المغفلين على الإطلاق
جار الجاحظ: عن أبي العيناء قال: قال لي الجاحظ: كان لنا جار مغفل جداً وكان طويل اللحية فقالت له امرأته: من حمقك طالت لحيتك فقال: من عير عير.
قال: وقد رأى على بابه قذراً فقال: هذا الذي قذر خلفنا إن كان صادقاً فليقذر في وجوهنا حتى نعلم.
وولد له ولد فقيل له: ما تسميه فقال: عمر بن عبد العزيز وهنؤوه به فقال: إنا هو من الله ومنكم.
أفسد بدل أن يصلح: عن إسماعيل بن زياد قال: نشزت على الأعمش امرأته وكان يأتيه رجل يقال له: أبو البلاد فصيح يتكلم بالعربية يطلب منه الحديث فقال له: يا أبا البلاد: إن امرأته قد نشزت علي وغمتني فادخل عليها وأخبرها بمكاني من الناس وموضعي عندهم فدخل عليها فقال: إن الله قد أحسن قسمك هذا شيخنا وسيدنا وعنه نأخذ ديننا وحلالنا وحرامنا لا يغرك عموشة عينيه ولا خموشة ساقيه فغضب الأعمش عليه وقال: أعمى الله قلبك قد أخبرتها بعيوبي كلها أخرج من بيتي فأخرجه.
زيادة المرء أو نقصه في التكلم: عن محمد بن سلام قال: قال الشعبي: كان شاب يجلس إلى الأحنف فأعجبه ما رأى من صمته إلى أن قال له ذات يوم: أود أن تكون على شرف هذا المسجد وإن لك مائة ألف درهم فقال له: يا ابن أخي والله إن مائة الألف لمحروص عليها ولكني قد كبرت وما أقدر على القيام على هذه الشرفة وقام الفتى فلما ولى قال الأحنف: الطويل: وكأين ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم مزاح ابن عمر: عن نافع قال: كان ابن عمر يمازح جارة له فيقول: خلقني خالق الكرام وخلقك خالق اللئام.
فتغضب وتصيح وتبكي ويضحك ابن عمر.
من قصص ابن أبي الشوارب: عن محمد بن الحسن بن زياد عن بعض ولد أبي الشوارب وكان أحمق أن أباه أمره بتقيير حب فقيره من خارج فقال له أبوه: ما هذا الفعل قال: إذا شئت أن تقلبه فاقلبه.
وحكي أن هذا المذكور قد احتلم ليلة في وقت بارد وكره أن ينغمس في الماء البارد وطلب شيئاً يسخن فيه الماء فلم يجد فنزع ثوبه وعبر النهر سباحة حتى استعار شيئاً يسخن فيه الماء ورجع سباحة ثم سخن فيه واغتسل.
عن أبي العيناء أنه قال: رأيت يوماً في الوراقين منادياً مغفلاً في يده مصحف مخلق الأداة فقلت له: ناد عليه بالبراءة من العيب وأنا أعني به الأداءة فأقبل ينادي بالبراءة مما فيه فأوقعوا به.
لماذا لم يوتر المغفل: عن البحتري قال: قال لي السراج: منذ أربعين سنة لم أوتر خلافاً لمن يوجبها قلت: أنظر إلى تغفيل هذا الرجل كيف ترك واجباً عند قوم وسنة عند الأكثرين وما يضر من أوجبها من تركه إياها.
لا أبيت في هذه البلدة: عن معمر أنه قال: دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم لهم رواد فظننت فيهم الخير فجلست إليهم فإذا هم ينتقصو علي بن أبي طالب ويقعون فيه فقمت من عندهم فإذا شيخ يصلي ظننت فيه الخير فجلست إليه فلما أحس بي وسلم قلت: يا عبد الله ما ترى هؤلاء القوم ينتقصون علياً ويشتمونه وجعلت أحدثه بمناقبه وأنه زوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو الحسنين وابن عم الرسول فقال: يا عبد الله ما لقي الناس من الناس ولو أن أحداً نجا من الناس لنجا منهم أبو محمد رحمه الله هو ذا يشتم وحده.
قلت: ومن أبو محمد قال: الحجاج بن يوسف.
وجعل يبكي فقمت عنه وقلت: لا يحل لي أن أبيت في هذه البلدة فخرجت من يومي.
أعجب ما أرى في الكوفة: قال: وفي هذا المعنى قال ابن الماجشون: كان لي صديق مدني فقدته مدة ثم رأيته فسألته عن حاله فقال: كنت بالكوفة فقلت: كيف أقمت بها وهم يسبون أبا بكر وعمر فقال: يا أخي قد رأيت منهم أعجب من ذا قلت: وما هو قال: يفضلون الكباشي على معبد في الغناء فسمع المهدي بذلك فضحك حتى استلقى.
الشعير أولاً: وعن علي بن مهدي قال: مر طبيب بأبي واسع فشكا إليه ريحاً في بطنه فقال له: خذ الصعتر.
فقال: يا غلام دواة وقرطاس وقال: قلت ماذا أصلحك الله قلت: كف صعتر ومكوك شعير فقال: لم لم تذكر الشعير أولاً قال: ما علمت أنك حمار إلا الساعة.
خبير بالبراذين: وعن ابن خلف قال: كان رجل يعرف بالمسكي يدعي البصر بالبراذين فنظر يوماً إلى برذون واقف قد بلع رأس اللجام فقال: العجب كيف لا يزرعه القيء أنا لو أدخلت أصبعي في حلقي لما بقي في جوفي شيء قال: قلت الآن علمت أنك بصير بالبراذين.
إذا جاء رمضان استويا في العمر: قال: وسأل أبو نواس أحد الوراقين الذين كانوا يكتبون في حانوت أبي داود: أي أسن أنت أم أخوك قال: إذا جاء رمضان استوينا.
قال: وسرقت منه دراهم فقيل له: نرجو أن نكون في ميزانك فقال: من الميزان سرقت.
لا أحتاج إلى أحد: وقيل لسورة الواسطي وأراد سفراً: أحسن الله صحابتك: قال: ما أحتاج الموضع أقرب من ذلك.
يموت إن شاء الله: عن أبي حصين قال: عاد رجلٌ عليلاً فعزاهم فيه إنه لم يمت فقال: يموت إن شاء الله.
وعن أبي عاصم قال: قال رجل لأبي حنيفة: متى يحرم الطعام على الصائم قال: إذا طلع الفجر قال: وإذا طلع الفجر نصف الليل قال: قم يا أعرج.
جليس أبي حنيفة: عن أبي بكر بن مروان قال: كان يجلس إلى أبي حنيفة رجل يطيل الصمت فأعجب ذلك أبو حنيفة وأراد أن يبسطه فقال له: يا فتى ما لك لا تخوض فيما نخوض فيه فقال الفتى: متى يحرم على الصائم الطعام فقال أبو حنيفة: أنت رجل أعرف بنفسك.
جليس أبي يوسف: وعن طاهر الزهري قال: كان رجل يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت فقال له أبو يوسف: ألا تتكلم قال: بلى متى يفطر الصائم قال: إذا غابت الشمس قال: فإن لم تغب إلى نصف الليل فضحك أبو يوسف وقال: أصبت في صمتك وأخطأت في استدعائي لنطقك ثم قال: الطويل: عجبت لإزراء العيي بنفسه وصمت الذي كان بالصمت أعلما وفي الصمت ستر للعيي وإنما صحيفة لب المرء أن يتكلما عن أبي الحسن المدني قال: سرق لأبي الجهم بن عطية حمار فقال: لا والله يا رب ما أخذ حماري غيرك وأنت تعرف موضعه فاردده علي.
إنه يعرف لبس أمه: عن مسعود قال: وجه عمرو بن سلمة ابن قتيبة أخاه ليشتري لأمه كفناً فقال للبائع: لا تنتخبه فإنها رحمها الله كانت رديئة اللبس.
مسألة غامضة قال الدارقطني: عن أبي الحسين بن عبد الرحيم الخياط قال: كنت جالساً عند أحمد بن الحسين فجاءته امرأة برقعة فيها مسألة فقال لي: اقرأها علي يا أبا الحسين فقرأتها فإذا فيها: رجل قال لامرأته أنت طالق إن ثم وقف عند إن فقال لها: فما حال إن قالت: لسن أعرف عند إن.
فقال لي: أعد القراءة فأعدت عليه كما قرأت أول مرة فقال لها: فثم وقف عند إن هذه ولم يتم قالت: لا والله ما أعرف وقف عند إن قال: وكان في المسجد جماعة فقال لهم: أنظروا فقرأوا كلهم كما قرأت ثم تنبه بعضهم لذلك فقال: إنما هو: رجل قال لامرأته أنت طالق إن ثم وقف عند إن.
وعن المرزبان قال: قال أبو عثمان البصري: كان أخوة ثلاثة أبو قطيفة والطبلي وأبو كلير وهم ولد غياث بن أسيد فأما أحدهم فكان يحج عن حمزة بن عبد المطلب ويقول: استشهد قبل أن يحج والآخر يضحي عن أبي بكر وعمر ويقول: غلطا في ترك الأضحية والآخر يفطر عن عائشة أيام التشريق ويقول: غلطت في صوم أيام العيد فمن صام عن أبيه فأنا أفطر عن أمي عائشة.