
09-04-2012, 10:36 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
نقطة تحول
مكالمة سام الهاتفية التي أيقظتني (بقلم روبرت ريك)
بالنسبة لابني الأصغر ، كانت لي وظيفة أهم من وظيفة وزير العمل
منذ عدة سنوات واجهتني مشكلة ، كنت لا أطيق صبرا كي أصل إلى عملي صباحًا و أتركه راغمًا في المساء . لم أرغب في وظيفة كما رغبت في وظيفتي تلك ، أن أكون وزيرا للعمل في مجلس الوزراء. في تلك الوظيفة ، شعرت أنني لا أكتفي منها .
بالطبع ، انكمشت بقية حياتي مثل حبة زبيب جافة . فقدت صلتي بأصدقائي القدامى و لم أعد أرى زوجتي و ولدي آدم 15 عامًا و سام 12 عامًأ آنذاك إلا قليلاً.
كل ليلة ، كان الولدان ينتظرانني و لا ينامان حتى أصل البيت و أجلس معهما ، لكنني هذه الليلة كما في ليالي كثيرة سابقة ، اتصلت أخبرهما أن يناما لأنني سأتأخر في المكتب.
حسنًا ، قال سام ، هل بإمكانك أن توقظني متى ما أتيت ؟
_ سيكون ذلك متأخرًا جدًا بعد نومك بكثير من الأفضل أن ألقاك في الصباح.
استمع سام ثم أصر أن أوقظه متى ما أتيت ليراني و يتحدث إلي.
أمر ما أصابني من جراء تلك المكالمة . لا أدري ما هو لكنني أدركت لحظتها أن عملي يمتص معظم وقتي و أن علي أن أتركه.
بعد أن أعلنت على الملأ أنني سأترك منصبي كوزير و قدمت استقالتي ، اتصل بي مواطنون عاديون ، معظمهم تعاطف معي ، لكن قلة لم تفعل.
بعضهم كتب يخبرني أن النساء اللواتي يحاولن أن يحتفظن بوظيفة مرهقة مع تربية أسرهن يتعرضن للنقد لأنهن يضحين بالكثير كي ينجحن و ها أنذا أخبر الجميع باستقالتي أن التوازن بين وظيفة تحتاج التفرغ و تربية العائلة ، أمر غير ممكن . آخرون أخبروني أن بوسعي أن أجد وظيفة ذات دخل طيب و تسمح لي بالتواجد مع أولادي و عائلتي ، لكنهم لا يملكون ذلك الاختيار مع وظائفهم . و أن استقالتي أرسلت رسالة خاطئة لمن هم مضطرون للعمل في وظائف تتطلب وقتًا طويلا يشغلهم عن عوائلهم.
كان علي أن أتوقع أن ترسل استقالتي العديد من الرسائل الرمزية و أن يكون لها ثقل عند الناس فقد كنت وزير العمل . لكنني لم أنوي باستقالتي أن أبعث برسالة للناس أخبرهم فيها كيف يحيون حياتهم .
كان طلب ابني سام البسيط هو المكالمة التي أيقظتني كي أحيا حياتي بالطريقة التي تناسبني.
لكن اختياري أثار المتاعب لأن العديدين يفشلون في موازنة العمل و الحياة الأسرية.
هذه الأيام ، يجني الأمريكي أكثر مما كان والده يكسبه ، لكن ذوي الدخول المتوسطة يعملون عدد ساعات أكثر من الجيل السابق. عدة ساعات العمل الزائدة مجموعها يكافىء شهرين من العمل لكل عام.
لم ذلك؟ بعض السبب يكمن في التقنيات الحديثة مثل الهاتف المحمول و الإنترنت التي تيسر على الأفراد الولوج لأعمالهم متى ما شاءوا مما يغري الكثيرين بالعمل لساعات أطول.
لكن الاقتصاد أيضًا تحول من الانتاج بكيات كبيرة على نحو ثابت إلى الابتكار المستمر. لكي تستمر في التجديد ، تربط الشركات مرتب العاملين لديها بالأرباح .
ما يكسبه الموظفون يعتمد على العلاوات و حصص الأسهم و الأجور الإضافية . و تلك الزيادة قابلة للنقص أو التلاشي. ليدفع الناس فواتيرهم فإنهم يندفعون للعمل بأقصى طاقتهم عندما تتوافر الفرصة.
صديق لي يعمل أربعة عشر ساعة في يوم العمل رغم أنه غير مرغم على ذلك. و لأنه أنجب ابنا فإنه حريص على وظيفته و لأن الشركة تقرن راتبه بأرباح الشركة فإنه يستغل تلك الفرصة ليجمع مالا ما دامت الفرصة قائمة.
هذا الوضع يتكرر مع كثيرين ، يتنازلون عن أجازاتهم مع العائلة للعمل ساعات أطول مهما يكن دخلهم عالي . يشعرون أن عليهم مواصلة العمل و أنهم لو توقفوا و أخذوا أجازاتهم فإنهم سيتوقفون بشكل دائم لذلك يستمرون بأقصى اندفاعهم في العمل.
واجهني عين الإغراء بعد أن تركت عملي ، كان ابني سام على وشك أن يبدأ سباقًا في المدرسة و عزمت أن لا أفوته . عندها عُرضت علي وظيفة في مشروع كبير . كان الأجر كريمًا و لكن كان يتعين علي أن أبدأ في نفس يوم السباق.
رفضت المشروع و كان ابني مسرورا أنني لم أفوت السباق ، فاز سام في ذلك السباق. كانت ابتسامته كبيرة و أحب أن أنسب لحضوري الفضل في فوزه و أخبر نفسي أن وجودي جعله يبذل جهدًا أعلى و أنني ساهمت في نجاح ابني.
أود لو أخبركم أنني لم أندم على الفرصة التي فوتتها ، لكن الندم على تفويت تلك الفرصة عاودني يوم السباق حتى رأيت وجه ابني المشرق و هو يعبر خط النهاية. استحق المشهد الثمن الذي دفعته فيه.
|