الفصل السادس
محمود وجهاد في سوق الرقيق
* دراسة وتحليل لأحداث الفصل السادس
وصل التاجر قطز وجلنار فكساهما ثياباً حسنة ولم يكلفهما أي عمل ،وكان لطيفاً معهما يجاذبهما أطراف الحديث ،ويسليهما بالقصص والنوادر حتى مال إليه الصبيان .
وكان للتاجر مملوك آخر يسمى بيبرس فضمه إليهما، ولكنه كان يعاملـه معاملة سيئة قاسية يحبسه ويضربه لأنه كان دائم التمرد على سيده سيئ الخلق معه فعطف عليه قطز وجلنار فكانا يحسنان إليه .
كان سوق الرقيق في حلقة تقام يوم الأربعاء ،وكانت تقام في مكان واسع تنصب فيه الخيام والسرادقات وتقسم أقساماً للحبوب والأقمشة والآنية والملابس والأدوية والعطور والخيول والمواشي . ولما أصبح الصباح أمر التاجر مواليه الثلاثة فاغتسلوا وكساهم وأصلح شعورهم وطيبهم، ثم مضى بهم فإذا سرادقات عظيمة مقامة مملوءة بالجواري والغلمان البيض والسود وقد جلسوا على الحصر جماعات متفرقة كل جماعة لـها دلال يأخذ بيد أحدهم ويوقفه على دكة منصوبة ثم يبدأ يعدد محاسنه .
غلب الوجوم على قطز وجلنار وظنا أنفسهم في منام لا في حقيقة لولا أنهما تذكرا اختطاف اللصوص لـهما . أما بيبرس فقد كان مطمئناً غير مكتئب أو غاضب . وبدأ الدلال يبيع بيبرس لتاجر مصري فاشتراه بمائة دينار وكان مالكه لا يطمع في أكثر من خمسين ديناراً .
وتسابق الناس لشراء قطز وتباروا في رفع سعره حتى بلغ ثلاثمائة فاشتراه رجل دمشقي طيب القلب ، وتنافس الحاضرون على شراء جلنار حتى وصل ثمنها ثلاثمائة دينار وعشرة ،ورفض الدمشقي أن يزيد على ذلك لولا أن نظر إلى قطز فرآه ينتفض من القلق خوفاً على فراقها فزاد أربعين ديناراً مرة واحدة ،لذلك كانت جلنار من نصيب نفس الرجل الذي اشترى قطز وبذلك لم يفترق الطفلان عن بعضهما.