وفاة أ مير المؤمنين أ با العباس الوليد بن عبد الملك
وكانت وفاة الوليد يوم السبت في النصف من جمادى الآخرة سنة ست
وتسعين في قول جميع أهل السير،
وكان آخر ما تكلم به الوليد عند موته: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله
وكان نقش خاتمه: يا وليد إنك ميت، وكان عمر بن عبد العزيز ممن حضر
دفنه قال: لتنزلنه غير موسد ولا ممهد قد، خلفت الأسباب وفارقت الأحباب،
وسكنت التراب، وواجهت الحساب، فقيراً إلى ما تقدم عليه غنيِّا عما يخلف.
واختلف في قدر مدة خلافته واخترت قول الزهري في ذلك: ملك الوليد
عشر سنين إلا شهراً، واختلف في سنه لما مات فقيل ست وأربعين سنة
وأشهر، وقيل توفي وهو ابن خمس وأربعين سنة وقيل وهو ابن اثنتين وأربعين
سنة وأشهر وقيل سبع وأربعين سنة، وقيل صلى عليه عمر بن عبد العزيز
وكان له: تسعة عشر ابناً: عبد العزيز ومحمد والعباس، وإبراهيم، وتمام،
وخالد، وعبد الرحمن، ومبشر، مسرور، وأبو عبيدة، وصدقة، ومنصور،
ومروان، وعنبسة، وعمرو، وروح، وبشر، ويزيد، ويحي،. وأم عبد العزيز
ومحمد أم البنين بينت عبد العزيز بن مروان، وأم أبي عبيدة فزارية، وسائرهم لأمهات شتى.
وقد شب الوليد على حب القرآن الكريم والاكثار من تلاوته وحث الناس
على حفظه وإجازتهم على ذلك، حدث إبراهيم بن أبي عبلة قال: قال لي:
الوليد بن عبد الملك يوماً في كم تختم القرآن؟ قالت: كذا وكذا، فقال: أمير
المؤمنين على شغله يختمه في ثلاث ـ وقيل في سبع ـ قال: وكان يقرأ في
شهر رمضان سبعة عشرة ختمة، قال إبراهيم: رحم الله الوليد، وأين مثله؟ بنى
مسجد دمشق، وكان يعطيني قطع الفضة، فأقسمها على قرّاء بيت المقدس،
ورى الطبري أن رجلاً من بني مخزوم سأل الوليد قضاء دين عليه. فقال: نعم
إن كنت مستحقاً لذلك، قال: يا أمير المؤمنين، وكيف لا أكون مستحقاً
لذلك مع قرابتي؟ قال: أقرأت القرآن؟ قال: لا، قال: أدن مني فدنا منه، فنزع
عمامته بقضيب كان في يده وقرعه قرعات بالقضيب، وقال للرجل: ضم
إليك هذا فلا يفارقك حتى يقرأ القرآن، فقام إليه عثمان بن يزيد بن خالد...
فقال يا أمير المؤمنين إن علي ديناً، فقال: أقرأت القرآن قال: نعم، فاستقرأه
عشر آيات من الأنفال، وعشر آيات من براءة، فقرأ، فقال: نعم نقض عنكم،
ونصل أرحامكم على هذا. وقال عنه ابن كثير: .. فقد كان صيناً في نفسه
حازماً في رأيه يقال: إنه لا تعرف له صبوة.
وبلغت الدولة في عهده أ وج عظمتها واتساعها ودانت الدنيا للخلافة الاموية
من شرقها الي غربها .
رحم الله أبا العباس امير المؤمنين وطيب ثراه