النحل
{15} وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
"وَأَلْقَى فِي الْأَرْض رَوَاسِيَ" جِبَالًا ثَوَابِت "أَنْ" لَا "تَمِيد بِكُمْ" تَتَحَرَّك "و" جَعَلَ فِيهَا "أَنْهَارًا" . كَالنِّيلِ "وَسُبُلًا" طُرُقًا "لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" إلَى مَقَاصِدكُمْ
{16} وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
"وَعَلَامَات" تَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى الطُّرُق كَالْجِبَالِ بِالنَّهَارِ "وَبِالنَّجْمِ" بِمَعْنَى النُّجُوم "هُمْ يَهْتَدُونَ" إلَى الطُّرُق وَالْقِبْلَة بِاللَّيْلِ
{17} أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
"أَفَمَنْ يَخْلُق" وَهُوَ اللَّه "كَمَنْ لَا يَخْلُق" وَهُوَ الْأَصْنَام حَيْثُ تُشْرِكُونَهَا مَعَهُ فِي الْعِبَادَة ؟ لَا "أَفَلَا تَذَكَّرُونَ" هَذَا فَتُؤْمِنُونَ
{18} وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّه لَا تُحْصُوهَا" تَضْبِطُوهَا فَضْلًا أَنْ تُطِيقُوا شُكْرهَا "إنَّ اللَّه لَغَفُور رَحِيم" حَيْثُ يُنْعِم عَلَيْكُمْ مَعَ تَقْصِيركُمْ وَعِصْيَانكُمْ
{20} وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
"وَاَلَّذِينَ تَدْعُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء تَعْبُدُونَ "مِنْ دُون اللَّه" وَهُمْ الْأَصْنَام "لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ" يُصَوَّرُونَ مِنْ الْحِجَارَة وَغَيْرهَا
{21} أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
"أَمْوَات" لَا رُوح فِيهِمْ خَبَر ثَانٍ "غَيْر أَحْيَاء" تَأْكِيد "وَمَا يَشْعُرُونَ" أَيْ الْأَصْنَام "أَيَّانَ" وَقْت "يُبْعَثُونَ" أَيْ الْخَلْق فَكَيْفَ يُعْبَدُونَ إذْ لَا يَكُون إلَهًا إلَّا الْخَالِق الْحَيّ الْعَالِم بِالْغَيْبِ
{22} إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ
"إلَهكُمْ" الْمُسْتَحِقّ لِلْعِبَادَةِ مِنْكُمْ "إلَه وَاحِد" لَا نَظِير لَهُ فِي ذَاته وَلَا فِي صِفَاته وَهُوَ اللَّه تَعَالَى "فَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبهمْ مُنْكِرَة" جَاحِدَة لِلْوَحْدَانِيَّةِ "وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ" مُتَكَبِّرُونَ عَنْ الْإِيمَان بِهَا
{23} لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
"لَا جَرَم" حَقًّا "أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ" فَيُجَازِيهِمْ بِذَلِكَ "إنَّهُ لَا يُحِبّ الْمُسْتَكْبِرِينَ" بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَاقِبهُمْ
{24} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
وَنَزَلَ فِي النَّضْر بْن الْحَارِث "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَا" اسْتِفْهَامِيَّة "ذَا" مَوْصُولَة "أَنْزَلَ رَبّكُمْ" عَلَى مُحَمَّد "قَالُوا" هُوَ "أَسَاطِير" أَكَاذِيب "الْأَوَّلِينَ" إضْلَالًا لِلنَّاسِ
{25} لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ
"لِيَحْمِلُوا" فِي عَاقِبَة الْأَمْر "أَوْزَارهمْ" ذُنُوبهمْ "كَامِلَة" لَمْ يُكَفَّر مِنْهَا شَيْء "يَوْم الْقِيَامَة وَمِنْ" بَعْض "أَوْزَار الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْم" لِأَنَّهُمْ دَعَوْهُمْ إلَى الضَّلَال فَاتَّبَعُوهُمْ فَاشْتَرَكُوا فِي الْإِثْم "أَلَا سَاءَ" بِئْسَ "مَا يَزِرُونَ" يَحْمِلُونَهُ حِمْلهمْ هَذَا
{26} قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ
"قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" وَهُوَ نَمْرُوذ بَنَى صَرْحًا طَوِيلًا لِيَصْعَد مِنْهُ إلَى السَّمَاء لِيُقَاتِل أَهْلهَا "فَأَتَى اللَّه" قَصَدَ "بُنْيَانهمْ مِنْ الْقَوَاعِد" الْأَسَاس فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الرِّيح وَالزَّلْزَلَة فَهَدَمَتْهُ "فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْف مِنْ فَوْقهمْ" أَيْ هُمْ تَحْته "وَأَتَاهُمْ الْعَذَاب مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ" مِنْ جِهَة لَا تَخْطِر بِبَالِهِمْ وَقِيلَ هَذَا تَمْثِيل لِإِفْسَادِ مَا أَبْرَمُوهُ مِنْ الْمَكْر بِالرُّسُلِ