التفكك الأسري وأثره على الجريمة
مقدمة
تعد الاسرة اللبنة الاولى في البناء الانساني فهي عماد المجتمع وهي المركز الرئيسي للتدريب على العلاقات الاجتماعية والنقل الثقافي وتوريث القيم وهي محضن النمو والتنمية والتربية، فمنها ينمو الفرد ويمتد وفيها تنمى الخصائص الفردية، الاجتماعية وتحدد سمات الشخصية الانسانية وتزرع البذور الاولى لمستقبل الحياة السلوكية، وبالتالي فإن أي عواصف أو مشكلات في كيانها تؤثر بشكل أو بآخر على الاطفال الذين هم ثمرتها. وهنا تبرز العديد من التساؤلات المتعلقة بالتفكك الأسري!
ما اسباب هذا التفكك؟ وإلى أي مدى يلعب العامل الاقتصادي للزوج على تماسك الاسرة؟ وما هي الآثار السلبية الناتجة عن التفكك الاسري على المجتمع بشكل عام؟وما هي الاسباب المؤدية الى التفكك الاسري؟ وما هي الحلول المقترحة للتغلب على هذه الظاهرة التي باتت تهدد العديد من المجتمعات العربية والاسلامية؟
في هذا الصدد تقول الدكتورة أمينة الجابر ان رياح التغريب هبت على الاسرة وساعد على ذلك تخلف المجتمعات العربية قاطبة وخضوعها للاحتلال الغربي الذي لم ينحصر في غزو الارض ونهب الثروات وامتهان الكرامة فحسب، وانما كان - اضافة الى هذا - غزوا لعقول والموروثات والتقاليد والاعراف وسلبا للشخصية مما زحزح الاسرة عن خصائصها وقيمها ففقدت ريادتها للمجتمع فلم تعد كما كانت تجمع بين افرادها قيم الترابط والتراحم، ومن هنا ظهرت مشكلة التفكك الاسري التي باتت تنذر بشر مستطير.. وتؤكد أنه إذا لم يسع اهل الفكر والذكر والعقلاء إلى وضع الحلول العملية لهذه الظاهرة فلن تستطيع الاسرة اجتياز مرحلة التذبذب والحيرة بين القيم الاسلامية والقيم الوافدة بما تمثله من اعراف ومفاهيم غريبة تنأى بهذه الاسرة عن هويتها واصالتها.
وترى الدكتورة أمينة ان اسباب التفكك الاسري لا تقتصر على ضعف الحالة المادية للزوج فقط، وانما هناك عوامل اخرى تلعب دوراً مهماً في تفكك الاسرة من اهمها عدم الالتزام بالضوابط الشرعية في الزواج والامية الدينية في الحياة الزوجية والمتمثلة في: اهمال الأم لرسالتها الاولى. و تقصير الزوج في القيام بواجباته الاسرية نحو زوجته واطفاله وكثرة الطلاق لاتفه الاسباب اضافة الى الفارق الكبير في السن بين الزوجين والبث الاعلامي من اذاعة وتلفاز وانترنت.
صراعات داخلية:
وتؤكد د. أمينة ان المستوى المادي للزوج والفارق الاقتصادي بين الزوجين يوجد صراعات داخل الاسرة حيث يرغب الطرف الاقوى ماديا في فرض سيطرته على الطرف الاقل من الناحية المادية.
كما ان المكانة الاقتصادية المتواضعة للزوج تجعل موقعه الاجتماعي اقل في نظر زوجته ومن هنا- والحديث للدكتورة أمينة- فإن العامل الاقتصادي يعد من اهم العوامل المؤثرة في بناء الاسرة وفي قدرتها على اداء وظيفتها ومواجهة مشكلاتها وكذلك فإن دخل الاسرة أو فقرها لا يتيح لها القدرة على اشباع احتياجاتها الاساسية لافرادها وقد تؤدي الى انخفاض مستوى تعليم الابناء والى انخفاض مكانة الاسرة ومكانة ابنائها اجتماعياً، وأضافت لعل خطورة الفقر لا تكمن في تأثيراته السيئة على الاسرة وقدرتها على اشباع احتياجاتها الاساسية والضرورية. فحسب ولكن تأثيره السيء يمتد الى شعور الابناء بالحرمان واحساسهم بالدونية وفقدهم للثقة في أنفسهم وبهذا يؤدي الفقر الى العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية والاخلاقية للاسرة وفي مقدمتها التفكك الاسري وعدم الاستقرار.
من جهته يرى الدكتور صالح بن ابراهيم الصنيع ان الوضع الاقتصادي للزوج يلعب دوراً كبيراً في تصدع العلاقة بين الزوجين ففي حالة الغنى نجد ان بعض الازواج الاغنياء ينشغلون بالمال عن اسرهم بل ان البعض منهم يستعمل المال في قضاء شهوته المحرمة ويترك ما احل الله له فيكون سببا في وقوع اهله في الحرام.
وفي حالة الفقر الذي لا يستطيع معه الزوج توفير احتياجات اسرته مع كبرها وقلة تعليمه وايمانه فيعجز عن الاستجابة لمتطلباتها فيقع في الحرام للحصول على المال أو يدفع بعض افراد اسرته لمسالك السوء للحصول على مزيد من المال فيكون الناتج تفكك الاسرة.
طريق الطلاق
وترى الكاتبة الصحفية ابتسام حمود آل سعد ان تردي الحالة المادية للزوج يمكن ان تؤدي الى الطلاق في حالة وجود عوامل خارجية كرفاهية الزوجة وعدم تدينها فتقول: بالطبع يمكن ان يسهم ضعف الحالة المادية لدى الزوج إلى حالة من احوال التفكك الاسري وبالتالي يمكن ان يؤدي تلقائيا الى الطلاق لاسيما اذا كانت الزوجة مرفهة ذاتيا اي ان المؤثرات الخارجية تبدو مغرية بدرجة تجعل الزوجة تنسحب نحو هذه المغريات وتعقد مقارنة «غير عادلة» بين الحياة الناعمة التي تتصورها خلف جدران منزلها وبين الحياة الخشنة التي تعيشها في الواقع دون ان تعطي ولو عذراً واحداً لزوجها المجبر على امر ليس له دور البطولة فيه.. ويمكن القول ان مسألة المعيشة بالذات يجب ان تكون الزوجة الربان في تسييرها وتكييف افراد الاسرة على مجرياتها بحيث تجعل من الكوخ الذي تعيش فيه هي وافراد اسرتها قصراً يتنعمون بخيراته دون ان يتأثروا بما يدور حولهم او بالحياة التي يعيشها جارهم الغني.. ويبقى الاختيار الصحيح للزوجة المناسبة هو المحك الاول الذي يجب على كل رجل اجتيازه بنجاح لضمان حياته الاسرية مستقبلا خصوصا مدارسة أمور الابناء الذين سيكونون الضحية الاولى التي يمكن ان تقع بين مطرقة طمع الام وسندان عجز الاب وأرى بانه لا دخل لما تسمى بـ«العولمة» التي اتحدى ان يجد احد تفسيرا أو تعريفا محددا لها بظاهرة التفكك الاسري واقترح ان يجري تفعيل دور المؤسسات والتأهيل الاسري في تقريب اواصر البيوت الآيلة للسقوط والنهوض بالاعلام التربوي الذي يؤهل لبناء البيوت واعمارهم وليس كما نرى في هدمها وهذا شيء لا يخفى عن الجميع.
وبدورها قالت الكاتبة بشرى ناصر: على الرغم من ان الإجابة بنعم قاطعة أو لا قاطعة ايضا تبدو اجحافا وظلما للقضية الشائكة المطروحة بشكل سؤال لانني اعتقد ان ثمة زيجات عديدة سمعنا عن فشلها ونهايتها بالطلاق لان الزوج لا يتمكن من تلبية احتياجات الاسرة والزوجة، وسمعت كثيرا عن نساء صبرن طويلاً.. وطرقن الابواب بابا اثر اخر للبحث عن وظيفة تساند من خلالها الزوجة رجلها براتبها..
وتسآلت : هل الوضع المعيشي وحالة الزوج المادية المتردية تقود لرفض المرأة حياتها كاملة وقد تتخلى عن اطفالها وتقبل بضياع اسرة وتشريدها؟ لا اعتقد..
على أية حال ليس من المعقول ان تطلب المرأة الطلاق لان الزوج فقير او معدم او راتبه ضئيل لسببين اولهما: المرأة قبل الزواج تعرف جدا ان كان الرجل الخاطب ميسورا أو العكس وهناك دلائل ومؤشرات كثيرة، ثانياً: النساء عموما اكثر تدينا وايمانا بالآيات القرآنية التي تطرح مسألة الرزق والغنى بعد الفقر، كما انهن اكثر صبرا على المحن والمصائب، وتبعا لذلك فهي تصبر كثيرا، وتقف اغلب النساء مع ازواجهن لكن الطلاق والانفصال يحدث اذا ما اضيف للسبب الاول اسباب اخرى تجعل الحياة صعبة لا تطاق.. واعرف امرأة تزوجت للمرة الثانية بعد زيجة فاشلة كان الزوج الاول مثقفا نال من التعليم درجة عالية، والزوجة لم تكمل المرحلة الابتدائية.. وبعد عدد من الاطفال تطلقت الزوجة لان الاثنين لم ينسجما معا واكتشفا صعوبة مواصلة الحياة الزوجية.. وحين تزوجت الثاني كان على النقيض من زوجها الاول فصارت تعقد مقارنات بين الزوج والطليق ليل نهار.. حتى اصرت في المحكمة على الطلاق وحصلت عليه.. كانت المرأة تكرر دائما ان زوجها فقير وبخيل.. لكنها تهمس سراً في اذن المقربات منها: انها لا تطيقه وتكره رائحته ولا يستحم إلا نادراً. هذه القصة واحدة من قصص كثيرة تعمد الزوجة لتبرير الفقر أو البخل كذريعة لخجلها من ذكر الاسباب الاخرى خاصة اذا كانت حصيلة الزواج ابناء. ولذا.. اعتقد ان الانفصال والطلاق بسبب الفقر قليل الحدوث، خاصة اذا كان الزوج طيب المعشر يحسن معاملة زوجته.
آثار مدمرة
ما هي الاثار المترتبة على التفكك الاسري؟ تجيب الدكتورة أمينة الجابر على هذا التساؤل فتقول: للتفكك الاسري اثار خطيرة على الاسرة والمجتمع وفي مقدمتها ان الاسرة يسودها القلق وعدم الاحترام المتبادل وعدم صيانة الاسرار الزوجية لانهيار القيم الاخلاقية وعدم ادراك الرجل والمرأة ان الحياة الزوجية شراكة اجتماعية رأس مالها السكينة والود والألفة والرحمة والرعاية وليست ميدانا للمبارزة والعناد أو السيطرة او التحكم.
واضافت: كما ان التفكك بين الزوجين يمثل مظهرا سلبيا يعبر عنه بامتناع كل منهما عن الحياة الزوجية الطبيعية فهما متخاصمان لا يكلم احدهما الاخر او ان الزوج يهجر فراش زوجته فلا يعاشرها بالمعروف.
وقد يتحول التفكك إلى عنف قد يصدر من الرجل ضد المرأة أو العكس ويبدأ العنف بكلمة نابية او الاستهانة التي تحمل الطرف الاخر على التمرد ورد الاساءة بمثلها او اشد منها وقد يتطور الأمر الى الضرب والحاق الاذى المادي الذي قد يصل الى القتل. وتضيف: من الاثار السلبية للتفكك الاسري تشرد الاطفال وتخلفهم الدراسي وترسب مشاعر الكراهية فيهم نحو الحياة والمجتمع مما يؤدي الى الانحراف والتمرد على القيم والنظم وادمان الموبقات والمخدرات.
دور ثانوي
وفي منحى آخر يرى الدكتور بهاء الدين تركيا استاذ مشارك في قسم الاجتماع جامعة قطر: ان الفقر او العجز المالي للزوج ليس عاملا رئيسيا في التفكك الاسري بدليل ان هناك الكثير من الاسر العربية الفقيرة متماسكة ومتوازنة بفعل الدعم الاجتماعي بين افرادها تحت شعار الجميع في خدمة الجميع ويرى أن مسألة ندرة الدخل لرب الاسرة قد تكون عاملا من عوامل تماسك الاسرة وليس العكس واضاف، قد يلعب العجز المالي للزوج دورا ثانويا اذا اجتمع مع بعض العوامل الاخرى مثل الجهل وضعف الرقابة الاجتماعية وعدم متابعة الوالدين لابنائهما، ولكن في العموم والغالب نجد ان الكثير من العائلات الفقيرة في مجتمعنا العربي- كما اسلفت- برز من خلالها مبدعون رغم امكاناتهم المتواضعة وذلك عن طريق الرقابة الاجتماعية على الفرد بمتابعة الضبط الاجتماعي.
دور العولمة
هل للعولمة تأثيرات على تفكك الاسرة؟
يرد الدكتور تركيا عن ذلك فيقول نعم للعولمة او ما يسمى بالغزو الثقافي تأثير سلبي على الاسرة واذا ما كان هناك تعزيز يدعم الاسرة في مواجهة العولمة فان الاثار تكون ضعيفة المدى، أما اذا غابت التعزيزات الاخرى المتمثلة في بعض العوامل الاجتماعية المهمة مثل القيم والدين والاخلاق والعادات والتقاليد ففي هذه الحالة فان العولمة يكون لها دور سلبي على الاسرة ولكن يمكن ان تحمي الاسرة نفسها بالتكاتف والدعم الاجتماعي ونوع من التعزيز الاجتماعي في مواجهتها.
لم يتمكن المجتمع الدولي إلى حد الآن من التوصل إلى صياغة تعريف متفق عليه للإرهاب بسبب الخلاف حول نقطتين أساسيتين هما :
أولا هل يعتبر حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي إرهابا أم لا رغم ما يمكن أن ينجم عنه من إصابة للمدنيين؟
ثانيا هل يدخل ضمن تعريف الإرهاب استعمال الدولة للقوة المسلحة ضد المدنيين من رعاياها أو من غير رعاياها وهو ما يعبر عنه بإرهاب الدولة؟
والواقع أن أسباب الخلاف حول هاتين النقطتين هي أسباب سياسية بالدرجة الأولى ، أما من وجهة نظر القانون الدولي فإن حق المقاومة حق معترف به لجميع الشعوب المحتلة ، وحق الدولة في احتكار القوة المسلحة داخل إقليمها حق تقرره قواعد القانون الدولي لجميع الدول ، غير أن القانون الدولي يحتم على الجميع احترام الأبرياء . لذلك نرى أنه من المفيد التركيز على معيار المس بالمدنيين في أي تحديد أو تعريف للجرائم الإرهابية ، مهما كانت الأهداف الثاوية من ورائها .
وقد حاولت معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب أن تحل هذا الإشكال عندما ربطت بين الإرهاب والعنف الذي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس مهما كانت بواعثه ، لكنها اعتبرت في الوقت ذاته أن الكفاح المسلح ضد الاحتلال لا يشكل جريمة إرهابية .
خاتمة
مع العلم أن أعمال المقاومة بدورها لا يجب أن لا تتعرض للمدنيين والأبرياء ، وهو الشئ الذي ينص عليه ديننا الحنيف ، فقد جاء في محكم التنـزيل قوله تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى" .
أما الاتفاق على تعريف الجريمة المنظمة فقد كان أيسر ، حيث نصت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعتمدة سنة 2000 على تجريم المشاركة في جماعة إجرامية منظمة . وعرفت الجريمة المنظمة بأنها "الاتفاق مع شخص آخر أو أكثر على ارتكاب جريمة خطيرة لغرض له صلة مباشرة أو غير مباشرة بالحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية أخرى" ، ويدخل ضمن هذه الجريمة قيام أي شخص بدور الفاعل في الأنشطة الإجرامية التي تقوم بها جماعات إجرامية منظمة ، مع علمه بأن مشاركته ستسهم في تحقيق الهدف الإجرامي للجماعة .