أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)
{ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله؟ } . .
وليس لأحد من خلق الله أن يشرع غير ما شرعه الله وأذن به كائنا من كان؛
فالله وحده هو الذي يشرع لعباده .
بما أنه سبحانه هو مبدع هذا الكون كله ،
ومدبره بالنواميس الكلية الكبرى التي اختارها له . والحياة البشرية إن هي إلا ترس صغير في عجلة هذا الكون الكبير ،
فينبغي أن يحكمها تشريع يتمشى مع تلك النواميس؛
ولا يتحقق هذا إلا حين يشرع لها المحيط بتلك النواميس .
وكل من عدا الله قاصر عن تلك الإحاطة بلا جدال .
فلا يؤتمن على التشريع لحياة البشر مع ذلك القصور .
ومع وضوح هذه الحقيقة إلى حد البداهة؛
فإن الكثيرين يجادلون فيها ،
أو لا يقتنعون بها ،
وهم يجرؤون على استمداد التشريع من غير ما شرع الله ،
زاعمين أنهم يختارون الخير لشعوبهم ،
ويوائمون بين ظروفهم والتشريع الذي ينشئونه من عند أنفسهم .
كأنما هم أعلم من الله وأحكم من الله!
أو كأنما لهم شركاء من دون الله يشرعون لهم ما لم يأذن به الله!
وليس أخيب من ذلك ولا أجرأ على الله!
لقد شرع الله للبشرية ما يعلم سبحانه ،
أنه يتناسق مع طبيعتها وفطرتها وطبيعة الكون الذي تعيش فيه وفطرته .
ومن ثم يحقق لهذه البشرية أقصى درجات التعاون فيما بينها ،
والتعاون كذلك مع القوى الكونية الكبرى .
شرع في هذا كله أصولاً ،
وترك للبشر فقط استنباط التشريعات الجزئية المتجددة مع حاجات الحياة المتجددة ،
في حدود المنهج الكلي والتشريعات العامة .
فإذا ما اختلف البشر في شىء من هذا ردوه إلى الله؛
ورجعوا به إلى تلك الأصول الكلية التي شرعها للناس ،
لتبقى ميزاناً يزن به البشر كل تشريع جزئي وكل تطبيق .
بذلك يتوحد مصدر التشريع ،
ويكون الحكم لله وحده .
وهو خير الحاكمين .
وما عدا هذا النهج فهو خروج على شريعة الله ،
وهذا ما يريده العلمانيون الآن هو انسلاخنا من الدين حتي لا يبقي منه إلا اسمه ، لدخل ورائهم في ظلمات العلمانية
ولكن هيهات هيهات