عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-08-2011, 06:16 PM
السيد المرشدى السيد المرشدى غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 438
معدل تقييم المستوى: 15
السيد المرشدى is on a distinguished road
افتراضي

و فى متابعتى معك .. أقول أن الأمم غير المسلمة ،كى تنهض ، ليس عليها إلا أن تأخذ بالأسباب المادية المجردة ، كعملية ميكانيكية بحتة ، مع توافر إطار قيمى للحقوق و الواجبات . و ربما يكون هذا ما عناه الإمام ابن تيمية لمّا قال إن الله يقيم الدولة العادلة و لو كانت كافرة ، و لا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة ، مع ملاحظة الدقة فى تعبير الإمام رحمه الله عندما لم يقل " الدولة المؤمنة " بل قال " المسلمة " ، لأن الإيمان لابد أنه صنو التقدم وقرينه عند الأمة صاحبة الرسالة مع الأخذ بالأسباب المتوفرة حتى دون استقصائها جميعا .
بل أكثر من هذا ، فإن الأمم غير المؤمنه يمكن لها أن تحرز كثيرا من التقدم مما نعرف أو مما لانعرف ، لكن من رحمة الله عز و جل بعباده المؤمنين ، لم يدع لغير المؤمنين هذه الخاصية فى أسباب التقدم و الرقى المادى تعمل على إطلاقها رحمة منه تعالى أن يفتن بها بعض عباده . أذهب بك على عجل إلى سورة " الزخرف " و لعل فى تسميتها هكذا لفتا لأنظار المفكرين و المعتبرين ، إذ يقول الحق تعالى "ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا، والآخرة عند ربك للمتقين ." 33-35 . المعنى اليسير القريب من الأفهام و الظاهر لأصحاب الفطر السليمة أنه لولا أن يكون الناس جميعا أمة واحدة فى الكفر و الفسوق لجعل الله عز و جل لمن يكفر به أنواعا من الرقى المادى و التقدم الحضارى على ما تقدم ذكره فى الآيات ، و ذلك لإحقاق معنى مهم و كبير مفاده أن الدنيا بزخرفها العظيم هذا لا قيمة لها فى ميزان الإيمان . و لكن لأن الله عز و جل لا يريد لعباده فتنة كبيرة فى مثل هذا المقام ، فإنه أعطاهم بقدر ، هذا مجاله و تلك حدوده ...
و عندما نقلب أحوال الأمم قاطبة على مر تاريخها القديم منها و الحديث ، لا بد أن نخلص إلى فئتين اثنتين لا ثالث لها : الأمة الخاتمة صاحبة الرسالة الأخيرة فى جانب ، و الأمم غير المؤمنة فى الجانب الآخر
__________________
أبو عبد الله
رد مع اقتباس