- باب في صفايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الأموال
2963ـ حدثنا الحسن بن علي، ومحمد بن يحيى بن فارس، المعنى قالا: ثنا بشر بن عمر الزهراني قال: حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال:
أرسل إليَّ عمر حين تعالى النهار، فجئته فوجدته جالساً على سرير مُفْضياً إلى رماله، فقال حين دخلت عليه: يامال، إنه قد دفَّ أهل بيات من قومك، وإني قد أمرت فيهم بشىء فاقسِمْ فيهم، قلت: لو أمرت غيري بذلك، فقال: خذه، فجاءه يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقَّاص؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاءه يرفأ فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في العباس وعليّ؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا، قال العباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا يعني عليّاً فقال بعضهم: أجل يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرحهما. قال مالك بن أوس: خُيِّل إليَّ أنهما قدَّما أولئك النفر لذلك، فقال عمر رضي اللّه عنه: اتَّئدا ، ثم أقبل على أولئك الرهط فقال: أنشدكم باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ؟" قالوا: نعم، ثم أقبل على عليّ والعباس رضي اللّه عنهما! فقال: أنشدكما باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ؟" فقالا: نعم، قال: فإِن اللّه خصَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخاصَّة لم يخصَّ بها أحداً من الناس، فقال اللّه تعالى: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ، ولكنَّ اللّه يسلِّط رسله على من يشاء، واللّه على كلِّ شىءٍ قديرٌ} وكان اللّه أفاء على رسوله بني النضير، فواللّه ما استأثر بها عليكم ولا أخذها دونكم، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأخذ منها نفقة سنة، أو نفقته ونفقة أهله سنة، ويجعل ما بقي أسوة المال، ثم أقبل على أولئك الرَّهط فقال: أنشدكم باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعليّ رضي اللّه عنهما فقال: أنشدكما باللّه الذي بإِذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، فلما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال أبو بكر: أنا وليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجئت أنت وهذا إلى أبي بكر رضي اللّه عنه تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر [رحمه اللّه]: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لانورث ما تركنا صدقةٌ" واللّه يعلم إنه لصادقٌ بارٌّ راشد تابع للحق فوليها أبو بكر، فلما توفي [أبو بكر] قلت: أنا وليُّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووليُّ أبي بكر، فولِيتُها ما شاء اللّه أن أَلِيَها، فجئت أنت وهذا، وأنتما جميع وأمركما واحد، فسألتمانيها فقلت: إن شئتما أن أدفعها إليكما على أنَّ عليكما عهد اللّه أن تلِيَاها بالذي كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يليها، فأخذتماها مني على ذلك، ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك، واللّه لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة، فإِن عجزتما عنها فرُدّاها إليّ.
قال أبو داود: إنّما سألاه أن يكون يُصَيّره بينهما نصفين، لا أنهما جهلا أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ" فإِنهما كانا لا يطلبان إلا الصواب، فقال عمر: لا أوقع عليه اسم القسم، أدعه على ما هو عليه.
2964ـ حدثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بهذه القصة قال:
وهما يعني عليّاً والعباس، رضي اللّه عنهما يختصمان فيما أفاء اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم من أموال بني النضير.
قال أبو داود: أراد أن لا يوقع عليه اسم قسْمٍ.
2965ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن عبدة، المعنى أن سفيان بن عيينة أخبرهم، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر قال:
كانت أموال بني النضير مما أفاء اللّه على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
خالصاً، ينفق على أهل بيته، قال ابن عبدة: ينفق على أهله، قوت سنة، فما بقي جعل في الكراع وعُدّةً في سبيل اللّه عزَّوجلَّ، قال ابن عبدة: في الكراع والسلاح.
2966ـ حدثنا مسدد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا أيوب، عن الزهري قال:
قال عمر: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولاركاب}، قال لزهري: قال عمر: هذه لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصة قُرَى عرينة فدك، وكذا وكذا، {ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول، ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}، و{للفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم}، {والذين تبوءوا الدار والإِيمان من قبلهم}، {والذين جاءوا من بعدهم}، فاستوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق، قال أيوب: أو قال: حظ، إلا بعض من تملكون من أرِقَّائكم.
2967ـ حدثنا هشام بن عمار، ثنا حاتم بن إسماعيل، ح وثنا سليمان بن داود المهري، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد، ح وثنا نصر بن عليّ، قال: أخبرنا صفوان بن عيسى، وهذا لفظ حديثه، كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال:
كان فيما احتج به عمر أنه قال: كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفدك. فأما بنو النضير: كانت حُبُساً لنوائبه، وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزَّأها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثة أجزاء: جزءين بين المسلمين، وجزءاً نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين.
2968ـ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد اللّه بن موهب الهمداني، ثنا الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أنها أخبرته
أن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه تسأله ميراثها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مما أفاء اللّه عليه بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ، إنّما يأكل آل محمدٍ من هذا المال" وإني واللّه لا أغيِّر شيئاً من صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلأعملنَّ فيها بما عمل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأبى أبو بكر رضي اللّه عنه أن يدفع إلى فاطمة [عليهما السلام] منها شيئاً.
2969ـ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، ثنا أبي، ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث، قال:
وفاطمة [عليها السلام] حينئذٍ تطلب صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر، قالت عائشة رضي اللّه عنها: فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لانورث ما تركنا صدقةٌ، وإنما يأكل آل محمدٍ في هذا المال" يعني مال اللّه، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل.
2970ـ حدثنا حجّاج بن أبي يعقوب، حدثني يعقوب يعني ابن إبراهيم بن سعد حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عروة أن عائشة [رضي اللّه عنها] أخبرته بهذا الحديث، قال فيه:
فأبى أبو بكر [رضي اللّه عنه] عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ وعباس رضي اللّه عنهم فغلبه عليّ عليها، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر، وقال: هما صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعْرُوهُ ونوائبه، وأمرهما إلى من ولى الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم.
2971ـ حدثنا محمد بن عبيد، ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري في قوله:
{فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} قال: صالح النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أهل فدك وقرى قد سماها لا أحفظها، وهو محاصرٌ قوماً آخرين فأرسلوا إليه بالصلح، قال: {فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} يقول: بغير قتال، قال الزهري: وكانت بنو النضير للنبيِّ صلى اللّه عليه وسلم خالصاً لم يفتحوها عَنْوَةً افتتحوها على صلح، فقسَّمها النبي صلى اللّه عليه وسلم بين المهاجرين، لم يُعْطِ الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة.
2972ـ حدثنا عبد اللّه بن الجرَّاح، ثنا جرير، عن المغيرة قال:
جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين اسْتُخْلِفَ فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت له فَدَكُ، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوِّج منها أيِّمَهُم، وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى، فكانت كذلك في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى مضى لسبيله، فلما أن وُلِّيَ أبو بكر [رضي اللّه عنه] عمل فيها بما عمل النبي صلى اللّه عليه وسلم في حياته حتى مضى لسبيله، فلما أن وُلي عمر عمل فيها بمثل ما عملا حتى مضى لسبيله، ثم أُقْطِعَها مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز قال عمر يعني ابن عبد العزيز فرأيت أمراً منعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاطمة [عليها السلام] ليس لي بحقٍّ، وأنا أشهدكم أنني قد رددتها على ما كانت، يعني على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
قال أبو داود: وُلِّيَ عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلَّتهُ أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار، ولو بقيَ لكان أقلّ.
2973ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن الفضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال:
جاءت فاطمة [رضي اللّه عنها] إلى أبي بكر [رضي اللّه عنه] تطلب ميراثها من النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنَّ اللّه عزوجل إذا أطعم نبيّاً طعمةً فهي للذي يقوم من بعده".
2974ـ حدثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "لاتقتسم ورثتي ديناراً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقةٌ".
قال أبو داود: "مؤنة عاملي" يعني أَكَرَضة الأرض.
2975ـ حدثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتري قال:
سمعت حديثاً من رجل فأعجبني فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوباً مُذَبَّراً : دخل العباس وعليٌّ على عمر، وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "كلُّ مال النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم صدقةٌ، إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لانورث؟" قالوا: بلى، قال: فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينفق من ماله على أهله ويتصدق بفضله، ثم توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فوليها أبو بكر سنتين، فكان يصنع الذي كان يصنع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ذكر شيئاً من حديث مالك بن أوس.
2976ـ حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت:
إنَّ أزواج النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم حين توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ثُمنَهُنَّ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت لهنَّ عائشة: أليس قد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لانورث ما تركنا فهو صدقةٌ".
2977ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب بإِسناده نحوه،
قلت: ألا تتَّقين اللّه؟ ألم تسمعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "لانورث ما تركنا فهو صدقةٌ، وإنّما هذا المال لآل محمدٍ لنائِبَتِهِم ولضيفهم، فإِذا متُّ فهو إلى من ولى الأمر من بعدي".
20- باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى
2978ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر بن ميسرة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد اللّه بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، قال:
أخبرني جُبير بن مطعم أنه جاء هو وعثمان بن عفان يكلمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب، فقلت: يارسول اللّه، قسمت لإِخواننا بني المطلب، ولم تعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "إنّما بنو هاشمٍ وبنو المطلب شىءٌ واحدٌ" قال جبير: ولم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل [شيئاً] من ذلك الخمس: كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قَسْمِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يعطيهم قال: وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه وعثمان بعده.
2979ـ حدثنا عبيد اللّه بن عمر، ثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب، ثنا جبير بن مطعم
أنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً، كما قسم لبني هاشم وبني المطلب. قال: وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخمس نحو قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كما كان يعطيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه.
2980ـ حدثنا مسدد، ثنا هشيم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب قال: أخبرني جبير بن مطعم قال:
لما كان يوم خيبر وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سهم ذي القربى في بني هاشمٍ وبني المطلب، وترك بني نوفلٍ وبني عبد شمس، فانطلقت أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم، فقلنا: يارسول اللّه، هؤلاء بنو هاشم لاننكر فضلهم للموضع الذي وضعك اللّه به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنَّا وبنو المطلب لانفترق في جاهليةٍ ولا إسلامٍ، وإنّما نحن وهم شىءٌ واحدٌ" وشبَّك بين أصابعه صلى اللّه عليه وسلم.
2981ـ حدثنا حسين بن عليّ العجلي، ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن السُّدِّي في ذي القربى قال: هم بنو عبد المطلب.
2982ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنا يزيد بن هُرمُزَ
أن نجدة الحروريَّ حين حجَّ في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس: لقربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قسمه لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقِّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله.
2983ـ حدثنا عباس بن عبد العظيم، ثنا يحيى بن أبي بُكير، ثنا أبو جعفر الرَّازي، عن مُطرِّف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليّاً يقول:
وَلاَّني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وحياة أبي بكر، وحياة عمر فأتي بمال، فدعانني فقال: خذه، فقلت: لا أريده، فقال: خذه فأنتم أحقُّ به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال.
2984ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير، ثنا هاشم بن البريد، ثنا حسين بن ميمون، عن عبد اللّه بن عبد اللّه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
سمعت عليّا [عليه السلام] يقول: اجتمعت أنا والعباس، وفاطمة، وزيد بن حارثة عند النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يارسول اللّه، إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب اللّه عزَّوجلَّ، فأقسمه [في] حياتك كي لاينازعني أحد بعدك فافعل، قال: ففعل ذلك قال: فقسمته حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم ولاَّنيه أبو بكر رضي اللّه عنه، حتى إذا كانت آخر سنة من سني عمر [رضي اللّه عنه] فإِنه أتاه مال كثير فعزل حقنا، ثم أرسل إليَّ فقلت: بنا عنه العام غنىً، وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم، فرده عليهم ثم لم يَدْعُني إليه أحد بعد عمر، فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فقال: يا عليّ، حرمتنا الغداة شيئاً لايُرَدُّ علينا أبداً، وكان رجلاً داهياً.
2985ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة، ثنا يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد اللّه بن الحارث بن نوفل الهاشمي، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث، وعباس بن عبد المطلب، قالا لعبد المطلب بن ربيعة، وللفضل بن عباس:
ائتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقولا له: يارسول اللّه، قد بلغنا من السنِّ ما ترى، وأحببنا أن نتزوج، وأنت يارسول اللّه أبرُّ الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا مايصدقان عنا، فاستعملنا يارسول اللّه على الصدقات، فلنؤدِّ إليك مايؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق، قال: فأتى عليُّ بن أبي طالب ونحن على تلك الحال، فقال لنا: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا واللّه لايستعمل أحداً منكم على الصدقة، فقال له ربيعة: هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم نحسدك عليه، فألقى عليّ رداءه، ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم، واللّه لا أريم حتى يرجع إليكما ابناكما بجوابٍ مابعثتما به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل [إلى باب حجرة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم] حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم، وهو يومئذٍ عند زينب بنت جحش، فقمنا بالباب، حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأخذ بأذي وأذن الفضل، ثم قال: أخرجا ما تُصَرِّرَان ثم دخل فأذن لي وللفضل، فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلاً ثم كلمته، أو كلمه الفضل، قد شك في ذلك عبد اللّه، قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ساعة ورفع بصره قِبَل سقف البيت حتى طال علينا أنه لايرجع إلينا شيئاً، حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد أن لاتعجلا، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أمرنا، ثم خفض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأسه فقال لنا: "إنَّ هذه الصدقة إنّما هي أوساخ الناس، وإنَّها لاتحلُّ لمحمَّدٍ ولا لآل محمدٍ، ادعوا لي نوفل بن الحارث" فدعي له نوفل بن الحارث فقال: "يانوفل أنكح عبد المطلب" فأنكحني نوفل، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ادعوا لي محمية بن جزء" وهو رجل من بني زُبَيْدٍ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استعمله على الأخماس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمحمية "أنكح الفضل" فأنكحه، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا" لم يسمِّه لي عبد اللّه بن الحارث.
2986ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عنبسة بن خالد، ثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عليّ بن حسين أن حسين بن عليّ أخبره
أن عليّ بن أبي طالب قال: كانت لي شارفٌ من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخمس يومئذٍ؛ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واعدت رجلاً صوَّاغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإِذخر، أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفيَّ متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، أقبلت حين جمعت ما جمعت، فإِذا بشارفيَّ قد اجتبَّت أسنمتهما وبُقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عينيَّ حين رأيت ذلك المنظر، فقلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شَرْب من الأنصار غنته قينة وأصحابه، فقالت في غنائها: ألا ياحمزُ للشُّرُفِ النِّوَاءِ
فوثب إلى السيف، فاجتبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، قال عليّ: فانطلقت حتى أدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذي لقيت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مالك؟" قال: قلت: يارسول اللّه، ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتيّ، فاجتبَّ أسنمتهما وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شَرْبٌ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بردائه، فارتداه، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن، فأُذِنَ له، فإِذا هم شرب فطفق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإِذا حمزة ثملٌ محمرَّة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم صعَّد النظر فنظر إلى ركبتيه، ثم صعَّد النظر فظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبلي؟ فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه ثمِلٌ، فنكص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه.
2987ـ حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد اللّه بن وهب، حدثني عيَّاش بن عقبة الحضرمي، عن الفضل بن الحسن الضمري أن ابن أم الحكم، أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثه، عن إحداهما أنها قالت:
أصاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سبياً، فذهبت أنا وأختي وفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشىء من السَّبي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "سبقكُنَّ يتامى بدرٍ، ولكن سأدلكنَّ على ما هو خيرٌ لكنَّ من ذلك: تكبرن اللّه على اثر كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، وثلاثاً وثلاثين تحميدةً، ولا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شىء قدير".
قال عياش: وهما ابنتا عمِّ النبي صلى اللّه عليه وسلم.
2988ـ حدثنا يحيى بن خلف، ثنا عبد الأعلى، عن سعيد يعني الجرَيْري عن أبي الورد؛ عن ابن أعبد قال:
قال لي عليَّ [رضي اللّه عنه]: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكانت من أحبِّ أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنها جرَّت بالرحى حتى أثّر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها، فأتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم خدٌ فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً فأتته، فوجدت حُدَّاثاً فرجعت، فأتاها من الغد فقال: "ما كان حاجتك؟" فسكتت، فقلت: أنا أحدِّثك يارسول اللّه، جرَّت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حرَّ ما هي فيه، قال: "اتّقي اللّه يافاطمة، وأدِّي فريضة ربِّك، واعملي عمل أهلك، فإِذا أخذت مضجعك فسبِّحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبِّري أربعاً وثلاثين، فتلك مائةٌ فهي خيرٌ لك من خادمٍ" قالت: رضيت عن اللّه عزَّوجلَّ، وعن رسوله [صلى اللّه عليه وسلم].
2989ـ حدثنا أحمد بن محمد المروزي، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عليّ بن حسين بهذه القصة قال: ولم يخدمها.
2990ـ حدثنا محمد بن عيسى، ثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي، قال أبو جعفر: يعني ابن عيسى كنا نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي قال: حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مُجَّاعة، عن هلال بن سرّاج بن مُجَّاعة، عن أبيه، عن جده مُجَّاعة،
أنه أتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوسٍ من بني ذُهلٍ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت جاعلاً لمشركٍ ديةً جعلت لأخيك، ولكن سأعطيك منه عقبى" فكتب له النبي صلى اللّه عليه وسلم بمائة من الإِبل من أول خُمسٍ يخرج من مشركي بني ذهل، فأخذ طائفةً منها وأسلمت بنو ذهل، فطلبها بعد مُجّاعةُ إلى أبي بكر، وأتاه بكتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاعٍ من صدقة اليمامة: أربعة آلاف بُرّاً، وأربعة آلاف شعيراً، وأربعة آلاف تمراً، وكان في كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم لمجَّاعة "بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ من محمد النبيِّ لمجاعة بن مرارة من بني سلمى، إني أعطيته مائةً من الإِبل من أول خمسٍ يخرج من مشركي بني ذهلٍ عقبةً من أخيه".
21- باب ما جاء في سهم الصّفي
2991ـ حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن مطرِّف، عن عامر الشعبي قال:
كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم سهمٌ يدعى الصَّفِيَّ، إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس.
2992ـ حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو عاصم وأزهر قالا: ثنا ابن عَوْن قال:
سألت محمداً عن سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم والصفيِّ قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفيُّ يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شىء.
_________________________________________________
المصدر:فهرس أبو داوود