الجراجمة
في أثناء الحروب والغارات بين المسلمين والبيزنطيين، في عهد
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، كان هناك طرف ثالث
يشارك في النزاع القائم بينهما، يطلقون على أنفسهم اسم
((الجُرَاجمِة)) نسبة إلى مدينة((الجُرَجُومة))، وأصولهم غير
معروفة، ويشير البلاذري إلى أنهم كانوا يدينون بالنصرانية
وأنهم كانوا لذلك يتبعون((بطريق أنطاكية وواليها))وعندما فتح
المسلمون بلاد الشام أرسل أبو عبيدة عامر بن الجراح حبيب بن
مسلمة الفهري: فغزا الجرجومة فلم يقاتلها أهلها ولكنهم بادروا
بطلب الأمان والصلح، فصالحوه على أن يكونوا أعواناً للمسلمين
وعيوناً ومسالح في جبل اللكام، وأن لا يُؤخَذوا بالجزية، وأن
يُنَفَّلوا أسلاب من يقتلون من عدوّ المسلمين إذا حضروا حرباً
معهم في مغازيهم ولكن الجراجمة لم يلبثوا أن نقضوا اتفاقهم
هذا، وصنعواً حاجزاً بين المسلمين والبيزنطيين واستطاعوا
عرقلة سير الفتوحات الإسلامية في آسيا الصغرى، فكانوا
متذبذبين مرّة مع المسلمين وأخرى مع الروم وقد بقيت شوكة في
ظهر الجيوش الإسلامية ليس في عهد معاوية لكن حتى عهد عبد
الملك، ثم ما لبثت أن تفرقت في بلاد الشام وآسيا الصغرى، فخفَّ
خطرها. وعلى أية حال، فلابد من القول بأن الانشاءات
والمجهودات التي قام بها معاوية رضي الله عنه في سبيل
الوصول إلى القسطنطينية وان كانت لم تثمر خلال حياته إلا أنها
لعبت دوراً أساسياً في حفز من جاؤوا بعده من الخلفاء لأن يكملوا
المسيرة التي بدأها.
جبهة شمال أفريقيا
كانت جبهة شمال أفريقيا، من أولى الجبهات التي وجه إليها
اهتمامه، لأنها تتاخم حدود مصر الغربية من ناحية ومن ناحية
أخرى فهي تخضع لنفوذ الدولة البيزنطية، العدو اللدود للمسلمين
والتي صمم أمير المؤمنين معاوية على تضييق الخناق عليها،
وعدم إعطائها فرصة لالتقاط أنفاسها، ففي الوقت الذي واصل فيه
ضغطه عليها من الشرق، وزحفه على جزرها في البحر المتوسط
تمهيداً للوصول إلى عاصمتها القسطنطينية ـ كما سبق ذكره ـ
نراه قد قرر أن يطوقها من الجنوب، من شواطي شمال إفريقيا
التي كانت تعتبرها من أملاكها، ففي أول سنة من حكمه 41هـ
أرسل معاوية بن حديج
على رأس حملة إلى إفريقيا ثم أرسله ثانية سنة 45هـ على رأس
حملة من عشرة الآف مقاتل، فمضى حتى دخل إفريقيا وكان معه
عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الملك بن
مروان، ويحيى بن الحكم بن العاص، وغيرهم من أشراف قريش،
فبعث ملك الروم إلى إفريقية بطريقاً يقال له: نقفورا في ثلاثين
ألف مقاتل، فنزل الساحل، فأخرج إليه معاوية بن حديج عبد الله
بن الزبير في خيل كثيفة، فسار حتى نزل على شرف عال ينظر
منه إلى البحر بينه وبين مدينة سوسة ، اثنا عشر ميلاً، فلما بلغ
ذلك نقفوراً أقلع من في البحر منهزماً من غير قتال، ورجع بن
الزبير إلى معاوية بن حديج وهو بجبل القرن، ثم وجه ابن حديج
عبد الملك بن مروان في ألف فارس إلى مدينة جلولاء فحاصرها
وقتل من أهلها عدداً كثيراً حتى فتحها عنوة، وأغزى معاوية بن
حديج جيشاً في البحر إلى صقلية في مائتي مركب، فسبوا وغنموا
وأقاموا شهراً، ثم انصرفوا إلى إفريقيا بغنائم كثيرة ، وبعد هذه
الفتوح عاد معاوية بن حديج إلى مصر دون أن يترك قائداً أو
عاملاً، ويفهم من هذا التصرف ومن سلوك معاوية بن حديج أثناء
هذه الغزوة أن البربر أهل البلاد كانوا قد أصبحوا حلفاء للمسلمين
على الروم، وأن المسلمين كانوا يكتفون إلى ذلك الحين بإبعاد
الخطر الرومي من هذه الناحية وعندما استعاد معاوية بن حديج
طرابلس الغرب ترك فيها رويفع بن ثابت الأنصاري والياً عليها
سنة 46هـ فغزا منها إفريقيا ((تونس)) ودخلها سنة 47هـ ،
وفتح جزيرة جربة التي كان يسكنها البربر، وقد تحدثت المراجع
عن كثرة السبايا في هذه الغزوة وقام رويفع بن ثابت الأنصاري
بتذكير المسلمين في هذه بأحكام وطء السبايا، حيث قال: أما أني
لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
يوم حنين: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه
زرع غيره ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على
امراة من السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله
واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يُقسم وقد بقي في ولاية
طرابلس الغرب ثم ولاه مسلمة بن مخلد ولاية مصر وبرقة، وبقي
عليها أميراً ومات بها سنة 56هـ وقبره معروف في الجبل
الأخضر ببرقة في مدينة البيضاء وهو آخر من توفي من الصحابة
هناك، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث، وان
فقيهاً من أصحاب الفتيا من الصحابة وكان خطيباً مفوهاً-
يتبع
__________________
قالوا كذبا : دعوة رجعية -- معزولة عن قرنها العشرين
الناس تنظر للأمام ، فما لهم -- يدعوننا لنعود قبل قرون؟
رجعية أنّا نغارُ لديننا -- و نقوم بالمفروض و المسنون!
رجعية أن الرسول زعيمنا -- لسنا الذيول لـ "مارْكسٍ" و " لِنين" !
رجعية أن يَحْكُمَ الإسلامُ في -- شعبٍ يرى الإسلامَ أعظم دين !
أوَليس شرعُ الله ، شرعُ محمدٍ ------ أولى بنا من شرْعِ نابليون؟!
يا رب إن تكُ هذه رجعيةً ------ فاحشُرْنِ رجعياً بيومِ الدين !
|