خامساً - أن أنتصر على نفسي
- أصناف الناس
- مقومات النصر في معركة النفس
- مظاهر الإنهزام النفسي
- أسباب التحصن من مداخل الشيطان
أن أنتصر على نفسي
الإنسان في صراع مع نفسه حتى ينتصر عليها أو تنتصر عليه ، أو يبقى الصراع قائماً ، والمعركة سجالاً ، إلى أن يدركه الموت وهو على ذلك ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )[1] وإلى هذا المعنى يشير الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيما قلب أُشربها نكت في قلبه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكت في قلبه نكتة بيضاء، حتى تصير على أحد قلبين : على أبيض مثل الصفاة فلا تضره فتنة، والآخر أسود مرباداً لا يعرف معروفاً ولا يُنكرُ منكراً)[2] .
والناس في معركة النفس أصناف ثلاثة:
1 – صنف انتصرت عليهم أهواؤهم، فركنوا إلى الأرض وأخلدوا إلى الدنيا. وهؤلاء هم الكفرة ومن نهج نهجهم ممن نسوا الله فأنساهم أنفسهم، ويصفهم في قرآنه ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ )[3] .
2 – وصنف يجاهدون أنفسهم، ويصارعون أهواءهم.. فينتصرون تارة وينهزمون أخرى. يخطئون فيتوبون.. يعصون الله فيندمون ويستغفرون ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )[4] وهؤلاء أشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)[5] .
ومما يروى في هذا المعنى عن ( وهب بن منبه ) أنه قال : ان ابليس لقي يحي بن زكريا عليهما السلام، فقال له يحي بن زكريا، أخبرني عن طبائع ابن آدم عندكم؟ قال ابليس : أما صنف منهم فمثلك معصومون لا نقدر منهم على شيء.. والصنف الثاني : فهم في أيدينا كالكرة في أيدي صبيانكم وقد كفونا أنفسهم.. والصنف الثالث: فهم أشد الأصناف علينا، فنقبل على أحدهم حتى ندرك حاجتنا منه ثم يفزع إلى الإستغفار فيُفسد به علينا ما أدركنا منه.. فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك حاجتنا منه..
مقومات النصر في معركة النفس
· القلب : ما كان حياً رقيقاً صافياً صلباً مشرقاً لقول علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه (إن لله تعالى في أرضه آنية وهي القلوب.. فأحبها إليه تعالى أرقها وأصفاها وأصلبها، ثم فسرها فقال: أصلبها في الدين، وأصفاها في اليقين، وأرقها على الإخوان) وقوله ( قلب المؤمن يزهر، وقلب الكافر أسود منكوس )[6] .
والقرآن الكريم يصور قلوب المؤمنين فيقول (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )[7] بينما يصور قلوب الكافرين فيقول (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[8] ويقول (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[9] .
· العقل : ما كان بصيراً، مدركاً، مميزاً، مقتبساً العلوم التي بها ينال القرب من الله ويدرك عظمته وقدرته وهو منطا قوله تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)[10] .
ولقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قيمة هذه النعمة بقوله ( ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من العقل )[11] وقوله إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (إذا تقرب الناس إلى الله تعالى بأنواع البر فتقرب أنت بعقلك) وقوله ( ما اكتسب رجل مثل فضل عقل يهدي صاحبه إلى هدى ويرده عن ردى)[12].
ولذلك دفع الإسلام إلى العلم والمعرفة، وإلى التفقه في الدين، ليأخذ العقل من الأسباب ما يستعين به على التمييز بين الخير والشر والحق والباطل، فقال صلى الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )[13] وقال (فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي )[14] كل ذلك لما للعلم من قيمة وأثر في تعميق الإيمان في النفوس وفي تعريف الإنسان على حقائق هذا الكون..
فعقل المؤمن عقل واع يميز بين الخير والشر، والحلال والحرام، والمعروف والمنكر لأنه ينظر فيه بنور الله من وراء ستر رقيق (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)[15].
ونور العقل لا يطفئه إلا المعاصي والدوام عليها والمجاهرة بها وعدم التوبة منها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( قارف ذنباً فارقه عقل لا يعود إليه أبداً)[16] وقوله ( لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات والأرض )[17].
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال (لما دخلت على عثمان رضي الله عنه، وكنت قد لقيت امرأة في طريقي فنظرت إليها شزراً، وتأملت محاسنها، فقال عثمان لما دخلت : يدخل أحدكم وأثر الزنا على عينيه، أما علمت أن زنا العينين النظر؟ لتتوبن أو لأعزرنك؟ فقلت : أوحي بعد النبي؟ فقال: لا، ولكن بصيرة وبرهان وفراسة صادقة).
مظاهر الانهزام النفسي : ............. يتبع
__________________
مستر/ عصام الجاويش
معلم خبير لغه انجليزيه بمدرسه التل الكبير الثانويه بنات بمحافظه الاسماعيليه
|