4- المواطنة والمسئولية الاجتماعية:
تتعلق المواطنة بالمسئولية الاجتماعية و تتضمن المسئولية الاجتماعية العديد من الواجبات علي الفرد مثل: احترام القانون, واحترم حرية وخصوصية الآخرين, وغيرها من الواجبات.
وتدرك المسئولية الاجتماعية باعتبارها مسئولية أمام المجتمع, تحددها أعرافه وتقاليده واحتياجاته, وهي تتصل عادة بجانب الواجبات المرتبطة بأدوار الفرد في المجتمع, وهي الأدوار التي تؤدي وظائف أساسية لصالح بناء المجتمع, حيث يستوجب عدم الوفاء به العقاب من قبل المجتمع, وهو العقاب الذي يبدأ مخففا كاللوم, وينتهي إلي إنزال العقاب المادي بالشخص.علي هذا النحو تعد المسئولية الاجتماعية بنية من الواجبات والحقوق تحدد السلوك الذي ينبغي أن يطرقه الفرد تجاه المجتمع. فالمجتمع يشكل الإطار الشامل الذي تسعي كافة الأطراف الأداء مسئولياتها الاجتماعية بهدف تأكيد بقائه واستقراره .
وبالتالي, فإطلاق الحريات دون قيود يؤدي بشكل حتمي إلي الفوضي من خلال الاستخدام العشوائي لهذه الحرية. فهناك قيم معنوية تعتبر أساسا لمشروعية حرية الرأي والتعبير, وبسبب مخالفة هذه القيم ظهر تجريم الانحرافات الناتجة عن هذه الحرية . لذلك فقد أكد لوك علي حق الحرية بالنسبة للفرد إلا أنه لم يعن الحرية المطلقة من كل قيود, بل قصد به الحرية في ظل القانون, فمدي ما يتمتع به الفرد من حرية يقف عند حدود حرية الآخرين كما ينظمها القانون, فالفرد حر ولكن ليس له حرية إلحاق الضرر بالآخرين. فالحرية في ظل المجتمع السياسي هي حرية في ظل القانون, وهي بالتالي مقيدة بالقانون .
فالمواطنة باعتبارها الرابط الاجتماعي والقانوني بين الأفراد والمجتمع السياسي الديمقراطي تستلزم- إلي جانب الحقوق والحريات- مسئوليات والتزامات أساسية, لا تقوم للديمقراطية قائمة دونها, وهذه المسئوليات تنقسم إلي نوعين: مسئوليات تفرضها الدولة علي مواطنيها مثل دفع الضرائب, والخدمة في القوات المسلحة, وطاعة القوانين, ومسئوليات يقوم بها المواطنون طوعا مثل ممارسة النقد البناء للحياة السياسية والمدنية, والمشاركة في تحسين نوعية الحياة والدفاع عن الصالح العام والخير المشترك .
إن ترسيخ المواطنة وتكريسها لا يرتكز فقط بالدستور والقوانين والتشريعات المختلفة, ولكن فضلا عن ذلك, فهو يعتمد بشكل كبير علي وجود نوع من أنواع التسامح في المجتمع والحوار والمشاركة وتقبل الرأي والرأي الآخر وقبول وتقبل التنوع والاختلاف والتعامل التعايش مع هذا الاختلاف, سواء اختلاف ثقافي أو ديني أو مذهبي أو قومي أو طبقي, وغيرها من اختلافات, فالمواطنة تهدف إلي تحقيق الاندماج بين جميع المواطنين علي اختلافهم. هذا بالإضافة إلي العمل علي نشر الوعي الفردي والجماعي في المجتمع, وهذا الوعي يجب أن يرتبط بالحقوق والواجبات, والتأكيد علي أن الحرية ليست مطلقة, فالحقوق تتوقف عندما تبدأ حقوق الآخرين, وتتفاعل مع حقوق المجتمع.