عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 13-01-2008, 03:02 AM
الصورة الرمزية عاطف خليفة
عاطف خليفة عاطف خليفة غير متواجد حالياً
مدرس الكيمياء للثانوية الازهرية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 1,960
معدل تقييم المستوى: 0
عاطف خليفة is an unknown quantity at this point
افتراضي

المرحلة الثانية
تطور الحركة القومية العربية حتى الحرب العالمية الأولى

مرت الحركة القومية العربية حتى الحرب العالمية الأولى في دورين :
الأول من 1908 حتى 1911 م
الثاني من 1911 حتى 1914 م
*أولاً الدور الأول : دور الوفاق مع الحركة القومية التركية
1-كانت الحركة القومية التركية موجهة أساساً ضد استبداد السلطان عبد الحميد الثاني الذي كان ينعكس أثره على الولايات العربية .. وكان الوطنيون العرب يرحبون بكل حركة موجهة ضد السلطان عبد الحميد من أجل إقامة نظام دستوري لأن هذا سينعكس أثره على الولايات العربية .
2- قد حمل المفكرون العرب الأحرار على السلطان عبد الحميد .. وألف عبد الرحمن الكواكبي كتاب (طبائع الاستبداد) وكان المقصود منه مهاجمة السلطان (والكواكبى سوري الأصل رحل من سوريا فراراً من وجه السلطان عبد الحميد وعاش بقية حياته في مصر )
3-عند إعلان الدستور سنة 1908 م قوبل بحماس بالغ في البلاد العربية .. فقد قام أهالي طرابلس بأداء صلاة شكر .. وقد شارك بعض العرب في حركة عزل السلطان عبد الحميد سنة 1909م عقب انقلابه الرجعى ومنهم (محمود شوكت) شقيق حكمت سليمان رئيس الوزراء العراقي سنة 1936 م الذى كان على رأس الجيش الذي عزل السلطان عبد الحميد ودخل الأستانة
4- من مظاهر الوفاق العربي التركي قيام جمعية الإخاء العربي العثمانى في الأستانة وكانت تشترك مع جماعه الاتحاد والترقي في الدفاع عن الدستور وإجراء الإصلاح في الدولة وولاياتها وأنشئت لها فروع في المدن العربية الهامة .
ومن مقدمة الأسباب التي أدت إلي هذا الوفاق ضعف الطبقة المتوسطة العربية وتعذر استنادها على قوتها الذاتية .. كما أن الطبقة المتوسطة التركية لم تكن قد كسبت المعركة تماما ضد السلطان عبد الحميد .
*ثانياً : الدور الثاني : دور العداء للدولة العثمانية :
ويبدأ هذا الدور منذ 1911م تقريباً .. وفيه تميزت الحركة العربية القومية فأخذت موقفاً معادياً للدولة العثمانية ... وقد أدت سياسة الاتحاديين ، التى تهدف إلي عثمنة أو تتريك الإمبراطورية العثمانية أى تفوق الأتراك على حساب القوميات الأخرى وتذويبها في الكيان التركى - في الوصول إلي هذا الموقف .
ثم تحول الموقف إلي العداء الصريح عندما تحولت حركة الجامعة العثمانية إلي الحركة الطورانية التى تدعوا إلي تفوق الجنس التركي وطمس معالم المقومات العربية الأساسية .
وقد أدى فشل الدولة في الدفاع عن ليبيا إلي إحساس العرب بضرورة إبراز كيانهم الخاص المتميز .. ومن ثم ظهرت فكرة اللامركزية كأول تعبير عن ذلك الاتجاه المستقل للحركة العربية.
*مميزات الحركة القومية العربية في هذا الدور :
تتميز الحركة القومية في الدور الثاني بعدة مميزات :
-أولاً : الاتجاه التدريجي نحو التطور المحدد للقومية العربية ومحتواها :
لم يحدث هذا الفهم فجأة ولكنه جاء طبيعياً .. إذ كانت الفكرة الإسلامية تختلط أول الأمر بالفكرة العربية القومية .. ويتضح هذا في كتاب (أم القرى) الذي نشره عبد الرحمن الكواكبى في مصر سنة 1900م وفيه ميز بين الشعوب العربية والشعوب الإسلامية غير العربية .
وقد لعب العرب دوراً هاماً في العالم بلغتهم وانتسابهم إلي الرسول صلي الله عليه وسلم صاحب الرسالة .. فإذا كان على العالم الإسلامي أن يتحد في جبهة واحدة فلابد أن تكون القيادة عربية وأن يكون مركزها مكة المكرمة (أم القرى) لا إسطنبول .
ورغم أن تفكير الكواكبى كان لا يزال متأثراً بالفكرة الإسلامية .. إلا أن ما ورد في كتابه أم القرى يعتبر دعوة مبكرة للصفة المتميزة للعرب .
وتدرج التفكير الديني الإسلامي إلي تفكير عربي قومي .. واتضح ذلك في مؤتمر الطلاب العرب في باريس سنة 1913م حيث عرض (عبد الغنى العريسي ) لتعريف الأمة العربية بقوله : هل للعرب حق جماعة ؟.. أى أمة .
ولما كان علماء السياسة الألمان لا يعترفون بالجماعة إلا إذا توافر لها (وحدة اللغة ووحدة العنصر ) .. والعلماء الإيطاليون يشترطون(وحدة التاريخ .. وحدة العادات والتقاليد ووحدة المطمع السياسي ) .
لذلك فإن حق العرب هو حق جماعة وحق شعب وحق أمه .
-ثانياً : انحصار الحركة العربية القومية في نطاق عربي ضيق :
شملت الحركة الوطنية بلاد الشام بأجزائها والعراق .. وكان لباقي البلاد العربية أوضاعها الخاصة :
فاليمن ظل على ولائه للأتراك .
والدولة السعودية فضلت أن تعمل لحسابها
ولم ينضم الشريف حسين حاكم الحجاز إلي الحركة إلا بعد قيام الحرب العالمية الأولى .
وكانت شبه الجزيرة العربية بحكم تأخرها الاقتصادي والاجتماعي تخضع للحكم الثيوقراطي ولم تظهر فيها بوادر البعث القومي العربي .
أما مصر فقد دخلت العزلة النسبية منذ فشل دولة محمد على .. وإن كانت مصر قد اكتسبت شخصية دولية مستقلة عن بقية أجزاء الدولة العثمانية لحرص محمد على وخلفائه على الاستقلال عن الدولة العثمانية .
ولما كان محمد على قد ضم السودان منذ سنة 1820 م فقد ظلت الوحدة السياسية بين مصر والسودان هي مركز الثقل في سياسة ونشاط الخديوية بل ونشاط الحركة الوطنية المصرية وعندما اتجه محمد على إلى الشام سنة 1832 م لم يبق الحكم المصري طويلاً هناك ولا في الجزيرة العربية لتدخل الدولة الأوربية سنة 1840م . ولذلك انصرفت مصر عن الشرق العربي بقضاياه ومشاكله .
ثم حدث الاحتلال البريطاني لمصر سنة 1882م وأصبحت قضية مصر تختلف عن قضية الشرق العربي
فمصر تناضل ضد السيطرة الأوربية وتطمع في تأييد الدولة العثمانية لها .
والشعوب العربية في المشرق تناضل ضد السيطرة العثمانية وتتطلع إلى تأييد الدول الأوربية لها.
وبذلك كان أعداء مصر حلفاء الحركة القومية في الشرق العربى وأعداء الأخيرة كانوا حلفاء مصر.
-ثالثاً : التعاون بين القوميين العرب وبين الدول الأوربية :
زاد التعاون في هذه الفترة والمرحلة التي تليها خلال الحرب العالمية الأولى بين القوميين العرب وبين الدول الأوربية :
فكانت الجمعيات العربية في الشام على صلة بالقنصل الفرنسي (بيكو ) في بيروت.
وكانت جمعية اللامركزية الإدارية العثمانية على صلة بكتشنر القنصل البريطاني في مصر وقد تدخل كتشنر لدى الدولة العثمانية للعفو عن الفريق عزيز المصري والذي كان العثمانيون قد قبضوا عليه .
وهذا التعاون يعتبر عدم فهم سليم من جانب القوميين العرب لطبيعة الاستعمار الأوربي وقد ظهر هذا التعاون جليا خلال الحرب العالمية الأولى بين الشريف حسين وهنري "مكما هون" في المرحلة الثانية من تطور الحركة القومية التي هدفت إلى الاستقلال نهائياً عن الدولة العثمانية .
-رابعاً : اتخاذ الحركة العربية شكل الجمعيات السرية والعلنية :
وتتلاءم هذه الجمعيات مع ظروف الاضطهاد والكبت السياسي من ناحية .. كما أنها تعبر من ناحية أخرى عن الإمكانيات الضعيفة للحركة العربية في ذلك الوقت ومنها :
1- الجمعية العربية الفتاه : وهى سرية .. كونها سبعة من الشباب العرب الدارسين في باريس سنة 1911 م … وكانت تدعوا إلى استقلال الدول العربية وتحريرها من الحكم التركى والأجنبى .
عاد أعضائها إلي الشام سنة 1913م وانتقل مركز الجمعية إلي بيروت .. ولعبت دوراً كبيراً أثناء الحرب العالمية الأولى .
2- الجمعية القحطانية : سنة 1908 م
وتضم بصفة خاصة الضباط العرب في الجيش العثماني وكانت تهدف إلى :
أن تتحول الإمبراطورية العثمانية (الأتراك والعرب) إلى إمبراطورية ثنائية مثل إمبراطورية النمسا و المجر وبذلك تقوم دولة عربية موحدة لها برلمانها وحكومتها المحلية ولغتها الرسمية فى داخل الإمبراطورية العثمانية ( التركية- العربية) .
3- جمعية العهد :
وهى من الجمعيات السرية ذات الطابع العسكري
4- جمعية اللامركزية : سنة 1912 م
تأسست في القاهرة عام 1912 م.. واندمجت فيها كثير من الجمعيات العربية .. واختارت هذه الجمعية القاهرة مقرا لها لأنه رغم تبعية مصر للدول العثمانية رسمياً إلا أن السلطة الفعلية فيها كانت لإنجلترا عدوة الدولة العثمانية .. ورحبت إنجلترا بنشاط الجمعية الموجه ضد الدولة العثمانية بشرط ألا يمتد إلي القضية المصرية .. وأن يكون محصوراً في قضية العرب في الولايات العثمانية .. وكان كتشنر على علاقة طيبة بالجمعية .
وكانت الجمعية تهدف إلى :
إقامة نظام لا مركزي في حكم الولايات العربية داخل إطار الدولة العثمانية .
تعبئة الرأى العام العربي لتأييد ذلك المطلب .
وكان على رأس الجمعية مجلس إدارة من 20 عضواً يخضع لهيئة تنفيذية من 6 أعضاء .. هذا وقد انتشرت فروع الجمعية في مدن سوريا والعراق .. وأصبحت من أهم الجمعيات والأحزاب المتحدثة باسم العرب .
*المؤتمر العربي الأول في باريس 1913 م : (18 يونيو) عقد تحت رعاية جمعية الإصلاح وحزب اللامركزية .. وتكون من 14 عضوا نصفهم مسلمين والنصف الآخر مسيحيين ..وأغلب الأعضاء من سوريا ..وقلة من العراق وعرب المهجر في أمريكا .
وعقد المؤتمر أربع جلسات في ستة أيام ألقيت فيها خطب سياسية حول تحديد القومية العربية وأهدافها .. ثم اتخذ المؤتمر قراراته وتدور حول تطبيق اللامركزية في الولايات العربية وانزعجت جماعة الاتحاد والترقي في تركيا من عقد هذا المؤتمر .. فأرسلت مبعوثاً إلى باريس للاتصال بأعضاء المؤتمر .
وتم الاتفاق على أن يسافر ثلاثة من العرب إلي الأستانة للتفاوض رسميا مع الحكومة العثمانية حول مطالب المؤتمر والتي انحصرت في :
قصر الخدمة العسكرية محلياً في الولايات العربية لأبناء العرب
أن تكون اللغة العربية رسمية في المدارس الابتدائية والثانوية
تعيين العرب في مناصب الولاة ومناصب الوزراء في الآستانة
واستقبل الوفد العربي في الآستانة استقبالاً حافلاً .. ودارت المفاوضات لمدة شهرين صدر بعدها مرسوم أغسطس سنة 1913م الخاص بتنفيذ اتفاقية باريس .
غير أن المرسوم جاء معدلاً للكثير مما اتفق العرب عليه مع ممثل الاتحاديين في باريس .. وقد أصاب هذا التعديل العرب بخيبة أمل كبيرة في هذا المرسوم .
وأغرى الأتراك بعض زعماء المؤتمر بالمناصب فعرضوا على (عبد الحميد الزهراوي) رئيس مؤتمر باريس وغيره من الزعماء عضويه مجلس الشيوخ فقبلوا .
وقد أدى فشل مؤتمر باريس في التوصل إلي تحقيق الأهداف العربية إلي يأس العرب من التفاهم مع الأتراك .. ومن العمل معهم في إطار الوحدة العثمانية ولم يبق إلا الثورة الكامنة في نفوس العرب ضد الدولة العثمانية .. وهى الثورة التي هيأت لها الحرب العالمية الأولى الظروف الملائمة .
فقد تحالف العرب مع الدول الاستعمارية ضد الدولة العثمانية .. واتضح هذا من مراسلات الشريف حسين مع مكماهون سنة 1915 - 1916م .
كما اتضح من اتصال الجمعيات الوطنية في الشام مع جورج بيكو قنصل فرنسا في بيروت .. ومن اتصال جمعية اللامركزية بكتشنر المعتمد البريطاني بالقاهرة من قبل .
__________________

دكتور عاطف خليفة
كيميائي

500 امتحان كيمياء