برنامج مرحلى لترشيد دعم المواد البترولية:
وفى ضوء ما تقدم، عقدت الوزارة اجتماعات مكثفة مع السادة وزراء البترول والكهرباء والصناعة؛ للنظر فى وضع خطة متعددة المراحل لترشيد الدعم فى المواد البترولية والطاقة. وكان السيد وزير التضامن الاجتماعى قد أبلغ مجلس الوزراء بأن وزارته تقوم بوضع برنامج لترشيد دعم أنابيب البوتاجاز، وتوزيعها بالبطاقات (كوبونات خاصة)، بأسعار مدعمة، ثم رفع الأسعار فيما جاوز هذه الكميات. وأفاد الوزير أن هذا البرنامج قد أعد ليبدأ تنفيذه اعتبارا من أول يناير 2012، على أن تسبقه مرحلة تجريبية اعتبارا من أول أكتوبر 2011 فى محافظتى الوادى الجديد والبحر الأحمر.
وفى بداية كل اجتماع لمجلس الوزراء وحيث يبدأ الاجتماع بإعطاء نبذة عن الوضع الأمنى والوضع الاقتصادى، كان السيد وزير التضامن الاجتماعى يقدم ملخصا عن الوضع التموينى، وكان يؤكد فى كل مرة أن الإعداد لبرنامج توزيع البوتاجاز بالبطاقات يسير على قدم وساق. وقد قامت وزارة المالية بالفعل، عن طريق إدارة سك العملة، بطبع الكوبونات المطلوبة وتسليمها لوزارة التضامن بالفعل.
وكانت الفكرة هى أن تضع الحكومة برنامجا زمنيّا على مراحل لترشيد دعم المواد البترولية وغيرها من مصادر الطاقة؛ بحيث تباع بالتدريج بالتكلفة الحقيقية، وبحيث يقتصر الدعم ــ بشكل نقدى ــ على الطبقات المستحقة. وكان المقدر فى الموازنة أن دعم المواد البترولية بلغ حوالى 95 مليار جنيه، وغالبا ما سوف يجاوز هذا الرقم فى نهاية العام؛ لذلك فإنه حتى لو أنفقت مبالغ نقدية فى حدود 20 ــ 30 مليار جنيه فى شكل دعم نقدى للمستحقين، فإن الموازنة تستطيع بذلك ــ خلال عدة سنوات ــ أن تحقق وفرا يجاوز 70 مليار جنيه أو أكثر.
وكان المأمول أن يؤدى نجاح توزيع أنابيب البوتاجاز المدعمة بالبطاقات ــ كوبونات ــ إلى توفير قاعدة بيانات مهمة لتحديد المستحقين للدعم، فضلا عما يمكن أن توفره مثل هذه التجربة من دروس لردود أفعال المواطنين إزاء توزيع السلع المدعومة بالبطاقات (شكل من أشكال الدعم النقدى) والاستفادة من هذه الخبرة لتعميمها على المواد البترولية ومصادر الطاقة الأخرى.
ونظرا إلى أن أى برنامج مرحلى يتطلب أن تكون المرحلة الأولى مقبولة شعبيّا، وأن يحقق نتائج ملموسة مما يهيئ الجماهير لقبول المراحل التالية وقد رأوا بأعينهم النتائج الإيجابية للمرحلة الأولى. ومن هنا فقد كان اختيار المرحلة الأولى بالغ الدقة؛ لأن نجاح الفكرة كلها يتطلب الانتهاء من تنفيذ المراحل كافة. وهو أمر يتطلب القبول الشعبى لبداية تنفيذ المشروع.
ولهذا السبب عقدت فى وزارة المالية لقاءات متعددة مع وزراء البترول والكهرباء والصناعة؛ لتحديد عناصر المرحلة الأولى لتنفيذ برنامج ترشيد الدعم. وقد عاون فى إعداد هذه المقترحات الهيئة المصرية العامة للبترول. وكانت مساهمات كل من الدكتور حسن يونس والمهندس عبدالله غراب والدكتور محمود عيسى والمهندس هانى ضاحى بالغة الأهمية. وكانت الفكرة الأساسية هى أن تقتصر المرحلة الأولى ــ أساسا ــ على إزالة أو تقليص الدعم المخصص للاستخدامات الصناعية، والتى تقوم بإنتاج سلع تباع فى الأسواق بالأسعار العالمية. وهكذا فقد كان كل دعم لهذه الصناعات دعما لتكلفة الإنتاج، ولا شأن له بثمن البيع النهائى للمستهلك. فهو بذلك دعم للأرباح أكثر منه دعما للمستهلك. كذلك كانت الفكرة هى أن تتضمن المرحلة الأولى أيضا، إعادة النظر فى بعض أسعار مواد الوقود الأقل استخداما من الطبقات الفقيرة. ومن خلال أحاديث طويلة خاصة مع المهندس هانى ضاحى، فقد وجدنا أنه من الأنسب سياسيّا، والبلد مقبل على انتخابات، أن تقتصر المرحلة الأولى على ترشيد الدعم للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة دون غيرها. وكان المهندس ضاحى يحدثنى فى اليوم أكثر من مرة لإجراء تغيير هنا أو تعديل هناك فى البرنامج المرحلى.
وقد أرسلت المذكرة المرفقة إلى مجلس الوزراء بتاريخ 23/11 حيث وافق عليها المجلس، وأعلن وزير التضامن أن الجزء الخاص بالبوتاجاز والوارد فى المذكرة لا يمكن تنفيذه، حيث إن برنامج الوزارة الذى كان معدّا لبدء التجارب فى أول أكتوبر فى محافظتى جنوب الوادى والبحر الأحمر قد تعرقل، ولم يعد من الواضح متى يمكن تنفيذه! وكانت هذه خسارة كبيرة لأننا كنا نعتمد على تأكيدات الوزير السابقة بأن الإعداد للمشروع يسير بخطى ثابتة، وفجأة تبين أن الواقع غير ذلك تماما. وهكذا حذف من الموافقة على المقترح المقدم لترشيد دعم المواد البترولية الجزء الخاص بالبوتاجاز.
وفيما يلى المذكرة المرفوعة لمجلس الوزراء فى هذا الشأن.