دستور يا أسيادي
كان الزار أحد الوسائل الشعبية لعلاج الأمراض لاعتقاد الناس بفكرة التلبس وقدرة أرواح العالم السفلي على السيطرة على الإنسان، ولطرد هذه "الأسياد" يجب إقامة حفل الزار، وتأتي "الكودية" وهي شيخة الزار وتقوم بوضع كرسي في وسط المجلس، تجلس عليه الملبوسة التي أقيم لها الزار مرتدية ثوبا أبيض اللون وتضع الكودية ديكا على رأسها وفرختين على كتفيها ثم تتلو قراءات معينة وتنشد أناشيد وتردد الحاضرات كلمة "دستور يا أسيادي"، ثم تضرب معاونات الكودية بالدفوف وينشدن الأناشيد على دقات الطبول، وتبدأ الكودية في رقص متشنج وتشترك معها المريضة حتى تسقط من التعب ويذبح خروف تلطخ بدمائه الثياب البيضاء لصاحبة الزار.
اعتاد الناس التبرك بالمجاذيب والاعتقاد في ولايتهم، ويصف الرسام الفرنسي بريس دافين بعض هذه المظاهر فيقول "هناك الأولياء ومباح لهم فعل أي شيء، وهم أشخاص يتكلفون التقوى ويبدي نحوهم السذج احتراما دينيا، إنهم أشخاص يمشون نصف عراة، تجدهم جالسين في الأركان، وكثيرا ما رأيت نسوة تقيات متدينات يقتربن من هؤلاء الأولياء ويقبلن أيديهم".
ويروي المؤرخ الإنجليزي إدوارد لين أحد المواقف التي حدثت معه خلال زيارته الأولى للقاهرة "كنت أتجول في شوارع القاهرة فوقف أمامي رجل شبه عار وشعره منسدل في جدائل طويلة، وكان ممتطيا حماره فاعترض سبيلي ثم مد يده طالبا حسنة، وقد حاولت جاهدا تجنبه، لكن احد المارة لامني على فعلي ولفت نظري إلى أن هذا الرجل ولي من الأولياء ينبغي احترامه والإذعان لطلبه، وإلا أصابني مكروه ولاحقني سوء الطالع".