عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15-12-2007, 05:41 PM
سيد عثمان سيد عثمان غير متواجد حالياً
مدرس كيمياء
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
المشاركات: 2,359
معدل تقييم المستوى: 0
سيد عثمان is an unknown quantity at this point
افتراضي

وجميع ذرات الكربون متكافئة من حيث التماثل وتشكل سطحا مغلقا، مكونا من مجموعة من الأضلاع الخماسية والسداسية المنتظمة.

وتصنع كرات باكي عندما تصطدم ذرات كربون ساخنة جدا وشظايا الجرافيت بعضها بالبعض.

وتلتف شظايا الجرافيت لأن الذرات الموجودة في الحواف المتآكلة لطبقاتها الرقيقة، تكون متلهفة للالتصاق بأي شيء. فـإذا قُدّر لأي ذرةكربون واحدة أن تصطدم بالحافة، فيمكنها أن ترتبط بطرفين سائبين لتكوين شكل خماسي. وهذه الأشكال الخماسية تميل لجعل السطح أكثر تقوسا.

أما طبقةالأشكال السداسية- في شظايا الجرافيت - فتميل لجعل السطح مسطحا، وعندما تختلط الخماسيات والسداسيات، فإن الخماسيات تبتعد عن بعضها البعض لأن وجودها متجاورةيجعلها غير مستقرة، ومن ثم يلتف السطح إلى أعلى حتى ينغلق تماما، حيث تفصلالسداسيات بين الخماسيات وكذلك بين بعضها البعض. وهكذا يبدو جزيء ك- 60 مثل كرةالقدم المجوفة، وهو الجزيء الوحيد لأي عنصر منفرد يتخذ شكلا كرويا.

اكتشاف الجزيء السحريإن االقصة وراء اكتشاف كرة باكي لا تقل غرابة عن تركيبها. ففي عام 1984 كان فريق عمل يرأسه ريتشارد سمالي الأمريكي، يدرس خواص بعضالعناقيد الذرية Atomic Clusters (أكبر من الجزيئات ولكنها أصغر من الأجسام الصلبةالمرئية) لعدة عناصر بجهاز يستخدم أشعة الليزر والموجات فوق الصوتية، واقترح عليهم أستاذ جامعي إنجليزي زائر هو هارولد كروتو، إضافة الكربون إلى قائمة العناصر تحت الدراسة، إذ كان يبحث في الأصول الممكنة لجزيئات الكربون طويلة السلسلة الموجودة في الفضاء بين النجوم، والتي ربما تكونت في أفران النجوم المعروفة باسم "العمالقةالحمر" Red Giant الغنية بالكربون.

وكان من رأي كروتو أن الجهازالذي يستخدمه سمالي، قد ولّد درجات حرارة تصل إلى عشرات الآلاف من الدرجات المئوية - وهي تزيد على سخونة سطح العملاق الأحمر- كان طريقة معملية مناسبة لمحاكاة هذاالفرن الكوني، ومن ثم اختبار صحة نظريته التي كانت تتلخص في أن جزيئات الكربون الدقيقة المنتشرة بين النجوم، تمتص الضوء بطريقة مثيرة يمكن أن تساعد على فهم الكون بطريقة أفضل.

وعندما نجح فريق العمل في تحطيم الكربون، نتجت عناقيد ذرية عديدة. ولكن كان هناك شيء عجيب في "العناقيد" ذات الـ 60 ذرة كربون، إذ كانت تزيد في كميتها بمقدار ثلاثة أمثال على أي عناقيد أخرى ذات عدد زوجي منالذرات.

وتساءل سمالي في دهشة: لماذا نتج هذا العدد الكبير من "عناقيد" ك - 60؟! وكان أحد التفسيرات أن هذه العناقيد تكوّن "شطائر" كربونية أي طبقات رقيقة مستوية من المادة تحتوي على أعداد كبيرة من الذرات وتشتمل على مجموعات سداسية شبه جرافيتية.

وبمزيد من الدراسة اتضح أن ك- 60 ليس "عنقودامن الذرات" ولكنه "جزيء" Molecule (أصغر جزء من المادة يوجد مستقلا ويحتفظ بخواص هذه المادة) وبالتحديد جزيء على شكل كرة قدم مفرغة ولعل هذه الطبقات الرقيقة المستوية، التفت حول نفسها لتكوين هذا الشكل الكروي المميز.

ولكن بعد إعلان هذا الاكتشاف المذهل في عام 1985، وجد سمالي وكروتو وفريق العمل أنفسهم في ورطة، فلم يكن لديهم سوى أجزاء من الملليجرام من الجزيء الجديد ك- 60، وهذا لايكفي حتى لإثبات وجوده! واستمرت الأبحاث العلمية على كرات باكي.وفي أوائل عام 1991تمكن بعض الكيمائيين من إنتاج كميات كبيرة نسبيا من الجزيء ك- 60 تصلح للأبحاث العلمية، تبلغ نحو جرام واحد يوميا، ولكنهم يتوقعون أنه خلال عشر سنوات فقط من العمل المتواصل، سوف توجد مصانع كبيرة لإنتاج هذه الجزيئات السحرية بكميات كافية،بحيث يصل سعر الكيلو جرام من كرات باكي إلى بضعة دولارات فقط.

والطريقة الجديدة لاستخلاص كرات باكي، تتلخص في استخدام قوس كهربائي لتسخين قضيب كربوني رقيق إلى درجة حرارة عالية في جو من الهليوم تحت ضغط منخفض، مما يؤدي إلىتكوين مسحوق ناعم يطلق عليه (سناج) Soot، من الكربون النقي يمكن منه استخراج جزيئات ك- 60. وقد أمكن أيضا صنع تكوينات أصغر تسمى "كريات باكي" تضم 32 ذرة فقط، ولكن لأنها تحتوي على أشكال خماسية متجاورة فإنها أقل استقرارا بكثير. وإذا أضيف إليهاعدد من الأشكال السداسية يمكن صنع كمية كبيرة من الجزيئات الأضخم ذات العدد الزوجيمن الذرات مثل ك- 70، ك - 76،- ك- 78، ك- 82.. وتختلف أشكال هذه الجزيئات عن ك- 60الفريد، فعلى سبيل المثال الجزيء ك- 70 يمتلك حزاما زائدا مكونا من 10 ذرات حول خط استوائه، مما يجعله ذا شكل شبه كروي أكثر استطالة (بيضاوي).

واتضح أن هناك عائلة كبيرة من هذه الجزيئات الكربونية العملاقة، أطلق عليها "الفلورينات" Fullerenes تتميز بخواص كهربية ومغناطيسية وبصرية غريبة.

وفي ربيع عام 1991، تمكّن الكيميائيون لأول مرة من التقاط صورة لجزيء كرة باكي، بواسطةالأشعة السينية، وبمساعدة الكمبيوتر. واتضح من تركيبه البلوري كيفية ترتيب الـ 60ذرة كربون به، والتركيبات الخماسية والسداسية المتجاورة، كما تأكد شكله الهندسي الكروي الذي يتصف بصلابة غير عادية.

ولأغراض الدراسة، كان لابد من الإمساك بهذا الجزيء العجيب بواسطة مقبض كيميائي من عنصر الأزميوم- الذي يثبت الجزيئات في أماكنها- لإيقاف دورانه المروّع حول نفسه، إذ إنه يدور بمعدل ألف مليون مرة في الثانية الواحدة!.



آخر تعديل بواسطة سيد عثمان ، 15-12-2007 الساعة 06:25 PM