الموضوع: زفة عريس
عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 26-06-2011, 08:24 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي

حكاية عبده
اسمه عبد الرحمن و كانوا ينادونه باسم (عبده). كان شابًا في الثامنة عشر قوي البنية ، معتدًا بنفسه ، حين سافر إلى ألمانيا ليكمل دراسته و كانت خطة والده تقتضي أن يعود إلى مصر طبيبًا يفخر به أهله و لكنه لم يعد ، و لا صاحباه الذان رافقاه في رحلته من مصر ، فقد نجح ثلاثتهم في الحصول على شهادة و وظيفة و زوجة ألمانية و بالتالي الجنسية الأمانية و المال و النجاح على الطريقة الغربية.
هو بالذات صار ألمانيًا كما الألمان و حين رزقه الله وليدته الثانية قررت أمها النصرانية أن تنصرها فلم يعترض لأنهما اتفقا أن يكون الابن مسلمًا لأبيه و الابنة كما أمها.
لم يحصن إسلام ابنه بمبادىء الإسلام أو اللغة العربية أو الصلاة ، إسلام كما الهلام، حيث الأولوية للقومية الألمانية و النجاح المادي.
بعد نصف قرن من الغربة ، حصد الموت رفيقيه الذين هاجرا معه و نجحا في ديار الغربة ، بينما مدت الحياة في عمر عبده حتى تجاوز السبعين و رزقه الله المال و البنين و المشاريع المثمرة.
كان يقف في مطبخه ، يعد كوبًا من الشاي حين أحس بألم في ظهره و زغللة في عينيه . جلس قليلًا حتى ذهبت الدوخة و حين تيسر له ، ذهب إلى المستشفى ليجري بعض الفحوصات الروتينية ليتأكد من سلامته التي لم يراوده أدنى شك فيها .
هناك أظهرت الفحوصات انتشار السرطان في عظامه بلا أمل في شفاء. تدهورت حالته خلال أيام و دخل في غيبوبة .
لم ترغب زوجة عبده الألمانية أن تعرف عائلته الكبرى في مصر شيئًا عن ماله لذلك لم تطلعهم على ما جرى له.
تزامن دخوله المستشفى مع زيارة قريب له من أهله في مصر أراد أن يساعده الخال في الحصول على عمل في ألمانيا ، أدرك الشاب أن خاله يوشك أن يفارق الحياة فأخبر إخوته في مصر بحال الخال.
حاول إخوة عبده الحصول على فيزا من السفارة الألمانية في مصر لدخول ألمانيا و متابعة حاله و الصلاة عليه إن مات و دفنه في مدافن المسلمين فحالت القوانين الألمانية المتشددة بينهم و بين ذلك.
أقرباؤه في الدول الأوربية المجاورة لم يتمكنوا من الوصول إليه قبل موته أيضًا ، توفاه ملك الموت و دفن في مدافن النصارى دون أن يصلي عليه أحد من أهله . كانوا يذكرونه طويلًا و يتحسرون على موته في بلد غريب بعيدًا عنهم ثم لم يستغفروا له أو يطلبوا له الرحمة من المولى الرحمن الرحيم.
إنا لله و إنا إليه راجعون.
رد مع اقتباس