[محمد رافع 52]

الاستغفار في الحديث النبوي

الاستغفار يمحو الذنوب


*عن أبي هريرة قال: قال رسول الله *صلى الله عليه وسلم* : «والذي نفسي بيده، لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يُذنبون فيستغفرون الله فيغفرُ لهم» ( مسلم )


* روى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله*صلى الله عليه وسلم*: «ألا أدلكم على دائكم ودوائكم، ألا إن داءكم الذنوب، ودواءكم الاستغفار» (البهيقي)


* عن عبد الله بن بُسْر قال: سمعت النبي*صلى الله عليه وسلم* يقول: «طُوبى لمن وُجِدَ في صحيفته استغفار كثير». (ابن ماجة)


* ورُوى عن أنس بن مالك أن رسول الله*صلى الله عليه وسلم* قال: «إن للقلوب صدأ كصدإ النحاس وجلاؤها الاستغفار» (البيهقي)




صيغ الاستغفار


أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.


وقت الاستغفار:


العبد بحاجة دائمة إلى الاستغفار، وفي جميع الأوقات، ولهذا كان الرسول *صلى الله عليه وسلم*يستغفر في جميع أوقاته، وشرع الاستغفار بعد الانتهاء من العبادات، منها:


1-الذين أحيوا الليل بالصلاة، فلما كان وقت السحر أمروا بالاستغفار، قال الله تعالى: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الذاريات -18) وقال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ[ال عمران -17، وقد ختم الله سورة المزمل وحث فيها على قيام الليل بقوله: }وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ[.(المزمل -20)


2- إذا انتهى المصلي من صلاته استغفر ثلاثًا.


3- بعد الإفاضة من عرفات، قال الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ}.(البقرة – 199)


4- الرسول *صلى الله عليه وسلم* جاهد في الله حق جهاده وأتى بما أُمر به ثم أُمر بالاستغفار، قال الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}( النصر -1-3)




سيد الاستغفار:


ومن صيغ الاستغفار ما رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله*صلى الله عليه وسلم*: «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدُك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» قال: «من قالها من النهار مُوْقِنًا بها فماتَ من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» (صحيح البخاري)




فوائد الاستغفار:


1- الاستغفار يمحو الذنوب كما جاء ذلك في الحديث الأول.


وقال شيخ الإسلام: «الاستغفار يمحو الذنب الذي هو من شعب الشرك، فإن الذنوب كلها من شعب الشرك، فالتوحيد يذهب أصل الشرك، والاستغفار يمحو فروعه، فأبلغ الثناء قول: لا إله إلا الله، وأبلغ الدعاء قول: استغفر الله».(مجموع فتاوي شيخ الاسلام ابن تيميمة)


وقال الفضيل: يقول العبد: استغفر الله، وتفسيرها: أَقِلْني .(الجامع لأحكام القران لابي عبدالله القرطبي)


2- الاستغفار ينزل به الرزق والأمطار. قال الشعبي: يخرج عمر بن الخطاب يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي ينزل بها المطر، ثم قرأ: ]اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا[. (نوح -10)


وقال الأوزاعي: خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «اللهم إنا سمعناك تقول: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} (التوبة -91)وقد أقررنا بالإساءة، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا، اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا فرفع يديه، ورفعوا أيديهم فسقوا.


وقال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله. وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله. وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدًا، فقال له: استغفر الله. وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله. فقلنا له في ذلك، فقال: ما قلت من عندي شيئًا، إن الله تعالى يقول في سورة نوح: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (نوح-10 -11)


3- أنه يزيد المسلم قوة إلى قوته، كما قال الله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}(هود -52) قال مجاهد في تفسير هذه الآية شدة إلى شدتكم. وقال الضحاك: خصبًا إلى خصبكم، وعلي بن عيسى: عزًا إلى عزكم، وقال عكرمة: ولدًا إلى ولدكم .(الجامع لاحكام القران)


4- إن ثمرة الاستغفار هو المتاع الحسن كما قال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا}(هود -3) ومعنى الآية: يمتعكم بالمنافع ثم سعة الرزق ورغد العيش، ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل بمن قبلكم، وقيل: {يُمَتِّعْكُمْ}: يعمِّركم.


وأصل الإمتاع: الإطالة، ومنه أمتع الله بك ومتَّع، وقال سهل بن عبد الله: الإقبال على الحق، وقيل: هو القناعة بالموجود وترك الحزن على المفقود(جامع لأحكام القران)



5- كثرة الاستغفار تزيل الذنوب ولو تضاعفت في العدد، فكأن المرة الواحدة من الاستغفار تمحو عشر سيئات.


والاستغفار نعمة أبقاها الله جل وعلا ليتطهر به العبد، وليكثر من طلب غفرانه.


6- الاستغفار هادم غوايات إبليس ومحطم إضلاله.


7- الاستغفار يزيل الكروب وتُقضي به الحاجات كما قال رسول الله *صلى الله عليه وسلم*: «جعل الله له من كلِّ همٍّ مخرجًا»


8- جهة معينة في الجنة للمستغفرين (طوبى).


9- الاستغفار يطهر العبد من الأخطاء كما قال رسول الله*صلى الله عليه وسلم*: «من أحبَّ أن تَسُرَّه صحيفتُه فليكثر فيها من الاستغفار» (البهيقي ترغيب وترهيب)


10- الاستغفار ينظف القلب من الغفلة ويجلوه من صدأ النسيان ويبعد الران الذي يحجب أنوار الله.


11- الاستغفار سبب قبول التوبة وحسن الخاتمة كما قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}(البقرة -37)