القرآن الكريم فيه من عطاء الله ما يخاطب ملكات خفية في النفس تقود الإنسان إلى الإيمان الذي يحقق له الأمن والاطمئنان.
ففي القرآن الكريم طاقة روحية هائلة ذات تأثير بالغ الشأن في نفس الإنسان، فهو يهز وجدانه ويرهف أحاسيسه ومشاعره، ويصقل روحه، ويوقظ إدراكه وتفكره، ويجلي بصيرته، فإذا بالإنسان بعد أن يتعرض لتأثير القرآن يصبح إنساناً جديداً كأنه خلق خلقاً جديداً.
لقد سبق القرآن الكريم جميع علماء النفس عندما أوضح لنا أن للإيمان تأثيراً عظيماً في نفس الإنسان من حيث:
1. أنه يزيد من ثقة الإنسان بنفسه.
2. يزيد من قدرته على الصبر وتحمل مشاق الحياة.
3. يبعث الأمن والطمأنينة في النفس، ويغمر الإنسان الشعور بالسعادة.
وإذا ما بث الإيمان في نفس الإنسان منذ الصغر فإن ذلك يعطيه مناعة ووقاية من الإصابة بالأمراض النفسية.
ومع الإيمان يتحرر الإنسان من القلق الذي يؤدي إلى الاكتئاب الذي يقود إلى الانتحار ما يدخلك في دائرة الكفر.
ومع الإيمان لا يوجد اكتئاب أو مرض نفسي أو قلق.
وإذا تأملنا في آيات الله البينات نجد أن الإيمان يرتبط بمعانٍ كثيرة مثل التقوى والأمن والهداية والبركة والاطمئنان.
قال تعالى:
{الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}(يونس:64)
{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}(الأعراف:96)
{الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}(الأنعام:82)
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}(الرعد:28)
والمؤمن الصادق لا يهزه شيء فهو حامد شاكر صابر راضٍ بقضاء الله وقدره، محباً لله والمحب لله آمن على نفسه يشعر بالسعادة والطمأنينة تحيط به من كل جانب.
وتتحقق للمؤمن سكينة النفس وأمنها وطمأنينتها، لأن إيمانه الصادق يمده بالأمل والرجاء في عون الله وحمايته، ويعلم أن رزقه على بيد الله وحده، وأنه لن يصيبه شيء إلا بإذن الله ومشيئته، وأنه يحيا في هذه الدنيا كعابر سبيل سرعان ما ينتقل إلى الحياة الآخرة الباقية، معداً نفسه للحياة الآخرة بالإيمان بالله وعبادته والعمل الصالح.
وهو ذو قدرة كبيرة على تحمل المصائب لأنه يرى فيها ابتلاء من الله تعالى يجب أن يصبر عليه، وهو لا يكبت شعوره بالذنوب بل يعترف بها ويستغفر الله عنها.
فلا غرابة أن يكون المؤمن الصادق الإيمان آمن النفس، مطمئن القلب، يغمره الشعور بالرضا وراحة البال.
وهذا يذكرنا بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم :
عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. (رواه مسلم)
والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، والقلب هو محل الفقه:
{صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}(التوبة: 127)
وهو محل الطمأنينة:
{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}(الرعد:28)
وهو مستقر الإيمان:
{ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم}(الحجرات:14)
وهو محل السكينة:
{هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم}(الفتح:4)
وهو محل الألفة والحب:
{وألف بين قلوبهم}(الأنفال:63)
وهو محل التقوى:
{ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}(الحج:32)
وهو محل الخشوع:
{ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}(الحديد:16)
وهو محل الهداية:
{ومن يؤمن بالله يهد قلبه}(التغابن:11)
{نزل به الروح الأمين على قلبك}(الشعراء:193-194)
فالقلب بهذه المنزلة هو الذي يفقه، وهو مرآة ومقياس النفس، فكلما كانت النفس محمودة ازداد القلب إجلالاً وإشراقاً بالإيمان يتلألأ فيه الحق.
وفي هذا يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:
"إذا أراد الله بعبدٍ خيراً جعل له واعظاً من قلبه"
"من كان قلبه واعظ، كان عليه من الله حافظ"
"إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فتح له قفل قلبه، وجعل فيه من اليقين والصدق، وجعل قلبه واعياً سلك فيه، وجعل قلبه سليماً ولسانه صادق، وخليقته مستقيمة، وجعل أذنه سميعة وعينه بصيرة".
إذن المراد على القلب، والنفس قد تصدق وقد تكذب، ولكن القلب المؤمن لا يكذب أبداً.
ولذلك قال رسول الله :
"استفتِ قلبك، وإن أفتوك، وإن أفتوك، وإن أفتوك".
وبعد أن أعطانا القرآن الكريم إطار شامل وعام عن النفس الإنسانية، وأوضح لنا أهمية الإيمان في حياة الإنسان مما يقوده إلى سبيل الهدوء والسكينة، أرشدنا إلى السبل الإسلامية التي بها نسلح أنفسنا لتحقيق الأمن النفسي، ولكي تعطينا القدرة على مواجهة صعاب الحياة، وهذا ينقلنا إلى المحور الأخير ألا وهو السبل والأسس الإسلامية التي تحقق الأمن النفسي من هدي القرآن الكريم، وهي تمثل أساس طريق الله الذي يحقق الأمن النفسي
__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم هيا بنا نتعلم الديمقراطية <!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->
|