أول ليلة في القبر!
مات الحسن ابن الحسن من أولاد علي ابن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه..
كان عنده زوجة و أطفال وكان في الشباب...
والموت لا يستأذن شابا ولا غنيا ولا فقيرا ولا أميرا ولا ملكا ولا وزيرا ولا سلطانا..
الموت يقصم الظهور ويخرج الناس من الدور وينزلهم من القصور ويسكنهم القبور بلا استئذان..
الحسن ابن الحسن مات فجأة... نقلوه إلى المقبرة..
فوجدت علية امرأته وحزنت حزنا لا يعلمه إلا الله.
أخذت أطفالها وضربت خيمة حول القبر.
( وهذا ليس من عمل الإسلام ولولا أن مؤرخوا الإسلام ذكروه ما ذكرته).
ضربت خيمة حول القبر وأقسمت بالله لتبكين هي و أطفالها على زوجها سنة كاملة.
هلع عظيم وحزن بائس.
وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت أطناب الخيمة وحملتها و أخذت أطفالها في الليل.
فسمعت هاتفا يقول لصاحبه في الليل: هل وجدوا ما فقدوا ؟، هل وجدوا ما فقدوا ؟
فرد عليه هاتف أخر قال: لا، بل يئسوا فانقلبوا.
ما وجدوا ما فقدوا، ما وجدوا ضيعتهم ، ولا وديعتهم..
ما كلمهم من القبر، ما خرج إليهم ولو في ليلة واحدة، ما قبّل أطفاله، ما رأى فتاته، لا.
ولذلك هذه هي أول ليلة ولكن لها ليالي أخرى إذا أحسن العمل.
قال الله ، جل الله : { والذين آمنوا واتّبعتهم ذريتهم بإحسان.. ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء.. كلّ امرئ بما كسب رهين }
أتى أبو العتاهية يقول لسلطان من السلاطين غرته قصوره، وما تذكر أول ليلة ينزل فيها القبر.
ونحن نقول لكل عظيم ولكل متكبر، متجبر أما تذكرت أو ليلة ؟
هذا السلطان بنى قصورا في بغداد ، فدخل عليه الشاعر يهنئه بالقصور يقول له:
عش ما بدا لك سالما في ظل شاهقة القصور
عش ما بدا لك سالما عش ألف سنه، عش مليون سنه سالما معافى مشافى.
يجري عليك بما أردت مع الغدو مع البكور
ما تريد من طعام، ما تريد من شراب هو عندك، ولكن اسمع ماذا يقول:
فإذا النفوس تغرغرت
بزفير حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا
ما كنت إلا في غرور
فبكى السلطان حتى أغمي عليه: فهناك تعلم موقنا ما كنت إلا في غرور.
|