جمال سلطان يكتب
لميس الحديدي والنهي عن المنكر !
قبل أيام انتشر على شبكة "الإنترنت" صورة محضر شرطة، جاء فيه أنه تم ضبط مقدمة البرامج المحسوبة على "فلول" نظام مبارك "لميس الحديدي"، على أحد الطرق الرئيسية وهي تحمل في سيارتها كَمية من مخدِّر الحشيش وممنوعات أخرى وأنه جرى توقيفها ، للوهلة الأولى كان يبدو الافتعال واضحًا في الصورة المنشورة ، كما كانت روح "المشاغبة" في هذا المحضر الذي تم ترويجه وانتشر بسرعة كبيرة واضحة ، غير أن المهم في تلك القصة أن وزارة الداخلية سارعت بنفي صحة المحضر، ثم أعلنت بعد ساعات قليلة أنها توصلت إلى أصحاب الصفحة التي روَّجت تلك القصة على شبكة الإنترنت، وأنه جارٍ اتخاذ اللازم حيال صاحبها ، خلال ساعات قليلة صدر هذا البيان ، وبطبيعة الحال نحن نحيي وزارة الداخلية على ذلك الإنجاز وتلك الهمة والقدرة العالية على الوصول إلى المتلاعبين على شبكة الإنترنت خلال ساعات وتحديدهم ، غير أن هذا الإنجاز جعلني أضع علامة استفهام كبيرة حول ضعف همة وزارة الداخلية في الوصول إلى أصحاب الصفحة التي حملت اسم "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ، وعجزها عن تحديد أصحابها، رغم تكرار ظهور هذه الصفحة ونشاطها والجدل الواسع الذي تسببت فيه ، وأخطر من ذلك تبني أصحاب تلك الصفحة جريمة قتل نفس بريئة لشاب مصري في مدينة السويس، ومفاخرة أصحاب الصفحة بالجريمة وأنهم هم الذين ارتكبوها ولكنهم سيحققون ـ كأنهم دولة داخل الدولة ـ في أسباب تجاوز أعضائها لتأديب المواطن إلى حد قتله! ، طبعًا القصة كلها كانت "مضروبة" بالضبط مثل قصة الإعلامية "لميس" ، واتضح أن الواقعة كانت شجارًا عاديًّا بين شباب طائش، انتهى إلى مأساة، ولم يكن فيها دين ولا دنيا ولا أمر بمعروف ولا يحزنون ، غير أن الفارق الجوهري بين واقعة لميس الحديدي وواقعة الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، أن الداخلية استنفرت بكل قوة للوصول إلى مختلق القصة على الإنترنت ، وفي واقعة "القتل" لم تكلف الداخلية خاطرها أن تبحث من حيث الأصل في الموضوع ، وكأنها تعرف الحكاية وما فيها ومَن وراءها، ولكنها لا تريد إحراج أحد أو جهة ما ، وحتى ساعتنا هذه لم تعلن الداخلية عن أصحاب صفحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكنها مشكورة أعلنت عن توصُّلها لصاحب صفحة "لميس" ، ماذا نفهم من ذلك؟ ، نضيف إلى خلفيات المشهد معلومات توضيحية ، منها أن قيادات من حزب النور السلفي تقدموا ببلاغ للنائب العام قبل ستة أشهر قالوا فيه إن جهة مجهولة تنتحل صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على شبكة الإنترنت، وأنها تشكيل عصابي يُشتبَه في تورط بعض رجال الأمن في عصر مبارك معهم ، وأنهم سوف يرتكبون أفعالاً مثيرة في الشارع وربما ضد الأقباط لإثارة فتن ومحاولة الإساءة إلى التيار السلفي ، وطالبوا بتوقيف هؤلاء والتحقيق معهم ومعرفة مَن أصحاب هذه الصفحة المجهولة ، كان ذلك قبل ستة أشهر ونشرنا في "المصريون" خبرًا عن الموضوع في حينه ، وقد تفضل أحد الضباط المختصين بمكافحة جرائم الإنترنت بمقابلة مقدمي البلاغ، ووعدهم بالوصول إلى أصحاب هذه الصفحة خلال ساعات، وأنه سوف يتصل بهم ويطمئنهم على ما تم ، ثم انقطعت أخبار الضابط من ساعتها ، لا حس ولا خبر ، وحتى الآن البلاغ معلق في مكتب النائب العام ، طبعًا أنا لا أحب أن أصدق ما قاله أصحاب البلاغ من أن أصحاب تلك الصفحة، هم من "فلول" ضباط مباحث أمن الدولة "الأمن الوطني حاليًّا" ، وأن الداخلية تعرف ذلك جيدًا ؛ ولذلك لا تريد أن تتحدث في الموضوع أو تفتحه من أصله ، لا أريد أن أصدق ذلك ، ولكني بالمقابل أتمنى من السيد وزير الداخلية أن يشرح للرأي العام هذا اللغز ، مَن هم أصحاب الصفحة التي تبنت قتل شاب السويس؟ ، ولماذا اعترف أصحابها بجريمة ثبت أنهم لم يرتكبوها ولا صلة لهم بها؟ ، نريد أن نطمئن إلى أننا نعيش في ظل وزارة مسؤولة ، ولسنا رهائن لعصابات إجرامية تعشش في مؤسسات الدولة الرسمية .
__________________
اللهم عليك بأعداءك أعداء الدين اللهم أميين .
|