
24-03-2012, 02:03 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
العزف من القلب
بقلم بول إيرفين
صنعت أول بيان قيثاري (آلة موسيقية تشبه البيانو لكنها أصغر)عندما كنت في الثالثة و العشرين من عمري ، وقتها كنت في الجامعة و أعجبتني فتاة كانت تعزف البيان القيثاري فقررت أن أشتري لها واحدة كهدية لكن ثمنه كان أكثر مما أستطيع دفعه لذلك اشتريت عدة بها البيان مقطعا و معه طريقة للتركيب ، اشتريت تلك العدة بخمسمائة دولار ، مبلغا كان كبيرا وقتها (عام 1970) لكنه أقل كثيرا من ثمن الآلة الجاهزة.
و لأن عقلي يستطيع تصور آلية حركة الأجهزة فإنني تمكنت من تركيب تلك الآلة بنجاح ، بينما فشلت في كسب ود تلك الفتاة.
بعد التخرج عملت مدرسا في مدرسة لكن شغفي الحقيقي كان فنون القتال و بالذات التايكوندو و كنت أقضي وقت فراغي في التدرب عليه.
حينها التقيت إمرأة أعجبتني و أخبرتني أنها تحب العزف على البيان القيثاري. فاشتريت عدة أخرى كي أصنع لها واحدا . تلك المرة كانت العدة عبارة عن قطع خشبية تالفة و تعليمات التركيب غير متقنة. اتصلت بمدير الشركة أخبره أن العدة التي اشتريتها لا تصلح فأخبرني الرجل أنني أبالغ في انفعالي و أغلق الخط في وجهي . لكنني كنت في حالة حب و أردت أن أصنع لخطيبتي آلة فقررت أن أصمم واحدة بنفسي.
بالفعل نجحت في صناعة البيان و تزوجت المرأة. بعد أن سألني عدة أشخاص كم يتكلف صنع آلة كتلك بدأت أفكر في كسب مورد رزق بصناعة البيان القيثاري .
في الأعوام الثمانية التي تلت ذلك صنعت 25 آلة و صارت سمعتي طيبة في هذا المجال. حين بدأت في صنع الآلة السادسة و الشعرين تغيرت حياتي.
كنت قد تقدمت في التايكوندو و كلما تدربت أكثر كلما تحسنت و قد اكتسبت أحد مبادئه العميقة و هي أن يكون لك منظور أبعد من اللحظة الراهنة ، استوعبْ الفكرة العامة و عندها تصغر التفاصيل الضيئلة و تأخذ سياقها الملائم.
حين يتقدم المرء في التايكوندو ، بوسعه أن يقف أمام عدة مهاجمين و يصدهم لأنه يستجيب للصورة الأكبر و ليس للأشخاص كل على انفراد. لو أنه التفت لكل ضربة بمفردها و حاول اتقانها لما تصدى لمهاجميه. عليه أن يعتمد على السنين المطولة التي تدرب فيها كي يكتسب هذا الحس المجرد العالي.
طرأ ببالي أن الطريقة التي أصنع بها آلاتي طريقة مصطنعة لأن اهتمامي منصب على كل اتقان كل التفاصيل الصغيرة و التأكد من القياسات بدقة . لكنني قررت أن أثق بحسي و السنين الطويلة التي أكسبتني الخبرة في صناعة تلك الآلات.
الآلة رقم 26 كانت مختلفة ، صوتها دافىء ، نابض بالحياة و حر و هذا ما لم يشعرك به العزف على الآلات السابقة. بعدها صرت أثق باحساسي و أصنع آلاتي بقدر من الحرية الذي يجعلها تغني بانطلاق. آلاتي أكثر من مجموع أجزائها
لازلت أصنع تلك الآلات في حجرة في بيتي و لازلت أمارس التايكوندو لأنه يساعدني على فهم الصورة الكبيرة و بالتالي يجعل آلاتي تغني بشكل أفضل.
|