مقتضى الشهادتين:
أ ـ مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: هو ترك عبادة ما سوى الله من جميع المعبودات، المدلول عليه بالنفي وهو قولنا: ( لا إله ). وعبادة الله وحده لا شريك له، المدلول عليه بالإثبات، وهو قولنا: ( إلا الله )، فكثير ممن يقولها يُخالف مقتضاها؛ فيثبت الإلهية المنفية للمخلوقين والقبور والمشاهد والطواغيت والأشجار والأحجار.
وهؤلاء اعتقدوا أن التوحيد بدعة، وأنكروه على من دعاهُم إليه، وعابوا على من أخلصلى الله عليه وسلم العبادة لله.
ب ـ ومقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله: طاعتهُ وتصديقُهُ، وترك ما نهى عنه، والاقتصار على العمل بسنته، وترك ما عداها من البدع والمحدثات، وتقديم قوله على قول كل أحد.
خامسًا: نواقض الشهادتين:
هي نواقض الإسلام؛ لأن الشهادتين هنا هما اللتان يدخل المرء بالنطق بهما في الإسلام، والنطق بهما اعتراف بمدلولهما، والتزام بالقيام بما تقضيانه؛ من أداء شعائر الإسلام، فإذا أخل بهذا الالتزام فقد نقض التعهد الذي تعهد به حين نطق بالشهادتين. ونواقض الإسلام كثيرةٌ قد عقد لها الفقهاء في كتب الفقه بابًا خاصًا سموه ( باب الردة )، وأهمها عشرة نواقض ذكرها شيخ الإسلام محمدُ بنُ عبد الوهاب رحمه الله في قوله:
1 ـ الشرك في عبادة الله، قال الله تعالى: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } [النساء: 48، 116. ]، وقال تعالى: { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار } [المائدة: 72. ]. ومنه الذبحُ لغير الله؛ كالذبح للأضرحة أو الذبح للجن.
2 ـ من جعل بينَهُ وبينَ الله وسائط؛ يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم؛ فإنه يكفر إجماعًا.
3 ـ من لم يكفر المشركين، ومن يشكّ في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ كفر.
4 ـ من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، ويفضلون حكم القوانين على حكم الإسلام.
5 ـ من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ـ ولو عمل به ـ؛ كفر.
6 ـ من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه؛ كفر، والدليل على ذلك قوله تعالى: { قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }. [التوبة: 65، 66. ]
7 ـ السحرُ، ومنهُ الصرفُ والعطفُ ( لعله يقصد عمل ما يصَرفُ الرجلَ عن حب زوجته، أو عمل ما يحببها إليه) فمن فعلَه، أو رضي به؛ كفرَ، والدليل قوله تعالى: { وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر }. [البقرة: 102. ]
8 ـ مظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: { ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [المائدة: 51. ]
9 ـ من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، عليه السلام؛ فهو كافر. قلت: وكما يعتقده غلاة الصوفية أنهم يَصلون إلى درجةٍ، لا يحتاجون مَعها إلى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
10 ـ الإعراض عن دين الله، لا يتعلمُهُ، ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } [الأحقاف: 3. ]، { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون }. [السجدة: 22. ]
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: ( لا فرق في جميع هذه النواقض، بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره. وكلها من أعظم ما يكون خطرًا، وأكثر ما يكون وقوعًا، فينبغي للمسلم أن يحذرَها، ويخاف منها على نفسه، نعوذُ بالله من موجبات غضبه، وأليم عقابه ).