وبعد بعثة هؤلاء الرسل عليهم السلام صارت الخصومة بين الرسل وأتباعهم, وبين أعداء الرسل من الشياطين و أتباعهم, ولذلك يقول الله تعالى : } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ... ( 31 ) {سورة الفرقان , فما من نبي يبعث إلا ويتصدى له أعداء من المجرمين, يضعون العراقيل في طريقه ويعترضون عليه بمختلف الوسائل,يقول الله جل وعلا: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ( 112 ) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ( 113 ) {سورة الأنعام , وبعد بعثة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم انحصرت الخصومة بين أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه , فالنبي صلى الله عليه وسلم كان له أعداء كثيرون من المجرمين,ومن الأكابر: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ( 123 ) { سورة الأنعام ,وما أبو جهل, وعتبة, وأبو لهب, وشيبة, وغيرهم إلا أمثلة ,ونماذج لأعداء الرسل عليهم السلام, ثم الدين يحاربون دعوته صلى الله عليه وسلم عبر العصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
وبالمقابل بعد وفاة صلى الله عليه وسلم أصبح أولياءه : هم العلماء الذين ورثوا هديه , وتراثه , يقول النبي صلى الله عليه وسلم :[ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ] رواه أبو داود, والترمذي, وابن ماجه, والدارمي, وأحمد . و بين الله عز وجل أن هذه الأمة سيوجد فيها من يحمل الرسالة , فكلما جاء جيل قيض الله تعالى منهم من يحمل الراية , ويقيم الحجة على أهل هذا العصر , ولهذا يقول الله عز وجل في محكم التنزيل : } وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ( 181 ) { سورة الأعراف , والاسم الخاص الذي ميز الرسول صلى الله عليه وسلم به هؤلاء هو : الطائفة المنصورة , قال صلى الله عليه وسلم :[ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ] رواه الترمذي,وابن ماجه, وأحمد . يهدون بالحق, وبه يعدلون .
ويقابلهم أعداء الرسل يحاربونهم ويضعون في طريقهم الأذى , والشوك , فلا يضرونهم إلا بالتعب والجهد { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } سورة آل عمران.
__________________
|