننا من المرأة، لزم أن يكون النص (الرجال قوامون عن النساء) - حيث أن (عن) تفيد الاستعلاء و المجاوزة- و ينطبق هذا أيضا على فهم الآية {... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) البقرة} و تلك الدرجة ليست درجة علوا لشأن و مكانة أو أفضلية الرجل عن المرأة بل هى مرهونة بأداء التكليف الذى كُلف به الرجل أصلا ليكون قواما أى دائم الكفاية ورعاية الشأن للمرأة، فإن انتفت عنه القدرة على القوامة أو نقص أداؤه لها انتفت عنه تلك الدرجة.
أن الرجال (الطرف الأول) مكلفون و ملزمون - كما سبق و شرحنا - بدوام كفاية و رعاية و قيادة شأن النساء (الطرف الثانى) سواء كانت زوجة أو أخت أو أم أو من تجب عليهم حق الكفاية و الرعاية من النساء بالمودة و الرحمة، وهذه هى القاعدة العامة الأساسية و هى بمثابة المسئولية و الواجب و التكليف و الإلزام من الله للرجال و الدليل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}.
وإن كانت القوامة تكليف من الله للرجال فإن استحقاقها يكون أمر آخر، و يستدعى بضرورة تحقق شرطين يقعوا على التوالى و إلا انتقلت إلى طرف أخر يستحقها و يمارسها
الشرط الأول: يتحقق بتوفر القدرة للإنسان و اكتسابها من فضل الله {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ} على توفير الكفاية و الرعاية بالمودة و الرحمة و بالتالى كان لهم القدرة على تحمل مسئولية القوامة
الشرط الثانى: يتحقق بقيام الذين تحقق لهم الشرط الأول (اكتسبوا من فضل الله)، بترجمة تلك القدرة التى اكتسبوها إلى فعل الإنفاق بما يكفل الكفاية و الرعاية بالمودة و الرحمة {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} و بالتالى يعطيهم حق القوامة و القيادة على البعض الآخر
ولكن تلك القاعدة العامة و المسئولية الأصيلة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}لا تكون متوفرة للرجال أو مطبقة فى كل الأحوال، فسمح الله بانتقال تلك المسئولية و حقوق القوامة إلى طرف آخر فى حال انتفائها عن الرجل المكلف بها، بدون التقيد بالجنس و الدليل على ذلك {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}.
فكما شرحنا سابقا معنى كلمة (بعض) فلا يمكن أن يكون المقصود بها هنا أن (بعضهم الأولى) هم (مجموع الرجال فقط) من مجموع الرجال و النساء، و إلا تبقى من هذا المجموع - (بعض الثانية) - (مجموع النساء فقط)، و هذا لا يستقيم فى اللغة حيث كان يجب الإشارة لهن بلفظ (بعضهن) حيث أن المتبقى كلهن نساء،
وعلى ما سبق نجد أن المقصود {بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أن (بعضهم الأولى) مقصود بها بعض من طائفة الرجال و النساء معا و أن (بعض الثانية) مقصود بها البعض الآخر المتبقى من ذات طائفة الرجال و النساء.
ويمهد الله لهذا المعنى صراحة فى الآية التى تسبقها
{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}النساء
فإن لم يصلح الرجل للقوامة بعدم توافر الشروط و صلحت المرأة للقوامة و توافر لها الشرطى القوامة السابق ذكرهما، كان من حقها القوامة {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}، فإذا نشزت المرأة القوامة بالخروج عن شروط القوامة بالتسلط و الاستبداد على من تقوم عليهم، زوج كان أو أخوة أو أبوين أو على من تجب عليهم حق الكفاية و الرعاية من الآخرين، بالمودة و الرحمة، جعل الله لأى من هؤلاء حق مراجعتها و تقويم سلوكها - كلّ حسب علاقته بها - فإن عادت إلى الحق كفوا عنها {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرً} مع لزوم التنويه أن كلمة ضرب لا تعنى الإيذاء البدنى فقط بل وتعنى أيضا اتخاذ التدابير و الإجراءات الشديدة
وعالج الله نشوز الرجل فى حال فرض قوامته على المرأة مع إخلاله بكل بمقوماتها أو بعضها بقوله تعالى
{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) النساء}
و النشوز من البعل هنا هو الخروج عن خط القوامة بالتكبر و التسلط و الاستبداد،و الأعراض بالتفريط فى الشؤون أو بإهمال القيادة و الرعاية بالمودة و الرحمة.
فإن لم تقبل المرأة بالأمر حسب وضعها الاجتماعى و الثقافى فعليهما العمل على التقارب والإصلاح و على ألا يستأثر أحدهم بالخير لنفسه و ينفيه عن الآخر.
(و الجدير بالذكر، و الغائب عن الكثير، هو أن البعل ليس هو الزوج كما يعتقد الكثير.
فالبعل فى اللغة هو المعيل و الكفيل و المصاحب وعليه يمكن أن يكون كل من الأب و الأخ و الابن أو من فى حجره امرأة، و البعل علية قوامة من يعول، و عليه نستنتج أن القوامة لا تختص فقط بعلاقة المرأة و زوجها بل تعالج علاقات أوسع و أعم و الفرق بين البعل و الزوج لنا فيه بحث ينشر مستقبلا بإذن الله)
الخلاصة:
إن كانت الآيات قد يرى البعض من ظاهرها أن معالجة القوامة هى للأسرة فقط، تكون تلك رؤية قاصرة فما يصلح لقيامها فى الأسرة يصلح لقيام ما يتعداها من كيانات أكبر و أوسع و كلمات الآيات تتحمل ذلك.
إن القوّام هو من له القدرة و يقوم بتفعيلها، على كفاية و رعاية شأن من هم فى قيادته و رعايته بالمودة و الرحمة، و القاعدة العامة الأساسية و التى هى بمثابة تكليف من الله للرجال بالقوامة، لا تكون سارية فى كل الأحوال لأسباب منها العسر المالى أو عدم القدرة على العمل أو سوء الإدارة أو سوء الخلق أو ما إلى ذلك مما يعوق القدرة أو تفعيلها على كفاية و رعاية شأن من هم فى قيادته بالمودة و الرحمة.
وعليه؛ أن مسئولية قوامة "الكيان" – سواء كانت أسرة أو جماعة أو كيان اقتصادى أو قبيلة أو وطن – تكون لمن يستطيع أن يحققها بإتمام شروطها و أداء مسئوليتها ويكون له ما يقابلها من حقوق القيادة، و إلا تنتفى حقوق القيادة و تنتقل إلى طرف آخر قادر على ذلك سواء كان رجلا أو امرأة.
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون (25) قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم (26) سباء}
هذا قولنا و فهمنا من مكاننا و فى زماننا و حسب علمنا و يجب أن يأتى من بعدنا من يفعل مثلنا.
و الله أعلم
__________________
 تعمدني بنصحك في انفرادي ..... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ..... من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي ..... فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
|