عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 15-05-2011, 02:05 PM
الصورة الرمزية مستر/ عصام الجاويش
مستر/ عصام الجاويش مستر/ عصام الجاويش غير متواجد حالياً
مدرس اللغة الانجليزية للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
العمر: 58
المشاركات: 5,854
معدل تقييم المستوى: 22
مستر/ عصام الجاويش is on a distinguished road
افتراضي

ثانيًا - أن أكون مؤمنًا بوجوب العمل للإسلام

· وجوبه مبدأ .

· وجوبه حكمًا .

· وجوبه ضرورة .

· وجوبه فرديًّا وجماعيًّا .

· من جاهد فإنما يجاهد لنفسه .




إن العمل للإسلام .. لإيجاد الشخصية التي تمثله عقيدة وأخلاقًا .. لإيجاد المجتمع الذي يلتزمه فكرًا وسلوكًا .. لإيجاد الدولة التي تطبقه شريعة ومنهجًا ودستورًا، وتحمله دعوة هادية لإقامة الحق والعدل في العالمين .. إن هذا العمل، وما يحتاجه ويتصل به ويتفرع عنه ويتطلبه هو واجب إسلامي شرعي لا يسقط حتى تقوم ( السلطة ) التي تتولى القيام بهذه المسئولية وترعى شئون المسلمين .

وما دامت هذه السلطة غير موجودة، فإن كل تقصير من العاملين أو قعود من المسلمين هو في شرع الله ( إثم ) لا يرفعه إلا المبادرة السريعة للنهوض بتكاليف العمل للإسلام .

وإن مما يؤكد وجوب العمل للإسلام، وأنه تكليفي وليس تطوعيًّا، كون وجوبه يقينيًّا من عدة وجوه :



الأول : وجوبه مبدأ :


فالعمل للإسلام واجب مبدأ، لأنه مناط تكليف الله للبشر جميعًا .. للأنبياء والمرسلين أولاً، ثم للناس أجمعين، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، بدليل قوله ـ تعالى ـ : { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } وقوله : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته } وقوله : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } ( البقرة ) .

والسنة المطهرة تذخر بما روي عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحاديث تحض على الدعوة إلى الحق ومكافحة الباطل، منها قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان ) رواه الترمذي، وقوله : ( يا أيها الناس، إن الله يقول لكم : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أستجيب، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم ) رواه ابن ماجه .

وقوله : ( إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم : يا ظالم، فقد تودع منها ) رواه الحاكم .



ثانيًا : وجوبه حكمًا :
والعمل للإسلام واجب حكمًا ؛ لأن تعطيل حاكمية الله في الأرض، وهيمنة النظم والتشريعات الوضعية على المجتمعات البشرية يفرض على المسلمين العمل لإقامة المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية، وتعبيد الناس لله في معتقداتهم وأخلاقهم ونظمهم بدليل قوله ـ تعالى ـ: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا } وقوله : { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب }. وقوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وفي آية : { الظالمون }، وفي آية : { الفاسقون } ( المائدة ) .

فإذا كان تحقيق المجتمع الإسلامي والحكم بما أنزل الله واجبًا بذاته، فيصبح العمل لإقامته وإيجاده واجبًا حكمًا بدليل القاعدة الشرعية: ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) .

إن معظم الأقطار الإسلامية ـ إن لم نقل كلها ـ تحكم بأنظمة وضعية هي خليط من تشريعات رومانية ويونانية وفرنسية وغيرها، والنظم الاقتصادية السائدة في هذه الأقطار هي الرأسمالية والاشتراكية مما يجعل العمل لهدم هذه الكيانات الجاهلية واستئناف الحياة الإسلامية فريضة عين على كل مسلم حتى تعود للإسلام القيادة والقوامة .

ثم إن كثيرًا من الواجبات الشرعية يتوقف تنفيذها وممارستها على إقامة خليفة أو إمام، وهذا بالتالي مرتبط بوجود سلطة إسلامية .. فكل التشريعات المتعلقة بالأنظمة الإسلامية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كل التشريعات المتعلقة بالحكم والعقوبات والسلم والحرب والجهاد والصلح والمعاهدة، وبالمعاملات الاجتماعية والاقتصادية، هذه وغيرها من جوانب التشريع الإسلامي لا يمكن تنفيذها إلا عن طريق دولة تقوم على أساس الإسلام .



ثالثًا : وجوبه ضرورة :

والعمل للإسلام ـ كذلك ـ واجب بالضرورة لمواجهة تحديات العصر ومؤامرات أعداء الإسلام .. لوقف الموجات المادية والزحوف الإلحادية التي تتهدد الوجود الإسلامي بالاستئصال والزوال .

إن نظرة فاحصة إلى الأوضاع التي تعيشها أقطار العالم الإسلامي تؤكد ضرورة قيام مجابهة إسلامية .. بل وتجعل القيام بذلك تكليفًا شرعيًّا لا يجوز القعود عنه أو التهاون فيه .

فهنالك أقطار تشكو من سيطرة غير المسلمين عليها وتحكمهم فيها، كفلسطين وكشمير وإرتريا وقبرص وبخارى وسمرقند، وغيرها .

وهنالك أقطار تشكو من تسلط أقليات طائفية حاقدة، وتحكمها في رقاب المسلمين بقوة الحديد والنار .

وهنالك أجزاء أخرى من العالم الإسلامي تشكو من تسلط أحزاب يسارية أو يمينية عليها، كما تعيش أجزاء أخرى صراعات دموية رهيبة من جراء التطاحن بين قوى اليمين واليسار على السلطة .

وفضلاً عن كل هذا وذاك، فإن أقطار العالم الإسلامي جمعاء تعيش حالة ضياع .. حالة فوضى .. فوضى سياسية .. فوضى اجتماعية .. فوضى اقتصادية .. تعيش تدهورًا مريعًا في الأخلاق والقيم، كما في الأفكار والمعتقدات .

كل ذلك وغيره يؤكد وجوب العمل ـ ولو بالضرورة ـ لمواجهة هذه التحديات التي يواجهها الإسلام، سواء من الاستعمار والقوى الدولية في الخارج، أو من عملائه وزبانيته والمتعاونين معه في الداخل، { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله }.



رابعًا : وجوبه فرديًّا وجماعيًّا :

إن مسئولية العمل للإسلام ــ من حيث هي واجب تكليفي شرعي ــ تعتبر مسئولية( فردية ) شأنها شأن كل الواجبات والمسئوليات الشرعية الأخرى التي يترتب على القيام بها الثواب كما يترتب على تركها العقاب، { كل نفس بما كسبت رهينة }، { وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا }، { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها }، { ولا تزر وازرة وزر أخرى }، { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه }.

فالإسلام كيما يشرك الناس جميعًا في عملية البناء والتعمير ـ بناء الحياة على الحق وإعمارها بالخير ـ جعل كل إنسان مسئولاً عن حيز من البذل والعطاء في حدود إمكانياته وطاقاته، مادام هذا الإنسان بالغًا عاقلاً قادرًا .. مما يجعل المجتمع خلية حية نابضة .. كل فرد فيها يبني ويحرص على البناء .. وكل إنسان فيها يعطي ويتنافس في العطاء .

ومن هنا كان وجوب العمل للإسلام ( فرديًّا ) كتكليف شرعي وواجب إسلامي .

وإذا كان العمل للإسلام واجبًا فرديًّا من هذا الجانب، فهو واجب جماعي من حيث مسئوليته الحركية التنفيذية، وهذا ما تؤكده وقائع وحيثيات غير قابلة للجدل أساسًا، من ذلك :

أ ـ أن تكاليف العمل للإسلام أكبر من أن يتصدى لها إنسان بمفرده .. فالعمل للإسلام يستهدف هدم الجاهلية برمتها و إقامة الإسلام مكانها .. وهذا يتطلب من التكاليف والإمكانيات والجهود ما يعجز عن القيام بأعبائه فرد، بل لا يقوى على النهوض به مع الجهد والمكابدة والمعاناة إلا تنظيم حركي يكون في مستوى المواجهة وعيًا وتنظيمًا وقدرة ..

بـ ـ أن عمل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مواجهة الجاهلية وإقامة المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية دليل شرعي على وجوب ( الجماعة ) في العمل للإسلام .. فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يعتمد أسلوب العمل الفردي قط .. وإنما حرص من أول يوم على إقامة ( جماعة ) كان يختار عناصرها اختيارًا وينتقي أفرادها انتقاء لتكون أداة الإسلام في عملية التغيير ؟ .

وهذا ما تنطق به وقائع السيرة النبوية في كل المراحل وعلى كل صعيد ..

جـ ـ ثم إن طريق العمل للإسلام مفروشة بالأشواك محفوفة بالمحن.. فالتحديات التي تعترض السبيل كبيرة ... والقوى التي تتربص بالإسلام وأهله كثيرة ... وهذا ما يفرض وجود تنظيم حركي عريض كيفًا وكمًا لمواجهة كل مراحل العمل وظروفه واحتمالاته ... وفي ثنايا الآيات القرآنية إشارات ودلالات واضحة كما في الأحاديث النبوية تؤكد ضرورة أن يكون العمل للإسلام جماعيًا وحركيًا ومنظمًا { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }.



خامسًا : من جاهد فإنما يجاهد لنفسه :

ثم إن أول ما يتوجب على العاملين للإسلام أن يدركوه بعمق أنهم هم المحتاجون إلى الإسلام .. وأنهم حين يعملون ويجاهدون ويكابدون فلتزكية ذواتهم، ولتطهير نفوسهم، ولتأدية بعض حقوق الله عليهم، وليحتسبوا ذلك عند الله يوم تزيغ الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر .

فهم هم الرابحون إن أقبلوا، وهم وحدهم الخاسرون إن أدبروا { وإن الله لغني عن العالمين }، { وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم }.

كما أن عليهم أن يدركوا أن قيمتهم الحقيقية تكون بالإسلام، ولا قيمة لهم بدونه، فهم عندئذ { كالأنعام بل أضل سبيلاً } وأن الكرامة الحقيقية والعزة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا بالمشاركة في مسيرة الإسلام، وبالاستمرار في هذه المشاركة، وأن ( من شذ شذ في النار ) وأن من احتوته المسيرة بحق فقد اتصل بأشرف نسب وارتبط بقافلة الهداة، من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا .

كما أن على العاملين للإسلام أن يدركوا أن البقاء في المسيرة شرط للثبات ( وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) .

فالمجتمع الذي تموج فيه الفتن كقطع الليل المظلم، لا يمكن أن يعيش فيه دون التأثر بلوثاته من كان بعيدًا عن ( الذكرى ) { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } أو بعيدًا عن التناصح والتواصي بالحق والصبر { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر }.

فلا بد من العيش في رحاب أسرة الإيمان، ولا بد من الالتحاق بمسيرة الرحمن والعيش في كنفها دائمًا وأبدًا { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تربد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا}.

كما أن على العاملين للإسلام أن يدركوا أنهم إنما يعملون لله ويجاهدون في سبيله..وأن هذا الطريق طويل وشاق .. وأن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات ..

إنه طريق لا يقوى على السير فيه من كانت خطرات النسيم تجرح خديه ولمس الحرير يدمي بنانه ..

وإنه طريق لا يقوى فيه صاحب المزاج والهوى وضيق الصدر وخائر القوى .. ومن لا يصبر على كلمة فضلاً عن ملمة .. والمعتد برأيه الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري ! والذي يشق عليه النزول عند حكم المجموعة والالتزام برأي الجماعة .

إنه طريق التطهر والتعفف والتنظف .. طريق المرحمة والمكرمة .. طريق المصابرة والمرابطة . طريق التجرد والسمو. طريق الصدق والإخلاص . وإن طريقًا هذه مواصفاتها لا يمكن أن يثبت عليها غير المؤمنين المعلقة قلوبهم بواحد أحد، الناظرة نفوسهم إلى فرد صمد { ومن يتق الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرًا } { ومن نكث فإنما ينكث على نفسه،ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرًا عظيمًا }.
__________________
مستر/ عصام الجاويش
معلم خبير لغه انجليزيه بمدرسه التل الكبير الثانويه بنات بمحافظه الاسماعيليه
رد مع اقتباس