الموضوع: فقه العبادات
عرض مشاركة واحدة
  #96  
قديم 10-03-2012, 12:34 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

السجود




أما السجود فكان عليه الصلاة والسلام، إذا أراد أن يسجد لم يرفع يديه، بل يقول: الله أكبر، ويبدأ بركبتيه ثم يديه، ثم ما ولي من جسمه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -كما في الصحيحين-: {أمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار إلى أنفه، وعلى اليدين، وعلى الركبتين، وعلى الرجلين } فهذه سبعة أعظم لابد من السجود عليها، قال بعض العلماء -وأصاب-: لو سجد على أنفه ولم يسجد على جبهته، فقد أخطأ وما سجد، ولو سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه فقد أجزأته صلاته، والكامل والأولى أن يسجد على الأنف والجبهة لفعله عليه الصلاة والسلام.


وكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن يديه من الأرض، وجافى يديه عن عضديه، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة، وبعض الناس يجافي ولا يستقبل بيديه ولا رجليه القبلة، وهذا أخطأ، فقد كان صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي حميد : {يستقبل بأطراف أصابعه القبلة } وهو في الصحيحين .
وجاء عن البراء بن عازب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {ضع يديك وارفع مرفقيك } أي لا تفترش المرفقين، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفترش الرجل يديه كافتراش السبع. قال الصنعاني في سبل السلام : نهينا عن هيئات، منها: هيئة الغراب، وهو نقر الصلاة كالغراب، ومنها: الالتفات كالتفات الثعلب، ومنها: البروك كبروك البعير، ومنها: تحريك اليدين بعد السلام كأذناب خيلٍ شمس، ومنها: افتراش اليدين كافتراش الكلب أو السبع، فلا يفترشها المسلم، بل يفعل كما فعل عليه الصلاة والسلام.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد قال: {سبحان ربي الأعلى وبحمده، رب اغفر لي } ودعا، وربما قال: {سبوحٌ قدوس رب الملائكة والروح } وربما قال: {سبحانك اللهم وبحمدك، رب اغفر لي } وكان يدعو كثيراً في السجود، كما في حديث عائشة عند مسلم ، هذه أحواله صلى الله عليه وسلم في السجود التي نقلت إلينا، وقد جاء عند النسائي من حديث أبي ذر الغفاري بسندٍ جيد: {>أن الحسن امتطى على ظهر الرسول عليه الصلاة والسلام } وهذا يستدل به بعض المحدثين على أنه يجوز أن يطول بعض السجود على بعض {فارتقى الحسن فطول عليه الصلاة والسلام في السجود، فلما سلم سألوه فقال: إن ابني ارتحلني فخشيت أن أرفع فأؤذيه، فمكثتُ حتى نزل } أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأيهما أفضل النـزول على الركبتين أم على اليدين؟ يقول: ابن القيم رحمه الله في حديث أبي هريرة ، الذي هو حسن على الصحيح ولو أن بعض أهل العلم اتهم السند: {إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليقدم يديه قبل ركبتيه } قال ابن القيم : في الحديث قلب في قوله: {وليقدم يديه قبل ركبتيه} ولكن قد جاء عند الحاكم من حديث وائل بن حجر ، وقد ذكره شعيب الأرنؤوط : {أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربما قدم يديه قبل ركبته } فما موقفنا من ذلك؟ الأصوب أن تقدم الركبتين قبل اليدين، لحديث وائل وغيره من الأحاديث، والأصل في ذلك أن يبدأ الإنسان بالأقرب فالأقرب إلى الأرض، وأما حديث الحاكم فسنده صحيح، وربما فعله صلى الله عليه وسلم مرة من المرات، لكن تقديم اليدين قبل الركبتين فيه نكارة في الهيئة، وليس بصحيح.
إذاً نقول: الصحيح والذي تطمئن إليه النفس هو تقديم الركبتين على اليدين عند النـزول، وهو فعل الرسول عليه الصلاة والسلام غالباً، أما ما ورد عند الحاكم فهو نادر.

وقول ابن القيم أنه لم يقل به أحد من أهل العلم. غير صحيح بل قال به الأوزاعي والبغوي ، وجمٌ غفيرٌ من المحدثين، وكان ابن عمر رضي الله عنه يقدم يديه قبل ركبتيه. فالخلاف في المسألة مشهور بين العلماء.
خلاصة المسألة: أن الأصوب والأولى تقديم الركبتين، ومن بدأ بيديه فقد أجزأته صلاته، وما ارتكب أمراً محرماً، والمسألة أسهل من ذلك، أن يختلف فيها المحدثون كثيراً، أو يكثر فيها الخلاف، كالجهر بالبسملة، وضم اليدين بعد الركوع، هذه من المسائل التي يتنازع فيها الأئمة، والأمر كما يقول ابن تيمية في أصول الفقه: ما ينبغي أن يعنف على المخالف فيها. فالمسألة أوسع من ذلك.......






الجلوس بين السجدتين




أما الجلوس بين السجدتين فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول: الله أكبر، ويجلس، وقال للمسيء في صلاته: {ثم اجلس حتى تطمئن جالساً } وما أعرف أنه يصح في الدعاء بين السجدتين إلا حديثان اثنان: الأول حديث حذيفة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: {رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. } والثاني: حديث ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، كان يقول: {رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني } وفي بعض الألفاظ {واجبرني } ولا أعلم ألفاظاً أخرى صحت.


وبعضهم يقول: اغفر لي ولوالدي والمسلمين أجمعين، هذا لا بأس به لكنه لم يرد في هذا الموضع، وبعضهم يقول: رب اغفر لي، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، هذا الدعاء يكون خارج الصلاة، أما داخل الصلاة فلم يصح إلا حديثان اثنان: حديث ابن عباس وحديث حذيفة .
أما الإشارة بالسبابة، بين السجدتين، فقد قال بها بعض العلماء المتأخرين؛ وذلك إلحاقاً لها بالتشهد.
وقال بعض العلماء من أهل الحديث الأثريين: الإشارة بالسبابة بين السجدتين روايةٌ شاذة، لأن الإشارة بالسبابة عند الدعاء في التشهد، أو عند التشهد في التحيات فقط.
والذي أرى -والله أعلم- أن الإشارة بالسبابة بين السجدتين غير صحيحة، ومن أشار فله ذلك، ولكن السنة أن يمد أصابعه ويستقبل بها القبلة، ويقول: رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. رب اغفر لي.. لحديث حذيفة ، أو رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني، أو واجبرني، لحديث ابن عباس الصحيح.
والبغوي يرى أنها سنة، وقد ذكرها في الجزء الأول من حديث وائل بن حجر وهذا هو الكلام الذي أتى به الألباني وغيره من أهل العلم، لكن قال العلماء: السنة ما نقلت إلا في هذا النقل من حديث وائل ، بينما الأحاديث العامة الواردة في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام لم ترد بهذا.

على كل حال أقول: الذي يظهر لي حسب ما راجعتُ وما رأيتُ أن الإشارة بين السجدتين غير صحيحة، وهذا هو الأقرب -إن شاء الله- للأحاديث، كحديث أبي حميد الساعدي ، وحديث أبي هريرة ، ولكن لا يعنف على من أشار، وكما قال بعض العلماء: إن الإشارة منه صلى الله عليه وسلم عند التشهد، ولا تشهد بين السجدتين.
الأمر الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه في التشهد، وجاء عند الترمذي بسند حسن عن سعد أنه كان يشير في التشهد بأصبعين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أحدٌ يا سعد} ولو لم يكن فيها خلاف ما أوردتها.......






التشهد الأول





كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يتشهد التشهد الأول المعلوم لديكم، وهو: (التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).


بعض المحدثين يكتفي بهذا القدر، وبعضهم يرى الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول، والأحسن أن يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم باختصار، فيقول: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم ينهض.
وفي السنن أنه صلى الله عليه وسلم كان في التشهد الأول مسرعاً مستعجلاً كأنه كان على الرضف، ثم يقوم ناهضاً وكان عليه الصلاة والسلام يشير بأصبعه في التشهد.
وهل يحرك إصبعه عند الإشارة بها في التشهد أو لا يحركها؟
لأهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: يشير بها ولا يحركها في التحيات جميعاً.
القول الثاني: يحركها عند التشهد.
القول الثالث: بعضهم يحركها عند الدعاء، والأقرب أنه يحركها عند التشهد لأنها علامة الوحدانية، لحديث سعد أنه كان يشير بالإصبعين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أحد يا سعد} وكان صلى الله عليه وسلم إذا تشهد أشار بأصبعه.

وأما قول الفقهاء لا يحركها روايةٌ منكرة، ليست بصحيحة، بل قال المحدثون: يشير بها إذا أراد أن يتشهد ويحركها، كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام، وينظر إليها.
والأمر أهون من أن يختلف عليها، فإن البعض قد يعنف على الآخر ويقول: لابد أن تحركها كل التحيات. والأمر أهون من ذلك، وهذه المسائل خلافية لا ينازع ولا يعنف عليها.......






جلسة الاستراحة




جاء في حديث مالك بن الحويرث في الصحيح: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في وترٍ من صلاته، لا ينهض حتى يستوي جالساً } فما موقفنا من جلسة الاستراحة؟ هل هي سنة أم لا؟


وقد سألتُ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذه المسألة، وذلك لأن ابن القيم تحدث عنها بكلام طيب، وهي أن للعلماء فيها ثلاثة أقوال: منهم من قال ببدعيتها، وقد أخطأ، ومنهم من قال: إنها سنة في كل صلاة، ومنهم من قال: تفعل أحياناً.

قال الشيخ ابن باز : تفعل أحياناً. وهذا هو الأقرب، فتفعلها أحياناً، وتتركها أحياناً، ولا تلزم الناس أن يفعلوها. وقد جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينهض للثانية أو الرابعة، جلس جلسةً خفيفة ثم نهض أما من قال ببدعيتها فهو المبتدع، ومن قال: تفعل في كل صلاة، فليس بصحيح ولكن الأقرب والأوسط أن تفعل أحياناً لهذا الحديث، وهو خلاصة جلسة الاستراحة.
وأنا أعرف أن بعض المحدثين يقولون بفعلها دائماً، ونقول لهم: افعلوا ما شئتم.



خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريقُ
والأمر أوسع من ذلك.......





__________________