الجارديان:
التحول الديمقراطى فى مصر فوضوى لكنه يحمل الآمال للعرب
قالت الصحيفة، إن انتقال مصر من الديكتاتورية إلى الديمقراطية فوضوى، لكنه يقدم الآمال للدول العربية الأخرى. فبعد أشهر قليلة، شهدت الثورة والمرحلة التى تلتها شكلاً من الديكتاتورية المتجددة، متمثلة فى حكم المجلس العسكرى، ذلك الحرس القديم المتصلب، وهناك أحداث كثيرة أخرى مثل محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك والانتخابات البرلمانية وانتصار جماعة الإخوان المسلمين. وإذا كانت هناك أى دولة عربية تعرض سلسلة كاملة من العناصر والمحاور التى تؤسس المزيج العشوائى فى نظم الحكم العربية المعاصرة، لكانت هذه الدولة هى بالتأكيد مصر.
وترى الصحيفة أن أهم المساهمات التى قدمتها مصر للربيع العربى تتمثل فى تقديم جرعة من الواقع، والترويج لفهم ناضج سياسياً بأن الأمور ستستغرق وقتاً. وبعيداً عن المعنويات، فإن الأحداث فى مصر تعيد تركيز الناس على أهمية التفكير فى مرحلة ما بعد الإطاحة بالرؤساء.
وتتابع الصحيفة قائلة: إن الجولة الأخيرة من الاضطرابات فى الأسابيع القليلة الماضية أشير إليها على نطاق واسع باعتبارها الموجة الثانية من الثورة بعد أن ماتت الثورة الأولى فى مهدها. وبالنظر إلى التضحيات التى بُذلت من قبل، والنشوة بعد الإطاحة بمبارك، كان مثبطاً رؤية نفس المشاهد تتكرر فى القاهرة مرة أخرى مع اعتقالات وعمليات قتل وتحرش بالنساء، والتى سيطرت على الأخبار فى البلاد. فالمجلس العسكرى الذى يتولى مسئولية الحكم فى البلاد قد أعطيت له الفرصة، لكنه أثبت أنه يسير على نفس نهج الرئيس السابق. غير أن الموجة الأخيرة من الاحتجاجات تمثل ديناميكية مختلفة. فلقد بدأنا نرى تحولاً نحو السياسات الواقعية، وأصبح المجلس العسكرى يعرف الآن أنه لا يستطيع أن يتحمل المسئولية لأجل غير مسمى.
وهذه الديناميكية الجديدة ليست محبطة، كما تقول الصحيفة، بل مشجعة. وربما كانت تعبيرا عن إجهاض التقدم الذى أحدثته المصرية، إذا تم الترحيب بالنظام الجديد بدون تردد، لينزلق الشعب مرة أخرى إلى عهد مبارك ويتنازل عن حقوقه المدنية، لكنها ليست كذلك. وتدل تلك الأحداث على وعى ومراقبة ما بعد الثورة ومعرفة وعزم على ضمان ألا يتم إجهاضها، فيما يمثل عقداً اجتماعياً جديداً حسبما يقول المعلق فراس الأطرشى، فهو يرى أن الأحداث فى التحرير منذ بدايتها فى يناير وحتى الأسابيع القليلة الماضية أجبرت على تأسيس عقد اجتماعى جديد على غرار الكيفية التى تم تأسيس الدول بها فى عهد الدولة اليونانية.
وخلصت الصحيفة إلى القول بأن ما يجرى فى مصر يقدم درساً مهماً مفاداه أنه ليس الأفراد فقط من يجب الإطاحة بهم، بل يجب أن يتم التخلص أيضا من الحرس القديم.