
04-07-2012, 01:03 PM
|
 |
عضو قدوة المركز الثاني عن مسابقة العام في الاسبوع السادس
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 2,900
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
2
كرهته ... أبغضته ... امتلأ قلبى بالحقد عليه ... و في يوم من الأيام و نحن على سفرة الطعام قال :
قم و لا تأكل معنا ...
و قبل أن أقوم ... قام هو وركلنى في ظهرى ركلة أسقطتني على صحن الطعام ... تخليت أننى أصرخ فى وجهه :
سوف أقتص منك ... سوف أضربك كما تضربنى و أشتمك كما تشتمنى ، سوف أكبر ... و أصبح قويا ...
و سوف تكبر و تصبح ضعيفا ...
عندها أفعل بك كما تفعل بى ...
ثم هربت و خرجت من المنزل ... و أصبحت أجرى و أجرى على غير هدى
بدون هدف حتى ساقتنى رجلى إلى هذا البحر و أمسكت بالمصحف أقرأ فيه حتى لم أستطيع أن أواصل من كثرة البكاء وشدة النحيب ، ...
عندها نزلت من خالد بعض دموعه النقية ... و لم أنبس بكلمة فقد ربط العجب لسانى ،
هل أعجب من هذا الأب الوحشى الذى خلا قلبه من الرحمة ؟ أم أعجب من هذا الابن الصابر الذى أراد الله عزوجل له الهداية فألهمه الثبات ؟
، أم أعجب منهما الاثنين حين استحالت رابطة الأبوة و البنوة بينهما أشلاء و صارت علاقتهما
كعلاقة الثعلب بالذئب و الأسد بالنمر ... ؟ أخذته بيدى ، و مسحت دموعه بيدى و صبرته ... دعوت له و نصحته ببر والده
و الصبر على أذاه ... ووعدته بأن أقابل والده و أكلمه وأستعطفه ... و مضينا ... و مرت الأيام .. و أنا أفكر فى الطريقة
التى أفاتح بها والد خالد فى موضوع ابنه و كيف أقنعه؟! ... بل كيف أعرفه على نفسى ؟!... و أخيرا ...
استجمعت قواى و قررت أن تكون المقابلة فسرت إلى منزله و طرقت الباب ... و يدى ترتجف ... ثم فتح الباب ...
و إذا بذلك الوجه العابس ، و تلك التقاطيع الغاضبة ... فابتسمت ابتسامة صفراء لعلها تمتص نظراته السوداء ... و قبل أن أتكلم
... أمسك بتلابيب ثوبى و شدنى إليه وقال :
أأنت المطوع الذي تدرس خالداً في المسجد ؟؟ ... قلت
ن ، ع ، م ... قال
: والله لو رأيتك تمشى معه مرة أخرى كسرت رجلك ، خالد لن يأتيكم بعد الآن ، ثم جمع مادة فمه ... و قذف بها دفعة واحدة
فى وجه الفقير إلى الله ، و أغلق الباب و كان ختامها مسكا ... فمسحت عن وجهى و لحيتى ما أكرمنى به ...
ورجعت و أنا أسلى نفسى ... "رسول الله صلى الله عليه و سلم" فعل به أكثر من ذلك ، كذبه قومه و شتموه و رموه بالحجارة ,
أدموا رجله ... و ضعوا القاذورات فوقه ... طردوه و أخرجوه من أرضه ... و مرت الأيام و الشهور و نحن لا نرى خالداً ...
فأبوه يمنعه حتى من الخروج للصلاة ، و نسيناه فى غمرة الحياة ...
و مرت السنون و فى ذات ليلة بعد صلاة العشاء و فى المسجد إذ بيد غليطة تمسك بكتفى ...
آه إنها ذات اليد التى
أمسكت بعنقى قبل سنين ... إنه نفس الوجه ... و نفس التقاطيع ... و نفس الفم الذى أكرمنى بما لا أستحق ... و لكن
هناك تغييرا كبيرا ...
الوجه العابس ... أصبح منكسراً ،
و الجسم هدته الآلام و الهموم ...
فقلت : أهلاً ياعم ورحبت به
فانفجر باكيا ... سبحان الله !
ما كنت أظن أن ذلك الجبل سوف يصبح يومًاسهلاً
فقلت : تكلم يا عم و أخرج ما فى نفسك
كيف حال خالد ؟ فتنهد بعمق و قال :
أصبح خالد يا بنى ليس خالد الذى تعرفه ، ليس خالد الفتى الطيب الهادئ الوديع
... منذ أن خرج من عندكم تَعرَّف على شلة من شلل الفساد يلهو ويلعب ...
بدأ بالدخان معهم فشتمته و ضربته ... لا
فائدة فقد تعود جسمه على الضرب واستساغت أذناه الشتائم ... كبر بسرعة ..
كان يسهر معهم ولا يأتى إلا مع خيوط الفجر
، طُرد من المدرسة أصبح يأتينا ليلاً بلسان يَهذى ويد ترتعش ... تغير ذلك الجسم الغض الطرى أصبح جسمه مهترئًا ضعيفًا ...
أصبح وجهه أسودًا وعينه حمراء كالنار ، ذهب قلبه الطيب البار ، واستحال قلبه قاسيا كالصخر أو أشد ... أصبح لا يمر يوم إلا ويشتمنى أو يركلنى أو يضربنى ... تصور يا بنى أنا أبوه يضربنى ...
ثم عاود بكاءه الحار ثم مسح دموعه ،
أرجوك يا بنى زوروا خالداً خذوه معكم ،
بيتى مفتوح لكم ، بل إننى راض أن يعيش فى
منازلكم و ينام معكم ، أرجوك يا بنى أقبل
و ألثم رجليك أرجوك ،
المهم أن يرجع خالد كما كان ، و مضى فى بكائه و نحيبه و حسراته
و تركته حتى أنهى ذلك كله ، فقلت له : يا عم
♦♦ذاك زرعك ، و هذا حصادك ♦♦،
ورغم ذلك دعنى أحاول .
و بدأت محاولاتى مع خالد لردّه إلى طريق الهداية و الاستقامة ...
الذى انحرف عنه بتأثير الضغوط الرهيبة التى مارسها عليه والده الظالم القاسى ...
و بتأثير وبتأثير رفقاء السوء...
حاولت أن أقابل "خالد" بأى وسليةٍ... و لكنه كان يتهرب من مواجهتى بكل وسلية ممكنة ...
بعثت له الرسائل و الخطابات ...
تابعت على منزله المكالمات و الاتصالات ...
انتظرته عند باب منزله الساعات تلو الساعات ...
بحثت عنه فى المقاهى و أماكن التجمعات ...
ولكن دون أن أظفر بمقابلته أو محادثته أو مواجهته ...
يتبع...
__________________
{وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }
|