السيد الأستاذ / وزير التربية والتعليم
التعليم الفني هو الدعامة الأساسية لتطوير أي مجتمع يريد أن يواكب صناعة متطلبات العصر وسد احتياجات سوق العمل ، لذلك يجب الاهتمام بهذا التعليم الذي تدهور في السنوات الأخيرة لعدم اهتمام القائمين عليه إلا بمصالحهم الشخصية أو لكي أكون أدق تعبيراً ( المحافظة علي الكرسي ) الذي وصل إليه - ليس بالجهد والعرق ولكن بالتقارب والوساطة كما كنا نعيش سابقاً وبالتحديد قبل الثورة – و رغم أن الثورة قامت لإصلاح ما تم إفساده إلا أن القائمين علي التعليم الفني يصرون كل الإصرار علي تدمير ما تبقي منه من حطام تأوي إليه الطبقة الفقيرة من هذا الشعب المسكين الذي أصبح ليس له احد إلا الله وسيادتكم .
أولاً :- منذ أربع سنوات تم تطوير مناهج التعليم الفني وتكبدت الدولة مبالغ مالية في تطوير هذه المناهج من كتب تم تأليفها حديثاً – ومن معامل حديثة تم إدخالها علي المادة العلمية يقوم بتدريسها مدرس المواد الفنية العلمي ، وهذه المعامل الحديثة كان لابد من تجهيزها – وبالفعل تم التجهيز بملايين الجنيهات في كثير من مدارس الجمهورية لبعض التخصصات .
ثانياً :- بعد تجهيز هذه المعامل بأحدث الأجهزة – فوجئنا مع بداية هذا العام برفع هذه المادة - بدرجاتها وحصصها من الجزء العلمي إلي الجزء العملي – رغم أن مدرسي العملي غير مؤهلين لذلك – وأصبحت المعامل بأجهزتها صديقة الحجرات والأتربة - من يسأل عن هذه الملايين التي تعتبر إهداراً للمال العام للدولة .
ثالثاً :- مع بداية هذا العام فوجئنا أن هناك استراتيجية جديدة لتطوير التعليم الفني وبعض عدة جلسات مع القائمين عليها وضح جلياً أمامنا أن الغرض منها تدمير التعليم الفني بكل ما تحمل الكلمة من معني بالنسبة ( للتخصصات - المناهج - للمعلمين – للطلاب – لأولياء الأمور )
1. بالنسبة للتخصصات :- الاستراتيجية تعتمد علي دمج التخصصات المتشابهة بعضها مع بعض – رغم أنه لا يوجد نقطة واحدة يتقابل فيها تخصص مع الأخر - فمثلاً كيف يتم دمج " الصناعات الخشبية مع الزخرفية مع المعدنية " في كتاب واحد يدرسه الطالب وتسمي الشعبة التطبيقية - و ( التبريد – الكهرباء – السيارات – الميكانيكا ... الخ ) يتم دمجها في كتاب واحد وتسمي الشعب الهندسية - والسؤال كيف يتم الدمج وهذه التخصصات منفردة علي حدة داخل كل جامعة تقوم بتدريس التخصصات منفردة مثل كلية الفنون التطبيقية مثلاً .
2. بالنسبة للمناهج :- هذه الاستراتيجية عندما دعونا لشرحها كأعضاء هيئة التدريس والتوجيه والموجهين العموم كانوا رأيهم أن الكتب المطورة الحديثة لا تصلح نهائياً لأنها منقولة ولا يوجد بها تطوير وكانت المفاجأة عند التعرض لهذه الاستراتيجية إنها بدون منهج جديد تقوم عليه ولكنها تعتمد علي اخذ منهجها من نفس الكتب المطورة – إذاً لماذا الطعن في تطوير الكتب ولماذا الاستعانة بها إذا كان رأيهم فيها إنها منقولة – ما هذا التخبط .
3. بالنسبة للمعلم :- كل معلمي التعليم الفني خريجي جامعات متخصصة مثل ( الفنون التطبيقية – كليات التربية – كليات الهندسة – التعليم الصناعي ) إذا هو ملم ودارس لتخصصه الذي يقوم بتدريسه فقط - فكيف يقوم نفس المعلم بتدريس التخصصات الأخرى التي أضيفت إليه تحت بند دمج التخصصات – وعندما طرحنا سؤال كيف يتم هذا ؟ كانت الإجابة انه سوف يكون هناك دورات تدريبية للتخصصات التي تدمج مع بعضها مع نفس المادة العلمية الأساسية للمعلم التي يقوم بتدريسها سابقاً .
ففي هذه الحالة سوف يهتم المعلم بتدريس تخصصه الأساسي ويهمل التخصصات الأخرى
( لمصلحة من التدمير وهذا الحشو )
4. بالنسبة للطالب : - لا يمكن أن يدرس الطالب أكثر من تخصص في الصف الأول ولا يستطيع أن يدركهم جميعاً أو أن يكون متميز في أحدهما فهذا تشتيت للمعلومة – وأيضاً ضعف للمادة العلمية لكل تخصص – رغم أننا كنا نسعى جاهدين لغرس مفاهيم التخصص للطالب منذ أول يوم للدارسة حتى يخرج وفي يديه حرفة يستطيع من خلالها أن يواكب احتياجات السوق الفعلي ، ومن عيوب هذه الاستراتيجية انه تم إضافة المواد الثقافية (عربي – إنجليزي – رياضيات – فيزياء – كيمياء) من طلاب الثانوية العامة إلي طلاب التعليم الفني – وهذا عبئ علي الطالب وإذا كان لها فائدة فلماذا لا يدرس طالب الثانوية العامة المواد الفنية من التعليم الفني – ويدمج التعليم الثانوي العام والتعليم الفني - وتكون ثانوية عامة فنية مشتركة .
5. بالنسبة لأولياء الأمور :- فهي عناء علي ولي الأمر فمع هذه الاستراتيجية الجديدة تم إضافة المواد الثقافية لطلاب الثانوية العامة إلي طالب التعليم الفني – الذي هرب به والده من التعليم الثانوي العام إلي الفني بحيث يتعلم حرفه – فعندما أضيفت مادة الفيزياء إلي التعليم الفني كانت النتيجة في العام الماضي ( لم ينجح احد في بعض المحافظات – والاهم من ذلك أن مجموع الطالب الفني في غالبية المحافظات يزيد عن 150 درجة بقليل – فكيف يقارن هذا الطالب عقلياً بطالب الثانوية العامة – وهذا عناء لولي الأمر والطالب وسوف يكون هناك رسوب وتسرب في العملية التعليمية .
رابعاً :- كفانا عبث بالتعليم الفني – وكفانا تدمير له – لن ينصلح حال هذا التعليم إلا إذا كان القائمين عليه من أبناءه في هذا الحقل فهم غيورون عليه وحريصين علي الارتقاء به .
خامساً :- الذي ساعد علي تدمير هذا التعليم الخطط التي يقوم بها أساتذة الجامعات الذين لا ينتمون إلي التعليم الفني ولو كان ناجحاً لنجح في الكلية التي يقوم بالتدريس فيها ، وهذا ليس هجوم علي هؤلاء الأساتذة – ولكن خبرتهم بالتعليم الفني لا ترتقي إلي تطويره – ففاقد الشيء لا يعطيه .
سادساً :- فان لاقي خطابنا هذا الاهتمام لديكم فنحن لدينا خطط كاملة متكاملة لتطوير التعليم الفني وليس تلك الخطط العمياء التي قدمها أساتذة الجامعة الذين هم بعيدين كل البعد عنه وعن مشاكل التعليم الفني ومشاكل معلميه وطلابه .
ملحوظة :- إن هذه الاستراتيجية قدمت بعد تطوير التعليم الفني منذ أربع سنوات – وتبين لنا أن الدكتور مقدم تلك الاستراتيجية قدمها فقط ليهدم ما قام به زميله الدكتور القائم علي تطوير التعليم الفني منذ أربع سنوات – وأصبحنا ( أموال دولة باهظة - تعليم – معلمين – طلاب – أولياء أمور ) منظومة كاملة أصبحت لعبة - هذا يهدم لذاك وهذا يهدم لأخر .
من عيوب التعليم في هذا البلد أن يوكل الأمر إلي غير أهله المتخصصين فيه وتكون النتيجة جيل كامل يتلقى تعليم سيئ ، متي يلتقي التعليم برجاله الأكفاء حتى يقوموا علي نصرته .
فإننا نرجوا الاهتمام بالأمر لأنه جد خطير
مقدمه إلي سيادتكم