استخدامات مذهلةتساءل العلماء: عندما نحصل على كرات باكي، ما الذي سوف نفعله بها؟.
إن الطرقالكيميائية تصل إلى الحلول ببطء شديد، ومع ذلك فقد حققت العبقرية الكيميائية نجاحاسريعا فيما يتعلق باستخدامات جزيء الكربون العملاق ك- 60، إذ اتضح أنه مستقر تماماومقاوم للنشاط الإشعاعي، والتآكل الكيميائي، ويتقبل الإلكترونات بشراهة ولكنه لايمانع في إطلاقها، كما أن له صفات كهربية عجيبة.
وبعد دراسة هذهالخصائص الفريدة لكرات باكي، أخذ العلماء يطلقون لأفكارهم وتصوراتهم العنان لبعضالتطبيقات، مثل قيامها بنقل النظائر المشعة إلى داخل الجسم البشري بهدف تشخيصالحالات المرضية أو نقل الهرمونات أو أي عقاقير لعلاج بعض الأمراض، وأحد الأفكارالمطروحة للعلاج بالمواد المقاومة للأورام السرطانية، هي إدخال نظائر مشعة في كراتباكي، حيث يعمل الحاجز الكربوني على حفظ سلامة هذه النظائر بعد حقن مريض السرطانبها.
كما يمكن تصميم بطارية فائقة القوة وخفيفة الوزن، وذلك بتغليفذرات عنصر الليثيوم والفلور (التي تُولّد طاقة عند اجتماعهما معا) داخل قفص جزيء ك- 60، لحمايتها من تأثير الأكسوجين الجوي عليها، وإذا أمكن ربط سلسلة من كرات باكيمعا، فإنها تشكل الأساس لأنواع جديدة من اللدائن الصناعية ذات خصائصمتفردة.
ووجد العلماء حديثا طريقة لاستخدام هذه الجزيئات الكربونيةالضخمة، كأقفاص لاقتناص ذرات بعض العناصر- كالهليوم- ومن ثم تستخدم كمتتبعاتكيميائية رائعة، لمراقبة انتشار المواد الملوثة من نقطة تفريغها في أحد الأنهار. ويمكن الكشف عن أي مقادير ضئيلة جدا من الهليوم، لأنه لا يوجد حولنا في الجو مركباتمنه. وعلى سبيل المثال إذا أذيب مليجرام من الهليوم في حوض سباحة، وقُلّب جيدا،فيمكن الكشف عن ذرات الهليوم وكرات باكي، في نقطة واحدة من الماء. وتعتبر كرات باكيوالهليوم أكثر ملاءمة للاستخدام من المتتبعات المشعة التي تستعمل في الوقتالحاضر.
وفي إحدى التجارب على جزيئات ك- 60، تم إطلاقها داخل جدارمن الصلب الذي لا يصدأ بسرعة تبلغ 24 ألف كيلو متر في الساعة، فارتدت إلى الخلف دونأن يصيبها ضرر، ومن ثم اتضح أنها مرنة أكثر من أي جزيئات أخرى معروفة حتى الوقتالحاضر. وهذه الخاصية تجعلها صالحة لاستخدامها وقوداً للصواريخ ومركبات الفضاء، حيثيمكنها أن تتحمل ضغوطا هائلة.
ويخطو علماء فيزياء الجوامد خطواتكبيرة لا تقل أهمية. فقد وجدوا أن المواد الصلبة المكونة من كرات باكي، تتميز بخواصمدهشة فعندما تتبلور هذه الجزيئات العملاقة، فإنها تندمج مع بعضها البعض، وتصبح مثلكومة من البرتقال لدى بائع الفاكهة، وترتبط جزيئات ك- 60 ببعضها بقوى ضعيفة مثل تلكالتي بين طبقات الجرافيت.
وأي كتلة من كرات باكي يمكن ضغطها إلى 70% من حجمها الأصلي عند ضغط يبلغ ثلاثة آلاف ضغط جوي، وعندما يرفع عنها هذا الضغطفإنها ترتد إلى شكلها العادي، لكنها إذا ضغطت بقوة تجاه بعضها البعض، فإن ذراتالكربون في الكرات المتجاورة تبدأ في التنافر بشدة فيما بينها، وتصبح المادة شديدةالصلادة كالألماس. وإذا ازداد الضغط بسرعة وبقوة هائلة، فإن كرات باكي تتحول إلىألماس بالفعل، وهذا التحول يمكن أن يكون مهما في الأغراض الصناعية.
والقوى الكيميائية الضعيفة بين كرات باكي، هي أكبر نقطة ضعف فيها. إذ يمكن تمزيقهذه القوى بالحرارة العالية، فعند درجة حرارة تبلغ ثلاثمائة درجة مئوية أو نحو ذلك،تبدأ الكتلة الصلبة من كرات باكي في "التبخر"، ومن ثم لا يمكن استخدامها كموادتشحيم - كالجرافيت- إذ لابد أن تتحمل درجات حرارة مرتفعة.
وقد اتضحأنه لو وضعت بعض ذرات من عناصر أخرى بين كرات باكي ثم خفضت درجة الحرارة جدا، فإنشيئا غريبا سوف يحدث، إذ وجد العلماء أن تبريد خليط من كرات باكي والبوتاسيوم إلى 255 درجة مئوية تحت الصفر، يجعله موصلال فائقا Super conductor أي أن التيارالكهربائي يمر خلاله بدون أي مقاومة أو فقد للطاقة. ويمكن تشبيه هذا الخليط من ك - 60 والبوتاسيوم (أو أي مواد أخرى)، بأن بائع الفاكهة الفنان قد "حشر" بعض المشمش فيالفراغات التي بين كوم البرتقال لديه.
|