-11-




ومازال نهر الحياة يفيض بكلماته العذبة ومازالت تلك الحورية التي اشتقت إليها تراودني في أحلامي نعم هي كما رأيتها من قبل ولكن تلك المرة أراها تحمل لي زهرة ذابلة وحينما أقبلت إلّي بدأت تسرع وفجأة أعطتني تلك الزهرة القرمزية اللون هذا اللون لم يكن لو الزهرة ولكنه لون تلك الدماء التي تتساقط من يدها وفجأة استيقظت من نومي على هذا الكابوس أمسك بهاتفي المحمول وسرعان ما قمت بالاتصال بسهر وأطمئن قلبي الحمد لله هي بخير ولكن لا أدري لما رأيت هذا المنام .
جلست متكئ على سريري وإذ به أذان الفجر لم أستطع القيام فكأنني مخدر ولكن بعد محاولات كثيرة استطعت القيام قمت وتوضأت ذهب إلي المسجد بخطى ثابتة صليت الفجر وخرجت من المسجد متجه إلي الحقول الخضراء لكي أستنشق هذا النسيم الفائح من أزهار شجر البرتقال والليمون تلك الريح الطيبة التي لطالما تمنين أن أعيش بجوارها وإذ بي أرى أول شعاع للشمس ، ذهبت إلي البيت ووجدت والدتي تعد طعام الإفطار وأبلغتني بأنهم قد دفعوا مبلغ من المال لأحد الأشخاص لكي يجلب لي تأشيرة السفر إلى إحدى البلاد العربية وفجأة قبل أن تستكمل حديثها وكأن جسدي أٌصيب برعشة لم تحدث لي من قبل فأبلغتها بأنني لا أرغب في السفر وإن كنت أرغب ذلك فلما قدمت في تلك الوظيفة – في شركة مصر للطيران – وقمت بكل تلك الخطوات وأجريت الاختبارات ولم يبقى سوى اختبار الحاسب الآلي فقالت لي ولما يا بني فالحياة في مصر ليست كما تتصور وهناك ستجد إخوانك في انتظارك وأنت تعلم أنّ أحب أصدقائك هناك .
رسم الصمت على شفتاي ولم أتحدث ولم أتزوق طعم الطعام وخرجت مرة أخرى سارعت بالاتصال على سهر ودار حوار طال أكثر من ساعتان ورأيت من بين كلماتها أنها لا ترغب في سفري وبعد جدال طويل أستقر الأمر بأنني سوف أقابلها غداً وانتهت المكالمة على تلك الأحداث .
ذهبت إلى البيت ولكن تلك المرة إذ به أخي يتصل بهم من تلك البلدة التي من المتوقع أن أٌسافر إليها وابلغهم بأن كل شيء على ما يٌرام وكان بجواره هذا الرجل الذي سيجلب لي تأشيرة العمل تيقنت حينها بأنني سأترك أرض الوطن .
مرت الأيام وبالفعل أتت تلك التأشيرة وبدأت في الإجراءات الخاصة بالسفر وكان لابد من الذهاب إلى القاهرة .
بين تلك الأحداث قابلت سهر ثلاث مرات في خلال ثلاثة أسابيع وكان أجمل لقاء حينما التقينا بالقرب من أجدادنا الفراعنة ويومها أتذكره جيداً كتبت بدمي أسمي وأسمها على صخرة بالقرب من هرم خفرع وقضيت معها أجمل أيام العمر حيث تبادلنا الأشواق ولكن هذا اللقاء أطلقت عليه لقاء العيون فتحدثت أعيننا أكثر من شفتانا وتعانقت سوياً حتى قرأ كل منا أفكار الأخر وحان وقت الرحيل بدأت الشمس في الغروب وكان الجو رومانسي بمعنى الكلمة أغمضت عيناي وبدأت أشعر بأنفاس حارة تحرق وجهي ويد تلامسني حتى تصورت بأنني الآن لست على وجه الأرض شعرت بلذة لم أشعر بها من قبل .
لقاء الوداع
حان وقت الذهاب للقاهرة مرة أخرى ولكن تلك المرة ستكون الأخيرة قبل الرحيل قبل أن أترك عالم الأحباب وأرحل إلى عالم البحث عن المجد كما كنت أتصور .
كانت سهر تعد نفسها للقاء الأخير ولم نكن نعلم أنه الأخير بلا لقاء أم سيكون هناك لقاء بلا فراق , دقت الساعة الرابعة فجراً استيقظت من نومي وسرعان ما ارتديت ملابسي جهزت نفسي وتوكلت على الله ذهبت إلي الموقف الخاص بالقاهرة استقليت السيارة حتى وصلت إلي عبود نزلت من السيارة وذهبت إلى محطة المترو أخذت المترو اتجاه الجيزة ومر الوقت الآن وصلت محطة المنيب خرجت من المحطة وذهب إلي سيارات استقلتني إلى شبرامنت حيث كانت كلية سهر اتصلت بسهر :
..... : صباح الحب
سهر : صباح الفل والورد والياسمين ، وصلت فين دلوقت يا بيبي
......: باقي نص ساعة وأكون تحت السكن بتاعك
سهر : أنا هجهز نفسي لحد ما تيجي
...... : أوكى ، أسيبك بقي وأجهزي على ما أجي
سهير : أوكى يا عمري
...... : لا اله إلا الله
سهر : محمد رسول الله
أغلقت معها المكالمة وبدأت في التفكير حتى توقف عقلي عنه ، أخيراً وصلت السيارة إلى شبرامنت اتصلت بسهر وأخبرتها بوصولي وانتظرت قدوم سهر ، رأيتها نعم انها هي طلعت كمطلع القمر لينير ما حوله ، ظهرت كماء المطر ليعيد الحياة لأرض قد قاربت على الجفاف .
سارعت في خطواتي وهي أيضاً تقابلت أعيننا قبل أن نتقابل أمسكت بيدي وشعرت كأنني طفل ضل الطريق وفجأة التقى بأمه . تحدثت عينانا طويلا ذهبنا على المنيب ومنها ركبنا جيزة بحر وهناك بالقرب من كبري قصر النيل حيث يوجد مجرى النيل العذب وهناك العديد من العشاق ولكن لم أرى سواها جلسنا في أحد الحدائق التي تطل على نهر النيل ومن هنا بدأنا في التعبير عن الذات المفقودة تلك الروح الواحدة التي كانت تعيش في جسدين سيطرت لغة العيون على الموقف وبدأنا في الحديث سوياً وإذ بسهر فجأة أحمر وجهها وبدأت الدموع تتساقط على وجنتيها مددت يدي وأخذت أجفف لها دموعها ، تركنا الحديقة وذهبنا سوياً نمرح ونضحك ولكن كان لقاء مختلف فهذا لقاء قبل الرحيل ، جلسنا بالقرب من كوبري قصر النيل أسفل الكوبري يوجد حديقة صغيرة وهناك كانت أشواق لم تكن متوقعة وهمسات وأشواق وقبلات لم نكن ندري لما ولكن هكذا عبرت سهر عن تلك الأشواق الموجودة بداخلها ...............إلخ
دقت الساعة التاسعة مساءاً وحان وقت الرحيل أخذت سهر إلي حيث أتيت بها أوصلتها ولكنها طلبت مني أن نذهب لنأكل كشري تلك الأكلة المصرية التي أعشقها ذهبنا سوياً ونحن في الطريق وجدنا (محمصة لب ) دخلنا وأحضرنا ما كنا نريده كانت سهر تضع اللب في فمها وتخرجه بلا قشر وتضعه في فمي وكأنني هذا الطفل الرضيع الذي يشتهي ما تخرجه أمه من فمها وهنا أختلط لعابها بلعابي وهنا كانت قبلة طويلة قبلة أطلقت عليها قبلة الوداع .
وصلنا إلى كوبري المنيب هذا الكوبري الذي يعتلي محطة المترو ودعت سهر وذهب سهر وأنا أنظر إليها ولكن حينما كانت تدير وجهها كنت أنظر أمامي وكأنني لم انظر إليها وفجأة التقت عيناها بعيني ومن هنا بدأ الأشواق تتهافت أسرعت إليها وهي أيضاً ولولا وجود الناس لكنت عانقتها ولكن اكتفيت بلمس يديها والضغط عليها ولكن برفق وبدأت الدموع تتساقط من عينيها وتكرر هذا الموقف أكثر من خمس مرات حتى أعطيتها ظهري وذهبت ولكن لم يطمئن قلبي حتى ذهبت أتبعها وهي لا تراني حتى أطمئن قلبي حينما استقلت سهر السيارة للذهاب على شبرامنت وبعد تحرك السيارة بخمس دقائق جلست على الرصيف ولم تستطيع قدماي على أن تحملني جلست اتصلت بسهر وإذ بالدموع تنهمر من عيناي وكأنني فقدت أعز الناس بموته أجابت سهر على اتصالي وشعرت بصوتي وقالت لي لا تتحرك أنني قادمة إليك وفجأة وجدتها بجواري علم منها أنها نزلت من السيارة فور تحركها جلسنا سوياً خمس دقائق ولكن تلك المرة ودعتها وذهبت من حيث أتيت ذهب على عبود ومنه إلى الإسكندرية .
حينما وصلت على أعتاب مدخل سموحه أستقليت سيارة ومنه إلي البيت ذهبت وطيلة الطريق لم أفكر ولم تتحرك بداخلي أي كلمات ولكن كان قلبي يصرخ وحينها شعرت بأنه لقاء النهاية لم اعلم لما ولكن كان إحساس يدور بداخلي دخلت الشقة وذهبت لتناول العشاء ومنه إلي السرير كي لا تستمر عيناي في البكاء . استيقظت من نومي ومن الإسكندرية أستقليت سيارة إلي ريف مصر الذي أجده مسطر كاجمل سيمفونية مكتوبة ولا تحتاج إلي عازف كأنه لوحة رسمها رسام مخضرم . بدأت في تجهيز أوراقي الخاصة ذهبت إلي الجامعة لكي أقوم بتوثيق شهادة الجامعة ومنها إلي مبني الخارجية المصرية بمبنى المحافظة أنجزت كل ما كان علّي فعله .
حان الرحيل
ذهبت للبيت ووجدت أصحابي في انتظاري وأيضاً أهلي وكأنني عريس ينتظر ليلة زفافه اتصلت بسهر ودار بيننا حوار طويل وكنت على أعتاب الرحيل لقد تحدد موعد السفر . أعددت جميع حقائبي وذهبت من بيتي إلى مطار القاهرة الدولي كان موعد الرحيل الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت القاهرة دخلت باب المطار وانتهيت من إجراءات المطار وذهبت إلي صالة الانتظار ومنها إلى سلم الطائرة ، صعدت وجلست ربط حزام الأمان ، وبدأت الطائرة في التحرك ومن هنا بدأ النوم يسيطر على فذهبت روحي للقاء المحبوبة في حلم من أجمل أحلامي استيقظت من نومي وجدت وجبة الإفطار بجواري وضعته مضيفة الطائرة لم أتزوق طعم الطعام ، هبطت الطائرة انتهيت من إجراءات الدخول . خرجت خارج المطار وجدت أخوتي بانتظاري , ركبنا سيارة أخي الأكبر ومن المطار إلى بيته وجدت ترحيب هائل وبالأخص من أبنائه هؤلاء من لن أراهم منذ أكثر من ثلاثة أعوام .
حملت حقائبي ووضعتهم بالغرفة التي كانت مجهزة لي قمت بتبديل ملابسي أعطاني أخي شريحة هاتف جوال سعودية . أبلغتهم في رغبتي بالنوم ولكن حينما أغلقت باب الحجرة سرعان ما تواصلت مع سهر ولكن تلك المرة كان الحوار حوالي عشر دقائق .
إلى اللقاء مع
الفصل القادم