المفكر والمرونة العقلية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أخوانه الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه أجمعين ومن
أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين
إن المرونة قوة كامنة خلقها الله سبحانه و تعالى في الإنسان، ولا يمكن أن تتحول إلى مزية إلى إذا قام بتفعيلها بالتجربة والممارسة. ويبدأ ذلك عندما ينظر إلى الأمور بنظرة مفكر عقلاني ، و يعترف بوجود وجهات نظر مختلفة بدلاً من وجهة النظر الوحيدة والجازمة.
إن المفكر ذو المرونة الفعالة هو الذي يعرف كيف؟ يختار -ومتى؟ يكون- مرناً ومتى؟ يكون -صلباً، وهذا الاختيار ليس سهلاً ككبسة زر لإشعال الضوء أو إطفائه، فخياراتنا ترتبط بشكل وثيق بما تعودناه ودربنا أنفسنا عليه، وما حاولنا ونجحنا في تغييره بأفكارنا ومواقفنا وسلوكنا، ويرتبط بشكل كبير بقوة شخصيتنا وثقتنا بأنفسنا.
( أ- ) المرونة العقلية وسيلة الإنسان الصالح للتواصل مع الله الذي أبدع كل شيء خلقه، فتسمو روحه للتطور، وهو يستجيب للبيئة الجديدة استجابات ملائمة تحقق التكيف معها دون تغيير طبيعته وشخصيته الأصلية. فيغير وسائلة القديمة إلى وسائل جديدة، ويكتسب مهارات تتناسب مع متطلبات الظروف الجديدة والأهداف الجديدة. وتتطور ممارساته،
لذلك حث القرآن الكريم على التفكر والتبصر والتدبر في العشرات من الآيات البيانات بروح هادئة وأن هناك خيارات متعددة لمشاعرنا يحل فيها التظاهر بالغضب الذي يحدث تارة ويفضل الهدوء تارة أخرى، وأن هناك خيارات متعددة لتفاوضنا، وخيارات مختلفة ٌلإدارة وقتنا. كما تعني القيام بالأعمال التي نخشى عادة القيام بها، أو تجريب الجديد منها، تلك التي لا نعرفها أو لا نحبها مع علمنا بأهميتها لتطوير حياتنا..
( ب- ) والمفكر المرن يعتبر كأداة صالحة لتحقيق الأهداف المتمثلة في جلب المنافع ودفع المضار، وذلك بتوظيف المعارف والمهارات والخبرات التي يملكها الفرد توظيفاً سليماً. ولا تستقيم حياة الإنسان بدون تفكير، لذلك يُعدّ التفكير في حاجاته الرئيسة. وقد شبهه بعملية التنفس التي لا حياة للكائن الحي بدونها. المرونة تعني أن نبحث عن بدائل للخيار الواحد الذي تعودنا ممارسته، وعن وسائل جديدة ونماذج جديدة، قد تكون أفضل وأنجح وأسرع وأكثر كفاءة. .
( ج- ) والمرونة العقلية تساعد الإنسان على التكيّف مع الظروف المحيطة به والتعامل مع المشكلات والصعوبات التي تواجهه ومع المستجدات الخارجية ومعرفة الثوابت والمتغيرات في سياسة المؤسسة. وكذلك الاستفادة من الأفكار الجديدة والتفاعل الإيجابي مع المتغيرات والمستجدات.وذلك باستدعاء وتوظيف ما يملكه من معلومات ومهارات وخبرات،
وكلما كانت هذه الأدوات متطورة كلما كان مفعولها أقوى وأبقى في مرونة التعامل
( د- ) والمفكر المرن هو الذي ينمي التفكير عند الإنسان وهو بمثابة الضوء الساطع الذي ينير للإنسان مسار النجاح، وكلما كان أقدر على التفكير كلما كان نجاحه أعظم، لذلك فقد اهتمت التربية الجادة بتدريب عمليات التفكير وبصقل مهاراته ليصبح المتعلم قادراً على توظيف المعلومات والمهارات التي يحصل عليها في تحقيق النجاح الذي يصبو إليه، ويجعله قادراً على مواكبة التغيرات المتواصلة التي تحصل في ميادين الحياة.
( هـ- ) وممارسة التفكير للمفكر المرن تشيع في ثنايا الموقف الصفّي دفئاً وتجعله أكثر حيوية، فيقبل المتعلمون عليه بحماس ليمارسوا الأنشطة. وليشاركوا في المشاغل التربوية بإيجابية، فيتحسن أداؤهم، وتنمو قدرتهم على الاستفادة من الخبرات المكتسبة، ويترتب على ذلك مخرجات تامة. لذلك يجب تعليم مهارات التفكير يغدو أمراً مهماً وبناءً، لذلك فقد أصبح شعار المؤسسات في العصر الحديث هو:كيف نفكّر؟
How to think ?
قال مفكر ياباني " معظم دول العالم تعيش على ثروات تقع تحت أقدامها وتنضب بمرور الزمن ، أما نحن فنعيش على ثروة فوق أرجلنا تزداد وتعطي بقدر ما نأخذ منها " . فالمرونة تعني أن نبحث عن بدائل للخيار الواحد الذي تعودنا ممارسته،
وعن وسائل جديدة ونماذج جديدة، قد تكون أفضل وأنجح وأسرع وأكثر كفاءة. ..التفكير مهارة وليس موهبة فطرية هو الخطوة الأولى للقيام بعمل لتحسين تلك المهارة وتطويرها ، ولقد أصبح العالم أكثر تعقيدا نتيجة التحديات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وأن نعرف أن هناك خيارات متعددة لمشاعرنا يحل فيها التظاهر بالغضب تارة ويفضل الهدوء تارة أخرى، وأن هناك خيارات متعددة لتفاوضنا، وخيارات مختلفة ٌلإدارة وقتنا. كما تعني القيام بالأعمال التي نخشى عادة القيام بها، أو تجريب الجديد منها، تلك التي لا نعرفها أو لا نحبها مع علمنا بأهميتها لتطوير حياتنا ولكن نحب هنا أن نلفت الانتباه بأن المرونة لا تعني الضعف والانهزام والاستسلام،
والحكمة تقول: (لا تكن صلباً فتكسر، ولاتكن ليناً فتعصر). فيغير في مواقفه وردود أفعاله وعاداته الموروثة، وعندها يستطيع أن يحول الغضب إلى صبر، الكلالة إلى الفعالية، والعجز والتواكل والسلبية إلى المبادرة والنشاط وتحمل المسؤولية الذاتية، ويكون مفاوضاً أنجح وعضو عائلة أفضل ومواطناً منتجاً وفاعلاً.فالمفكر العقلاني الفعال يمتاز بالقوة دون تخشب، والمرونة دون ميوعة.وأصبح النجاح في مواجهة هذه التحديات لا يعتمد على الكم المعرفي بقدر ما يعتمد على كيفية استخدام المعرفة وتطبيقها.
دمتم بحفظ الله
د. نوال حسن ناظر