الجزء الثاني
في شهادة أهل الاثبات
على أهل التعطيل أنه ليس في السماء اله يعبد
ولا لله بيننا كلام ولا في القبر رسول الله
إنّا تحملنا الشهادة بالذي*** قلتم نؤديها لدى الرحمن
ما عندكم في الأرض قرآن كلا***م الله حقا يا أولي العدوان
كلا ولا فوق السموات العلى*** رب يطاع بواجب الشكران
كلا ولا في القبر أيضا عندكم*** من مرسل والله عند لسان
هاتيك عورات ثلاث قد بدت*** منكم فغطوها بلا روغان
فالروح عندكم من الاعراض قا***ئمة بجسم الحي كالألوان
وكذا صفات الحي قائمة به*** مشروطة بحياة ذي الجثمان
فاذا انتفت تلك الحياة فينتفى*** مشروطها بالعقل والبرهان
ورسالة المبعوث مشروطة بها*** كصفاته بالعام والايمان
فاذا انتفت تلك الحياة فكل مشـ***ـروط بها عدم لذي الأذهان
فصل
في الكلام في حياة الأنبياء في قبورهم
ولأجل هذا رام ناصر قولكم*** ترقيعه يا كثرة الخلقان
قال الرسول بقبره حيّ كما*** قد كان فوق الأرض والرجمان
من فوقه أطياق ذاك الترب واللبنـ***ـات قد عرضت على الجدران
أو كان حيا في الضريح حياته*** قبل الممات بغير ما فرقان
ما كان تحت الأرض بل من فوقها*** والله هذي سنة الرحمن
أتراه تحت الأرض حيا ثم لا*** يفتيهم بشرائع الايمان
ويريح أمته من الآراء*** والخلف العظيم وسائر البهتان
أم كان حيا عاجزا عن نطقه*** وعن الجواب لسائل لهفان
وعن الحراك فما الحياة اللات قد*** أثبتموها أوضحها ببيان
هذا ولم لا جاءه أصحابه*** يشكون بأس الفاجر الفتان
اذ كان ذلك دأبهم ونبيهم*** حيّ يشاهدهم شهود عيان
هل جاءكم أثر بأن صحابه*** سألوه فتيا وهو في الأكفان
فأجابهم بجواب حي ناطق*** فأتوا اذاﹰ بالحق والبرهان
هلا أجابهم جوابا شافيا*** ان كان حيا ناطقا بلسان
هذا وما شدت ركائبه عـ***ـن الحجرات للقاصي من البلدان
مع شدة الحرص العظيم له على*** ارشادهم بطرائق التبيان
أتراه يشهد رأيهم وخلافهم***ويكون للتبيان ذا كتمان
ان قلتم سبق البيان صدقتم*** قد كان بالتكرار ذا احسان
هذا وكم من أمر أشكل بعده*** أعنى على علماء كل زمان
أو ما ترى الفاروق ود بأنه*** قد كان منه العهد ذا تبيان
بالجد في ميراثه وكلالة*** وببعض أبواب الربا الفتان
قد قصّر الفاروق عند فريقكم*** اذ لم يسله وهو في الأكفان
أتراهم ياتون حول ضريحه*** لسؤال امهم أعز حصان
ونبيهم حي يشاهدهم ويسـ***ـمعهم ولا يأتي لهم ببيان
أفكان يعجز أن يجيب بقوله*** أن كان حيا داخل البنيان
يا قومنا استحيوا من العقلاء والمبعـ***ـوث بالقرآن والرحمن
والله لا قدر الرسول عرفتم*** كلا ولا للنفس والانسان
من كان هذا القدر مبلغ علمه*** فليستتر بالصمت والكتمان
ولقد أبان الله أن رسوله*** ميت كما قد جاء في القرآن
أفجاء أن الله باعثه لنا*** في القبر قبل قيامة الأبدان
أثلاث موتات تكون لرسله*** ولغيرهم من خلقه موتان
اذ عند نفخ الصور لا يبقى امرؤ*** في الأرض حيا قط بالبرهان
أفهل يموت الرسل أم يبقوا اذا*** مات الورى أم هل لكم قولان
فتكلموا بالعلم لا الدعوى وجيبـ***ـوا بالدليل فنحن ذو أذهان
أو لم يقل من قبلكم للرافعي الأ***صوات حول القبر بالنكران
لا ترفعوا الأصوات حرمة عبده*** ميتا كحرمته لدى الحيوان
قد كان يمكنهم يقولوا أنه*** حي فغضوا الصوت بالاحسان
لكنهم بالله أعلم منكم*** ورسوله وحقائق الايمان
ولقد أتوا الى العباس يستـ***ـقون من قحط وجدب زمان
هذا وبينهم وبين نبيهم*** عرض الجدار وحجرة النسوان
فنبيهم حي ويستسقون غـ***ـير نبيهم حاشا أولى الايمان
فصل
فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور
فان احتججتم بالشهيد بأنه*** حيّ كما قد جاء في القرآن
والرسل أكمل حالة منه بلا***شك وهذا ظاهر التبيان
فلذاك كانوا بالحياة أحق من*** شهدائنا بالعقل والبرهان
وبأن عقد نكاحه لم ينفسخ** فنساؤه في عصمة وصيان
ولأجل هذا لم يحل لغيره*** منهن واحدة مدى الأزمان
أفليس في هذا دليل أنه*** حيّ لمن كانت له أذنان
أو لم ير المختار موسى قائما*** في قبره لصلاة ذي القربان
أفميت يأتي الصلاة وان ذا*** عين المحال وواضح البطلان
أو لم يقل أني أرد على الذي*** يأتي بتسليم مع الاحسان
أيرد ميت السلام على الذي*** يأتي به هذا من البهتان
هذا وقد جاء الحديث بأنهم*** أحياء في الأجداث ذا تبيان
وبأن أعمال العباد عليه تعـ***ـرض دائما في جمعة يومان
يوم الخميس ويوم الاثنين الذي*** قد خص بالفضل العظيم الشأن
فصل
في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة
فيقال اصل دليلكم في ذاك حجتنا عليكم وهي ذات تبيان
ان الشهيد حياته منصوصة***لا بالقياس القائم الأركان
هذا مع النهي المؤكد أننا*** ندعوه ميتا ذاك في القرآن
ونساؤه حل لنا من بعده*** والمال مقسوم على السهمان
هذا وأن الأرض تأكل لحمه*** وسباعها مع أمة الديدان
لكنه مع ذلك حيّ فارح*** مستبشر بكرامة الرحمن
فالرسل أولى بالحياة لديه مع*** موت الجسوم وهذه الأبدان
وهي الطرية في التراب وأكلها*** فهو الحرام عليه بالبرهان
ولبعض أتباع الرسول يكون ذا*** أيضا وقد وجدوه رأي عيان
فانظر الى قلب الدليل عليهم*** حرفا بحرف ظاهر التبيان
لكن رسول الله خص نساؤه*** بخصيصة عن سائر النسوان
خيرن بين رسوله وسواه فا***خترن الرسول لصحة الايمان
شكر الاله لهن ذلك وربنا*** سبحانه للعبد ذو شكران
قصر الرسول على أولئك رحمة*** منه بهن وشكر ذي الاحسان
وكذاك أيضا قصرهن عليه معـ***ـلوم بلا شك ولا حسبان
زوجاته في هذه الدنيا وفي الأخـ***ـرى يقينا واضح البرهان
فلذا حرمن على سواه بعده*** إذ ذاك صون عن فراش ثان
لكن أتين بعدة شرعية*** فيها الحداد وملزم الأوطان
هذا ورؤيته الكليم مصليا*** في قبره اثر عظيم الشان
في القلب منه حسيكة هل قاله*** فالحق ما قد قال ذو البرهان
ولذاك أعرض في الصحيح محمد*** عنه على عمد بلا نسيان
والدارقطني الامام أعله*** برواية معلومة التبيان
أنس يقول رأي الكليم مصليا*** في قبره فأعجب لذا الفرقان
فرواه موقوفا عليه وليس بالمـ***رفوع أشواقا الى العرفان
بين السياق الى السياق تفاوت*** لا تطرحه فما هما سيان
لكن تقلد مسلما وسواه ممـ***ـ، صحّ هذا عنده ببيان
فرواته الاثبات أعلام الهدى*** حفاظ هذا الدين في الأزمان
لكن هذا ليس مختصا به*** والله ذو فضل وذو احسان
فروى ابن حبان الصدوق وغيره*** خبرا صحيحا عنده ذا شان
فيه صلاة العصر في قبر الذي*** قد مات وهو محقق الايمان
فتمثل الشمس الذي قد كان ير***عاها لأجل صلاة ذي القربان
عند الغروب يخاف فوت صلاته*** فيقول للملكين هل تدعاني
حتى أصلي العصر قبل فواتها*** قالا ستفعل ذاك بعد الآن
هذا مع الموت المحقق لا الذي*** حكيت لنا بثبوته القولان
هذا وثابت البناني قد دعـ***ـا الرحمن دعوة صادق الايقان
أن لا يزال مصليا في قبره*** ان كان أعطي ذاك من انسان
لكن رؤيته لموسى ليلة المعـ***ـراج فوق جميع ذي الأكوان
يرويه أصحاب الصحاح جميعهم*** والقطع موجبة بلا نكران
ولذاك ظن معارضا لصلاته*** في قبره اذ ليس يجتمعان
وأجيب عنه بأنه أسرى به*** ليراه ثم مشاهدا بعيان
فرآه ثم وفي الضريح وليس ذا*** بتناقض إذ أمكن الوقتان
هذا ورد نبينا التسليم من*** يأتي بتسليم مع الاحسان
ما ذاك مختصا به أيضا كما*** قد قاله المبعوث بالقرآن
من زار قبر أخ له فأتى بتسـ***ـليم عليه وهو ذو ايمان
رد الاله عليه حقا روحه*** حتى يرد عليه رد بيان
وحديث ذكر حياتهم بقبورهم*** لما يصح وظاهر النكران
فانظر الى الاسناد تعرف حاله*** ان كنت ذا علم بهذا الشأن
هذا ونحن نقول هم أحياء لـ***ـكن عندنا كحياة ذي الأبدان
والترب تحتهم وفوق رؤوسهم*** وعن الشمائل ثم عن أيمان
مثل الذي قد قلتوه معاذنا*** بالله من أفك ومن بهتان
بل عند ربهم تعالى مثل ما*** قد قال في الشهداء في القرآن
لكن حياتهم أجل وحالهم*** أعلى وأكمل عند ذي الاحسان
هذا وأما عرض أعمال العبا***د عليه فهو الحق ذو امكان
وأتى به أثر فإن صح الحـ***ـديث به فحق ليس ذا نكران
لكن هذا ايس مختصا به*** أيضا بآثار روين حسان
فعلى أبي الانسان يعرض سعيه*** وعلى أقاربه مع الأخوان
ان كان سعيا صالحا فرحوا به*** واستبشروا يا لذة الفرحان
أو كان سعيا سيئا حزنوا وقا***لوا رب راجعه الى الاحسان
ولذا استعاذ من الصحابة من روى*** هذا الحديث عقيبه بلسان
يا رب إني عائذ من خزية*** أخزي بها عند القريب الداني
ذاك الشهيد المرتضى ابن روا***حة المحبوّ بالغفران والرضوان
لكن هذا ذو اختصاص والذي*** للمصطفى ما يعمل الثقلان