-1-
شاهدتها فجاة تتجسد امامى , قادمة من ليالى الفرحة وأزمنة الصفاء قادمة من النور والبللور والنقاء. عرفتها على الفور عرفت وجهها الرقيق الحالم عرفت شعرها الجميل الهادئ عرفت جبينها النبيل الواسع عرفت عينيها اللامعتين كنجم , العميقتين كبئر , الصافيتين كنهر , الواسعتين كبحر ,فيهم فوق ذلك من الحركة ما يجذب كل من يقع عليه بصره , شاءوا أم أبوا . بدات تتقدم نحوى وهى مبتسمة كالسماء الضحوك وفجاة وبدون مقدمات يستيقظ صاحبنا من حلمه !
ويقول فى نفسه : كنت اتمنى فعلا لو نمت لوقت اطول. فإنه حلم الليلة الماضية ولكننى من جديد افيق قبل نهايته.
نظر إلى الساعة التى كانت تشير إلى الرابعة صباحا
وسأل نفسه : ماذا عساى ان افعل فى هذه الساعة ؟ نهض وفتح النافذة وظل ينظر إلى القمر واطلق العنان لخياله وظل يسرح فى الخيالات والحكايات لقد ادرك حقا ان لهذه الفتاة سحر لم يروى عنه فى الحكايات او قصص الغرام كان يقول لنفسه وهو محملق فى سماء يسكنها القمر : إلى اين انا ذاهب ؟ إلى طريق حب ام إلى مصير غامض ومجهول ام لا هذا ولا ذاك وإنما هى اعراض مراهقة يصاب بها اى شخص فى هذا السن , ولكنه قرر ان يقتحم كل هذا الكم من الغموض والتساءلات.
دخل صاحبنا إلى غرفته مرة اخرى لينام بعد ان مضى وقت طويل فى التفكير والشمس قد بدات تنثر اشعتها فى كل مكان.
بعد ان استيقظ من نومه قرر ان يذهب فى هذا المساء إلى صديقه المتيم او نصفه الآخر كما يرى البعض وبالفعل قابله وبدا يتجاذبان اطراف الحديث ثم تذكر صاحبنا الهدف الرئيسى الذى أتى من أجله وبدا معه الحوار كالآتى
-حقا نسيت أن اخبرك عن ما يراود خلدى منذ ايام
- الفتاة التى اخبرتك عنها
- فيقول : ألا زلت تفكر فى هذا الموضوع من جديد
- يرد حانقا : كيف لك ان تحب وتعشق من ليس لك ؟ أتحب امراة ليست من ملتك او حتى ديانتك ؟ اذا أنت بهذه الطريقة تريد ان تخلط الزيت بالماء !
- يرد فى لهفة : مهلا مهلا اى زيت واى ماء وما شان هذا بما احكى لك عنه
اننى مجرد انى احببت أمراة ولم اقل اتزوجها ثم ان الحب هو شعور يولد بين شخصين بغض النظر عن اشكالهم والوانهم وجنسياتهم او حتى دياناتهم فالحب لا يعرف من هذا ولا ذاك
- اذن ما فائدة الحب بدون زواج ؟
- ليست القيمة فى الزواج او بمعنى آخر ليست نهاية السعادة الحقيقة بين اى عاشقين هى الزواج فكم من متزوج يعيش حياة نكرة لا قيمة لها , لكن تكمن القيمة الحقيقة فى اننا نستطيع ان نعيش كل لحظة حب وعشق مع الشخص الذى نختاره واظن بان هذا ما سوف يصبح خالدا فى الذاكرة ولو كانت القيمة فى الزواج فأنا متنازل عنها الأن
- وهل تعتقد بان الآخرين سينظرون لما تقوله بمثل هذه النظرة ؟
- يقول: ليست مشكلتى إن لم يفهم البعض ما اعنيه فهذه مشكلتهم وفى النهاية ايضا هذه ثقافتى وقناعتى اكتب ما اشعر به واقول ما انا مؤمن به
ثم بدأ يستبطن ما بداخله فيقول لصاحبه : أتدرى كلما اشرقت شمس وغاب قمر وازداد سمك الجدار الذى بيننا يبنيه القدر كل يوم كلما شعرت بآسى شديد يتجمع داخل قلبى وحسرة لا ادرى من اين تألفت ؟
لا اعرف حقا لما كل هذا التعنت الشديد من القدر؟!؟.
لقد لمعت فى عينيه كل هذه المشاعر وبدا وكانه يشعر بضيق شديد أَلم على قلبه
ثم نظر فى ساعته وقال : علىِ أن اذهب الأن فيبدو ان الوقت تأخر بعض الشئ
واثناء سيره ناداه صديقه فقال له وهو مبتسم : اريد ان اذكرك بشئ صغير ربما قد تكون تناسيته او ربما طغيان العشق طغى على الفكر لديك
فتذكر انه من الممكن ان يعشق العصفور سمكة ولكن المصيبة والمأساة اين سيعيشان ؟ فهذه هى مأساة من يقع فى حب من ليس له , دائما وفى النهاية يطير الأخر بينما الآخر يسبح فى بحر الأحزان او يحاول الطيران فيموت .. !
- نظر اليه ولكنه لم يكن يبالى او يضع كلامه امام نصب الأعين ثم قال له إلى اللقاء وناداه بنبرة عالية ساخرة : او وداع لا لقاء بعده كما قال قيصر
