
29-07-2011, 02:09 PM
|
 |
عضو متألق
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2008
العمر: 31
المشاركات: 3,125
معدل تقييم المستوى: 20
|
|
المقدمـــة
لتحميل المقدمة اضغط هنا
كان صاحبى يحيى شاب غلبته نفسه وتمكنت منه شهوته
فانصرف عن أمور آخرته إلى دنياه وعن التجارة الرابحة إلى التجارة الخاسرة وعن مدارج العارفين إلى مباذل الخاسرين الغافلين ولم يكن من قبل هذا حاله
وما كان أحد من أصحابه يظن أنه إلى هذا سيكون مآله لأنه نشأ فى طاعة الله واشتهر بورعه وتقاه حتى عرف بين أقرانه بـ " العابد " بل وسماه بعضهم " حمامة المساجد "
ولكن سبحان الله ثم سبحان الله
كيف تتغير النفوس من حال إلى حال ؟!
وكيف تصاب الروح المؤمنة القوية بالهزال ؟!
كنت أغبط هذا الفتى على ما أوتى من ورع وتقى واجتهاد فى الطاعات وهو فى ريعان الصبا فقد حفظ كتاب الله ونال حظا وافرا من العلم الشرعى وتأثر كثيرا بكتب ابن القيم رحمه الله وكان كثيرا ما يقول " لا يفهم المدراج إلا من درج "
كان طويل الصمت قليل الكلام فإن تحدث تحدث همسا أو ما يشبه الهمس ولكن حديثه ينفذ إلى القلب فيه الحلاوة والطلاوة يسحر السامع ويأخذ بلبه ويستوى عليه فلا يدرى أهو أسير حديثه أم أسير محدثه
كان كثيرا ما يجول فى المساجد وبعض النوادى والمنتزهات العامة والأسواق يدعو إلى الله فيجتمع إليه كثير من الناس يسمعون حديثه العذب كأن على رؤوسهم الطير وكثيرا ما كان يوزع الأشرطة الوعظية النافعة على الناس حتى أحبوه وضربوا فيه أمثلة الأدب والخلق
وكان قد أسر بأحاديثه هذه الفتاة التى يقع بيتها فى نهاية الشارع الممتد من سوق الملابس قريبا من بيت أبى عبدالله القحطانى الذى لم تفته صلاة الفجر جماعة منذ 40 سنة
كانت هذه الفتاة جميلة للغاية كان يحيى كما ينقل الثقات لم يتأمل وجهها فى حياته قط وكان كثيرا ما يقول : " رب نظرة أورثت فى القلب ألف حسرة " ويتمثل بقول الله تعالى : " قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَىَ لَهُمْ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "
والله إنى لفى حيرة !!
كيف استطاعت هذه الفتاة أن تسحره وتستولى على قلبه وتسلبه عقله ولبه ؟
ولكن نعوذ بالله من فتنة النساء فهذا أخونا خالد المنصور كان يصب اللوم الشديد على من صار بها ولهانا وما ترددت الفتاة على دكانه عددا من المرات حتى نظم فيها قصيدة عنوانها أوقعتنى فى الحب ليلى
أوقعتنى فى الحب ليلى
وانثنى الخطو عاطرا وشذيا
خفت ربى ولكنها لم تزل
تستحث الخطى حديثا زكيا
وجبين السماء يعتم حينا
وهو يسدى الرميم ماءا جنيا
ودموع الغمام تروى غراما
فى عيون الزهور كان خفيا
وتمر الساعات تنسج حلما
فى خيال النيام حلوا شهيا
فتحوم المنى وتطفو الامانى
وتمر الطيوف شيئا فشيئا
وإنما سنذكرها كلها من البداية إلى النهاية
وهى والحق يقال لو اطلع عليها البشر لكانت عبرة لم يعتبر
|