عرض مشاركة واحدة
  #58  
قديم 11-12-2011, 03:27 PM
نقاء الروح نقاء الروح غير متواجد حالياً
طالبة جامعية
عضو مثالي لعام 2011
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 3,789
معدل تقييم المستوى: 20
نقاء الروح is on a distinguished road
افتراضي

إياس : يا رجل .. الحمد لله ، سبحان الله العظيم .. رغم الحزن الألم الذي أحسست به وما زلتُ أحس بها إلى الآن .. إلا أن لكلمات الدكتور خالد أثراً كبيراً في نفسي .. أحببته أكثر وأكثر مما مضى ، كلّما ضاق صدري واشتعل حنيني لرؤى تذكرت كلماته فتأتي لتغسل وجهي مما هطل عليه من دمع الوجد .

ومنذ ذلك الحين .. لستُ أدري أين رؤى .. ولا أدري عمّا حلّ بها .. أسير في شوارع مدينتي فأتذكرها .. حتى حين ذهبتُ لأرى لينة كنت أراها رؤى .. حاولت أن أقنع نفسي أن رؤى ليست لي وأن لينة هي زوجتي فعجزتُ .. طلبتُ من أهل لينة تأجيل الزواج سنتين بحجة أن أنتهي من دراستي والحقيقة أني كنتُ أريد أن أنسى رؤى ، تحملتُ نفسي حتى تخرجي .. سافرتُ إلى هنا .. إليك .. لأنسى رؤى !

ريّان : لمَ لا تبحث عنها الآن بعد ثمان سنوات مما جرى لكما .. ربما إن كانت عزباء ستقبل بك !

إياس : ولينة ؟!!

ريّان : ما بها لينة !؟ ألم يُبح الشرع أربعاً !؟

إياس : حرام عليك .. لينة هذه هي من انتشلني من الحضيض .. هي من أزهرت حياتي .. هي من بنت قلاع الآمال وأعادت الطموح في صدري بعد أن هدّه ما جرى لي .. هي من تحمّلني أوّل أيامي يوم أن كنت أعرض عنها أحياناً .. لم تعترض يوماً على قرارٍ لي .. لم تُكشر في وجهي ولم ترفض لي طلباً ولو كان تافهاً .. لم تلقني إلا بابتسامتها التي تغسل همي كلما عدتُ من عملي .. وفوق هذا أكسر قلبها !؟

أعلم أن شرعنا يُبيح أربعاً .. لكني لا أريد أن أجرح من داوتني .. أحب لينة يا ريّان .. صحيح أني كنتُ أحب رؤى وما زلتُ ، ولكن لينة بتعاملها معي أصبحت في قلبي تحتل مساحة كبيرة ربما تفوق تلك التي تحتلها رؤى .

عشتُ مع لينة ست سنين .. أعترف أن أولاهن كانت سنة عجفاء قاحلة من المشاعر ، صحيح أني لا أسيء إليها ولا أجرح إحساسها بشيء ؛ لكني ما كنت أغرقها بما يغرق بها الأزواج زوجاتهم من معسول الحديث ، ورغم هذا كانت هي من يتودد إلي .. لم تسخط مني .. لم تغضب .. لم تحمل حقيبتها وتخرج من بيتي ، بل بقيت فيه وأسست لها دولة تحكمها الآن ، كنتُ أنا حاكم تلك الدولة .. لكنها أسرتني بطيبة قلبها .. باحترامها لي .. بتعففها عن الحرام .. جعلت نفسها لي خادمة فلم أملك إلا أن أكون لها عبداً !

في أحايين كثيرة .. أفكّر في عجيب تصريف الله لقدره .. وأنه - سبحانه - لا يرد الدعاء .. وإني لأحسب ما رزقني الله به حين تزوجت لينة تعويضاً عن دعائي تلك الأيام وانطراحي بين يدي الله ، فالله - تعالى - لربما يدّخر بعض الدعوات ويرزق عباده من الخير لاحقاً مثل ما كان يسألونه .

ولأني أحب لينة .. وأحب رؤى أيضاً .. لا أريد أن أختبر أي الحبين في قلبي له السيادة ، لا أريد أن أبحث عن رؤى رغم محبتي لها ، تكفيني محبتي للينة رغم الجروح التي تُنكأ كلما تذكرتُ حبيبتي السابقة وتخيلت أني كدتُ لأكون يوماً معها .

ريّان : لستُ أفهمك ..!

إياس : اعذرني .. لأنك لا تفهم الحب .. الحب لا يستشيرك حينما يغشاك .. لا يستأذنك في الدخول .. لا يعرف طرق الباب .. إنما يكسره ويتربع على العرش فيذعن له كل شيء ، ثم هو إن دخل وكان رب البيت مضيفاً كريماً لم يخرج منه أبداً ، أحببت رؤى لسمعتها الحسنة ودينها وأخلاقها وعقلها .. وأحببت لينة لتعاملها الراقي وسلوكها الحساس وطاعتها لي .. ولذا استدام حبهما في قلبي رغم الزوابع ، ولتعلم كل النساء أن حباً لا يقتحم قلب الرجل من هاتين الجهتين فهو حبٌ زائل .. فلا الحب القائم على الجمال ولا المبني على المال ولا المعتمد على الجاه .. سيبقى .. كل تلك الأنواع مملولة إلا ما ذكرته لك !

أتمنى من الله أن يُسعد رؤى فوق أي أرضٍ وتحت أي سماء .. وأن يقرّ عيني بما وهبني إياه من نعيم وخير اسمه لينـة ، وأن يصلح لي رؤايَ الجديدة الصغيرة ، عسى أن تكون يوماً كمثل رؤى !




×××××××××××
النهاية
×××××××××××



 بقلم
يحيى بن صالح السليم

رد مع اقتباس