مفهوم الحضارة الإسلامية
كي يتسنى لك استيعاب المراد بمفهوم الحضارة الإسلامية لابد لك من الاطلاع على تعريف الحضارة في اللغة والاصطلاح
تعريف الحضارة لغة واصطلاحاً
الحضارة تعني في أصل اللغة الإقامة في الحضر، والحضارة ضد البادية، يقال فلان من أهل الحاضرة، وفلان من أهل البادية. وفي تاج العروس: الحضارة والحضرة هي المدن والقرى والريف، سميت بذلك لأن أهلها حضروا الأمصار ، ومساكن الديار، والتي يكون لهم بها قرار١.
لقد تعددت تعريفات الحضارة وتنوعت تبعاً لذلك دلالات الحضارة بتنوع تعريفاتها، فقد رأى بعض الباحثين أن الحضارة هي مدى ما وصلت إليه أمة من الأمم في نواحي نشاطها الفكري والعقلي من عمران وعلوم وفنون وما إلى ذلك، والترقي بها في مدارج الحياة ومسالكها حتى تصل إلى الغاية٢". وهذا يعني أن الحضارة حسب هذا التعريف تختص بالجانب المادي فقط.
وقد عرفها مجموعة من الألمان هم (راتناو - توماس مان - كسيرلنج) بأنها "المظاهر الفكرية التي تسود أيّ مجتمع٣". وهذا يعني أن الحضارة مرادفة للثقافة ومقتصرة على الجانب الفكري أو المعنوي فقط.
وفي كلا الحالتين نلاحظ أن الحضارة قد قُصرت على جانب واحد فقط، فلم يتم الإحاطة بكلا الجانبين المعنوي والمادي، وهذا يدعونا إلى اختيار تعريف آخر للحضارة يشمل كلا هذين الجانبين، وعليه تكون الحضارة هي الجهد الذي يقدمه مجتمع من المجتمعات لخدمة المجتمع البشري في جميع نواحي حياته المعنوية والمادية.
بناءً على ما سبق نستطيع القول أن الحضارة تتضمن جانباً معنوياً يتمثل في الثقافة التي تعني بالقيم الثابتة والمبادئ الراسخة التي تقوم عليها الحضارة، وجانباً مادياً يتمثل في المدنية التي تعني بالجانب المادي البحت للحضارة، وهي على نوعان مدنية خاصة تتميز بطابع ثقافي خاص، مثل لباس المرأة، ومدنية عامة لا تتميز بطابع ثقافي خاص، مثل الآلات٤.
