الصفة الثالثة - المخالفة للحوادث :
الله تبارك وتعالى خلق الكون أي العالم وهولا يشبهه ولا يشبه الكون ، كل شيء ما سوى وغير الله يسمى عالم والله خلق هذا العالم وهولا يشبهه ولا بصفة من صفاته ، لأنه لوكان يشبه العالم بصفة من صفاته لكان مخلوقا مثل هذا الذي يشبهه ، ولكن طالما أن هذا العالم من مادة والله ليس من مادة فا لله لا يشبه العالم لماذا؟...
لأن المادة مخلوقة والمادة يطرأ عليها تغير وتطور ، تكون خام ثم تصنّع فيتغير شكلها ، مثلا جذع شجرة خام يتحول إلى طاولة أوإلى عامود أوإلى كرسي ، مادة المخلوقات مهما كانت يجوز عليها عقلا التطور والتغير فلذلك لا يجوز أن يكون الله تعالى:
1- شيئا من مادة 2- ولا شيئا له مكان 3 - ولا شيئا له طول 4- ولا شيئا له شكل .
لأنه لوكان محسوسا أوكان له مكان أوطول أوعرض أوشكل ، لصار بحاجة لمن خلقه وجعله بهذا الشكل وبهذا المكان بدل غيره من الأمكنة وغير ذلك من الأشكال فنحن مثلا لماذا ولدنا في ماليزيا ولم نولد في غير بلد، لأننا محتاجون إلى من خصصنا بصفة الوجود بماليزيا وغير ماليزيا، واذا اجتمعنا في مكان ما وفي وقت محدد فهذا ليس بقدرتنا بل بقدرة الله تعالى لأننا محتاجون إلى من خصصنا بالاجتماع في هذا المكان وهذا الزمان ولكن عقلا يجوز أن نجتمع بغير هذا المكان والزمان ولكن طالما أننا موصوفون بصفة مخلوقة فنحن محتاجون إلى من خصصنا بهذه الصفة بدل من غيرها ، فالله يخالف الحوادث أي المخلوقات لا يشبهها لا بذاته ولا بصفاته ولا بأفعاله:
1- لأن ذات الله غير ذا تنا وصفاته غير صفاتنا.
2- لأن أفعاله غير أفعالنا.
3- الله ليس بجسم ونحن بجسم.
4- الله ليس مركّبا من مواد ونحن مركّبون من مواد.
5- الله صفاته أزلية ونحن صفاتنا مخلوقة.
صفاتنا نكتسبها على مر الأيام وعلى التمرين والخبرة كالصحة والمشي وطريقة الكلام والعلم كل ذلك نكتسبه بعد وقت من التعلم والتمرن والخبرة ، أما الله تبارك وتعالى فصفاته ليس لها بداية ولا يتصف بها بالتعلم ولا بطول الزمن ولا بالإكتساب، وفعل الله غير فعلنا لأننا نقدر على أشياء محدودة، والله قادر على كل شيء، نحن نقدر على التصنيع والتركيب والله قادر على الخلق ولا أحد من البشر يستطيع أن يخلق شيئا، والخلق هنا بمعناه : إبراز الشيء من العدم إلى الوجود يعني لم يكن موجودا بالمرة وليس له مادة خام ثم وجد فإيجاده يكون بواسطة الخالق. الإنسان لا يستطيع أن يوجد شيئا من غير مادة ولا يستطيع أن يغير عمره بأكبر أوأصغر ولا يستطيع أن يطور نفسه ولا أن يخلق شعرا في باطن كفه لأنه ليس خالق نفسه إنما الله هوخالق كل شيء. الإنسان عنده قدرة والله عنده قدرة ولكن الإختلاف بين القدرتين أن قدرة الله يتأتى بها إيجاد الممكن وإعدامه أما قدرتنا نستطيع بها بإقدار الله لنا ، أن نطور ونصنع فقط لا أن نخلق شيئا غير موجود، أوأن نميت شيئا حيا ولا أن نعدم شيئا موجودا مثلا لوأن إنسان قتل عدوه فهوالسبب في مقتله ولكن هذا الإنسان ليس هوخالق القتل وإنما هوالسبب في حصول القتل ، أما الله فهوخالق الموت والحياة وهما ضدين . وهناك أضداد أخرى خلقها الله : النور والظلمات ، الشر والخير ، القوي والضعيف ، أما الإنسان فقدرته ضعيفة محدودة لا يستطيع أن يفعل بها ما يريد فلا يجوز أن يقول الإنسان الله عالم وأنا عالم ، الله موجود وأنا موجود ، والله حي وأنا حي ، والله قدير وأ نا قدير بالإطلاق ، بل مع تحديد أن علم ووجود وحياة وقدرة الله غير حياتنا ووجودنا وقدرتنا وعلمنا ، هذا معنى مخالفة الله للحوادث وهي الصفة الثالثة .