أنَّتْ سعادُ لزفرتى وتألمِى وأتت تسائل عن جواب تجهمى
لمَّا رأتْ نفسى تعاظمَ حزنَها قالت بُنَىّ دع المشيئة تحكمِ
صرِّحْ بما تخفِى تجدْ بعضَ الدوا فالحزنُ لا يشفيه طولُ تكتُّمِ
أخبرتُها أنَّ الأحبة حالهُمْ قد صار يا أمىِّ كما لم يعظم
هل مُخْبر عنِّى الأحبَّةَ أنهم كالغَثَّ صار بكل وادٍ يرتمِى
ذى أمَّتى بين الشعوب تضايعتْ أمالها وكأنها فى مَأتمِ
تمشى كما يمشى الذى يغشاهُ موتٌ أو يعيش لغاية لم تُرسمِ
يا أمَّةٌ كانت تتيه بعزها وبمجدها بين الشعوب وتنتمى
والآن يحكمُ أمرها أهواؤُها زعمًا بما تعلمْ وما لم تعلمِ
كانتْ إذا شاءَ العداةُ قتالها همَّ الرجالُ وأقسموا بالمقسمِ
لا والضحى والليل تأتى بعده شمسٌ تذيب ظلامَه لم يعتمِ
أمىِّ فداؤك فى الحروب نفوسُنا ومدادُ سيفى فى الطعان لظى دمى
يا أمُّ إنى قد جعلتكِ فى جوانح مهجتى فلتسعدى ولتسلمى
الشمسُ كانتْ لاتغيب بأرضها أنوارُها وتضىء كلَّ معتَّمِ
فمن المحيط إلى الخليج شعوبُها شعبٌ يعيش بوحدة لم تقسمِ
ذى أمَّتى ـ هل ياترى ذى أمتى- أيام كانت فى المقام الأكرمِ
أين الصناديدُ الذين أنوفُهم تأبى الهوانَ وكلَ عيش مرغمِ
أين الرجالُ الموقدون بنورهمْ أمجادَهم وسط الزمان المُظلمِ
الحاملون حياتَهمْ بأكفهمْ لا يرهبونَ منيةٍ إن تُقدمِ
الناحتون على الصِّعاب طريقَهم الخائضون لظىً ونارَ جهنمِ
الباذلون بكل وقتٍ روحَهمْ حتى ولو وسط العرينِ المُضرَمِ
أخي الكريم سيبويه
تحياتي
عفوا لم أتمكن من قراءة قصيدتك بهذا الخط الصغير جدا فأعدت تنسيقها بهذا الشكل حتى أمتع نفسي بقراءة قصيدة عمودية ثرية ترثي أمة ضاعت وبيدها سر بقائها ورقيها وتقدمها .. ذكرتني بقصيدة لشوقي يقول فيها
إِذا زُرتَ يا مَولايَ قَبرَ مُحَمَّدٍ وَقَبَّلتَ مَثوى الأَعظَمِ العَطِراتِ
فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ أَبُثُّكَ ما تَدري مِنَ الحَسَراتِ
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ
بِأَيمانِهِم نورانِ ذِكرٌ وَسُنَّةٌ فَما بالُهُم في حالِكِ الظُلُماتِ
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِم وَفَخارِهِم فَما ضَرَّهُم لَو يَعمَلونَ لِآتي