فصل
في بيان شبه غلطهم في تجريد اللفظ بغلط
الفلاسفة في تجريد المعاني
هذا هداك الله من إضلالهم*** وضلالهم في منطق الانسان
كمجردات في الخيل وقد بنى*** قوم عليها أوهن البنيان
ظنوا بأن لها وجودا خارجا*** ووجودها لو صح في الأذهان
أني وتلك مشخصات حصلت*** في صورة جزئية بعيان
لكنها كلية ان طابقت*** افرادها كاللفظ في الميزان
يدعونه الكلي وهو معين*** فرد كذا في المعنى هما سيان
تجريدا ذا في الذهن أو في خارج*** عن كل قيد ليس في الامكان
لا الذهن يعقله ولا هو خارج*** هو كالخيال لطيفة السكران
لكن تجردها المقيد ثابت*** وسواه ممتنع بلا امكان
فتجرد الأعيان عن وصف وعن*** وضع وعن وقت لها ومكان
فرض من الأذهان يفرضه كفر***ض المستحيل هما لها فرضان
الله أكبر كم دهى من فاضل*** هذا التجرد من قديم زمان
تجريد ذي الألفاظ عن تركيبها*** وكذاك تجريد المعاني الثاني
والحق أن كليهما في الذهن مفروض فلا تحكم عليه وهو في الأذهان
فيقودك الخصم المعاند بالذي*** سلمته للحكم في الأعيان
فعليك بالتفصيل إن هم أطلقوا*** أو أجملوا فعليك بالتبيان
فصل
في بيان تناقضهم وعجزهم
عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب
وتمسكوا بظواهر المنقول عن*** اشياخهم كتمسك العميان
وأبو بأن يتمسكوا بظواهر النصين واعجبا من الخذلان
قول الشيوخ محرم تأويله*** اذ قصدهم للشرح والتبيان
فإذا تأولنا عليهم كان أبطـ***ـالا لما راموا بلا برهان
فعلى ظواهرها تمر نصوصهم*** وعلى الحقيقة حملها لبيان
يا ليتهم أجروا نصوص الوحي*** ذا المجرى من الاثار والقرآن
بل عندهم تلك النصوص طواهر*** لفظية عزلت عن الايقان
لم تغن شيئا طالب الحق الذي*** يبغي الدليل ومقتضى البرهان
وسطوا على الوحيين بالتحريف إذ*** سموه تأويلا بوضع ثان
فانظر الى الأعراف ثم ليوسف*** والكهف وافهم مفتضى القرآن
فإذا مررت بآل عمران فهمـ***ـت القصد فهم موفق رباني
وعلمت أن حقيقة التأويل تبـ***ـين الحقيقة لا المجاز الثاني
ورأيت تأويل النفاة مخالفا*** لجميع هذا ليس يجتمعان
اللفظ هم أنشوا له معنى بذا***ك الاصطلاح وذاك أكر دان
وأتو الى الحاد في الأسماء*** والتحريف للألفاظ بالبهتان
فكسوه هذا اللفظ تلبيسا وتد***ليسا على العميان والعوران
فاستن كل منافق ومكذب*** من باطني قرمطي جان
في ذا بسنتهم وسمى جحده*** للحق تأويلا بلا فرقان
وأتى بتأويل كتأويلاتهم*** شبرا بشبر صارخا بأذان
أنا تأولنا كما أولتم*** فأتوا نحاكمكم الى الوزان
في الكفتين نحط تأويلاتنا*** وكذاك تأويلاتكم بوزان
هذا وقد أقررتم أنا بأيـ***ـدينا صريح العدل والميزان
وغدوتم فيه تلاميذا لنا*** أو ليس ذلك منطق اليونان
منا تعلمتم ونحن شيوخكم*** لا تجحدونا منه الاحسان
فسلوا مباحثكم بسؤال تفهم*** وسلوا القواعد ربة الأركان
من أين جاءتكم وأين أصولها*** وعلى يدي من يا أولي النكران
فلأي شيء نحن كفار*** وأنتم مؤمنون ونحن متفقان
أن النصوص أدلة لفظية*** لم تفض قط بنا الى ايقان
فلذاك حكمنا العقول وأنتم*** أيضا كذاك فنحن مصطلحان
فلأي شيء قد رميتم بيننا*** حرب الحروب ونحن كالاخوان
الأصل معقول ولفظ الوحي معـ***ـزول ونحن وأنتم صنوان
لا بالنصوص نقول نحن وأنتم*** أيضا كذاك فنحن مصطلحان
فذروا عداوتنا فإن وراءنا*** ذاك العدو الثقل ذي الأضغان
فهم عدوكم وهم أعداؤنا*** فجميعنا في حربهم سيان
تلك المجسمة الألى قالوا بأن*** الله فوق جميع ذي الأكوان
واليه يصعد قولنا وفعالنا*** واليه ترقى روح ذي الايمان
واليه قد عرج الرسول حقيقة*** وكذا ابن مريم مصعد الأبدان
وكذاك قالوا أنه بالذات فو***ق العرش قدرته بكل مكان
وكذاك ينزل كل آخر ليلة*** نحو السماء فها هنا جهتان
للابتداء والانتهاء وذان للأ***جسام أين الله من هذان
وكذاك قالوا أنه متكلم*** قام الكلام به فيا اخوان
أيكون ذاك بغير حرف أم بلا*** صوت فهذا ليس في الامكان
وكذلك قالوا ما حكينا عنهم*** من قبل قول مشبه الرحمن
فذروا الحراب لنا وشدوا كلنا*** جمعا عليهم حملة الفرسان
حتى نسوقهم بأجمعنا الى*** وسط العرين ممزقي اللحمان
فلقد كوونا بالنصوص وما لنا*** بلقائها أبد الزمان يدان
كم ذا يقال الله قال رسوله*** من فوق أعناق لنا وبنان
إذا نحن قلنا أرسطو ذا المعـ***ـلم أولا أو قال ذاك الثاني
وكذاك ان قلنا ابن سينا قال ذا*** أو قاله الرازي ذو التبيان
قالوا لنا قال الرسول وقال في القرآن كيف الدفع للقرآن
وكذاك أنتم منهم أيضا بهذا المنزل الضنك الذي تريان
ان جئتموهم بالعقول أتوكم*** بالنص من أثر ومن قرآن
فتحالفوا إنا عليهم كلنا*** حزب ونحن وأنتم سلمان
فإذا فرغنا منهم فخلافنا*** سهل فنحن وأنتم اخوان
فالعرش عند فريقنا وفريقكم*** ما فوقه أحد بلا كتمان
ما فوقه شيء سوى العدم الذي*** لا شيء في الأعيان والأذهان
ما الله موجود هناك وانما العدم لمحقق فوق ذي الأكوان
والله معدوم هناك حقيقة*** بالذات عكس مقالة الديصان
هذا هو التوحيد عند فريقنا*** وفريقكم وحقيقة العرفان
وكذا جماعتنا على التحقيق*** في التوراة والانجيل والفرقان
ليست كلام الله بل فيض من*** الفعال أو خلق من الأكوان
فالأرض ما فيها له قول ولا*** فوق السما للخلق من ديان
بشر أتى بالوحي وهو كلامه*** في ذاك نحن وأنتم مثلان
ولذاك قلنا أن رؤيتنا له*** عين المحال وليس في الامكان
وزعمتم أن نراه رؤية المعدوم لا الموجود في البرهان
إذ كل مرئي يقوم بنفسه*** أو غيره لا بد في البرهان
من أن يقابل من يراه حقيقة*** من غير بعد مفرط وتدان
ولقد تساعدنا على إبطال ذا*** أنتم ونحن فما هنا قولان
أما البلية فهي قول مجسم*** قال القرآن بدا من الرحمن
هو قوله وكلامه منه بدا*** لفظا ومعنى ليس يفترقان
سمع الأمين كلامه منه وأد*** اه الى المختار من انسان
فله الأداء كما الأدا لرسوله*** ولقول قول الله ذي السلطان
هذا الذي قلنا وأنت أنه*** عين المحال وذاك ذو بطلان
فإذا تساعدنا جميعا أنه*** ما بيننا لله من قرآن
الا كبيت الله إضافة المخلوق لا الأوصاف للديان
فعلام هذا الحرب فيما بيننا*** مع ذا الوفاق ونحن مصطلحان
فإذا أبيتم سلمنا فتحيزوا***لمقالة التجسيم بالأذعان
عودوا مجسمة وقولوا ديننا الـ***أثبات دين مشبه الديان
أو لا فلا منا ولا منه وذا*** شأن المنافق إذ له وجهان
هذا يوقل مجسم وخصومه*** ترميه بالتعطيل والكفران
هو قائم هو قاعد هو جاحد*** هو مثبت تلقاه ذا ألوان
يوما بتأويل يقول وتارة*** يسطو على التأويل بالنكران