
08-06-2011, 03:40 PM
|
 |
رئيس مجلس الادارة
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
مقال حازم عبد الرحمن
حكاية الجماعة والأحزاب الهشة
بقلم : حازم عبد الرحمن

أثبت الناس فى مصر قدرتهم على التجمع والحشد عند الحاجة. وهذه هى احدى علامات الصحة الاجتماعية والثقافية، وأصبحت هذه القدرة آلية للضغط سواء من أجل مطالب جديدة أو تأكيد مطالب قديمة. وكان أستاذنا العقاد يقول فى ثلاثينيات القرن الماضى إن قوة النائب البريطانى فى مجلس العموم تنبع من قوة الناس فى الشارع، فهم يستطيعون تغييره، وتغيير الحكومة كلها. ترى متى نصبح كذلك؟
1-
ليس هناك خطأ أو عيب فى أن جماعة الاخوان المسلمين حاليا، هى الأكثر تنظيما والأقوى بنية، مقارنة بكل الأحزاب الأخرى الموجودة. فهذا لا يعنى إلا شيئا واحدا، هو أنها هى الأكثر جدية والأقوى التزاما مقارنة بغيرها.
فعلى الرغم من كل إجراءات التضييق والحصار، ومحاولات الخنق التى بلغت حد اعتقال العشرات بشكل روتينى كل يوم لعناصرها من جانب قوات الأمن منذ عام 1945 وحتى نهاية عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، فإنها واظبت على عدة أمور، فقد حرصت بكل قوة على المحافظة على القدرة التنظيمية القوية والمنضبطة.
كما أنها التزمت بالعمل المستمر للدعاية لنفسها بغرض تجنيد عناصر جديدة أو لفت الانتباه إلى أفكارها وبرامجها. هذا إلى جانب أنها لم تقصر نشاطها على الظهور فى الصحف والتليفزيونات بل كانت تنشط أيضا فى القرى والاحياء جميعا سواء الفقيرة أو الغنية فى المدن، علاوة على أنها لم تدع جماعة أو فئة أو قرية فى محنة أو أزمة إلا سارعت إلى مد يد المساعدة.
لكل هذا، لم تفلح سياسة التعامل الأمنى بأسلوب «الضربات» فى القضاء على الجماعة بل ربما كان الظلم الذى يصيب الأعضاء نتيجة ذلك، يمثل أحد عناصر الدعاية لها، واستفزاز الناس للتمرد على الحكومة والنزوع إلى تحديها بالانضمام لهذه الجماعة. والدليل على هذا أن الجماعة توسعت وصارت أقوى من أى حزب، يكفى مقارنة عدد أعضائها فى البرلمانات المختلفة فى عهد مبارك بصفة خاصة ففى حين كان أعضاؤها يتزايدون باستمرار رغم كل الملاحقات الأمنية والاعتقالات، كان أعضاء الأحزاب المعارضة الأخرى يتجهون للاختفاء تماما.
«2»
هل نقول ان جماعة الإخوان استبقت «ثورة يناير» بأكثر من عام عندما أجرت تغييرات جذرية داخلية؟ فقد جرى ولأول مرة فى تاريخ الجماعة تغيير المرشد العام، ومكتب الارشاد، فبعد أن كانت القاعدة المستقرة تقول ان المرشد العام يبقى فى منصبه لا يغادره إلا لكى يستقر فى القبر، إذا بنا نجد أمامنا مرشدا سابقا على قيد الحياة. والشأن نفسه ينطبق على أعضاء مكتب الارشاد. ارجوك لاتقل لى ان «التيار القطبى» المتشدد الذى يتأسى بسيد قطب، قد انقلب على التيار المعتدل المتفتح. فحتى لو كان هذا صحيحا، فهو لاينفى الواقع. أن الجماعة سبقت ثورة يناير.
تصور فقط لو أن قيادات الحزب الوطنى الوهمى كان لديها بعد نظر وأجرت تغييرات جذرية على طريقة جماعة الاخوان. هل كنا سنحتاج إلى ثورة يناير؟ انه ضيق الأفق، والعمى السياسى والرغبة فى الاستئثار بالسلطة حتى آخر نفس، واحتقار الشعب والاعتقاد بأن الحزب وجد ليحكم وأنه هو القوة الوحيدة صاحبة القرار.
«3»
نحن إذن أمام جماعة قوية بالمعنى السياسى للكلمة، وهذه القوة تفضح ضعف وسطحية الأحزاب الأخرى. فكلها تعانى من نفس الأمراض التى قضت فى النهاية على الحزب الوطنى المنحل. والأهم هنا هو أن نقول للأحزاب الجديدة أو لائتلافات الشباب الثورى إن عليها أن تتخذ من جماعة الاخوان درسا فى العمل السياسي. فالقوة الحقيقية للحزب ليس فى اصدار صحيفة أو انشاء محطة تليفزيون، أو تنظيم مظاهرات مليونية. فالأصل فى القوة السياسية هو الوجود فى القرى والاحياء بالريف والمدن .
يبقى سؤال مهم: هل تستطيع جماعة الاخوان ان تطور مفاهيمها وأفكارها بحيث تتفق مع العصر الحديث بنفس الجرأة التى استبقت بها «ثورة يناير»؟ مثلا، قضية الشريعة. تحتاج إلى إعادة نظر جذرية، فهل يمكن تطبيق وتنفيذ أحكام وحدود عمرها أكثر من أربعة عشر قرنا على الزمن المعاصر؟ فالعالم كله حاليا يتجه نحو الابتعاد عن العقوبات البدنية ويعتبرها تشويها لجسد الإنسان وبالتالى انتهاكا لحقوقه الأساسية. فهل يمكن إعادة النظر فيها والقيام باجتهاد حقيقى يجعل الجماعة أكثر انفتاحا على العصر الحديث؟ هل يمكن ذلك؟!
http://www.ahram.org.eg/Issues-Views/News/81965.aspx
|