الإعلام الأثيوبي و أزمة حوض النيل .. من الصدام إلي التوافق المشروط.
5 يوليو 2012
نقلت وسائل إعلام أثيوبية عن حكومة أديس أبابا أنها أقدمت على خطة لبناء سلسلة سدود عظمى ضخمة كهرومائية على حوض نهر النيل من شأنها أن تولد 5250 ميغاوات من الكهرباء ومن المتوقع ان يتكلف المشروع ضخمة 4.8 مليار دولار وسيبدأ في منطقة بني شنقول بالقرب من الحدود مع السودان. وبالفعل دخل هذا المشروع حيز التنفيذ على أرض الواقع واحتل مكانة هامة فى الاعلام الأثيوبى وبدا واضحا الحرص علي إبراز أهميته خلال التصريحات الحكومية والمطالبة بوقوف الشعب وراء هذا المشروع.
وشغلت مشكلة سد النهضة حيزا كبيرا في الإعلام الأثيوبي، فمن ناحية استطاعت الحكومة ان تحشد وراءها العديد من المؤيدين للمشروع بجعله من أوليات الحكومة فاعلنت انها ستقوم بتمويل المشروع بأكمله حتى لو لم تتلق اى تمويل خارجى، ولكى تزيد من حشد الجمهور خلف هذا الموضوع عرضت سندات للبيع للاسهام فى بناء السد، وبعد مرور عام على بدء المشروع احتفلت الحكومة بأول ذكرى للسد والتى أوضحت فيه شكل الحياة فى اثيوبيا وكيف ستتغير، ولذلك دعا هيلماريام نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية خلال هذا الاحتفال الجمهور الأثيوبى بالمشاركة ودعم المشروع.
ومن ناحية أخرى نجحت الحكومة فى لفت الأنظار بعيدا عن الأزمات الداخلية التى تواجهها البلاد وهذا ما واجهته المعارضة فى اعلامها حيث رفضت ان يكون هذا المشروع على اولويات الحكومة وتخوفت من الفساد المالى الخاص بالتمويل ومن امكانية حدوث نزاعات بسبب هذا السد بين دول المنبع ودول المصب، وفى المقابل اتهمت الحكومة المعارضة بالتخبط والتعارض حيث انها تتهم الحكومة بعدم الاهتمام بالتصنيع ومن ناحية أخرى تعارض اهتمام الحكومة بالمشروع.
كما واجهت الحكومة الجوانب المعارضة بشدة مثل حبس للصحفى أليمو لتجرؤه على معارضة مشروع الحكومة المحورى، والذين وجهوا له تهمة الارهاب.
وطرقت الحكومة ابوابا أخرى لإثارة الرأي العام ضد مصر خاصة بعد الفشل الذريع في الانتخابات الأثيوبية فى مايو 2010، وتزايد المشاكل الداخلية، فبدأ يهاجم نظام ملس زيناوي مصر وأقر بأن على مصر أن تحترم ملكية اثيوبيا الشرعية للنيل كما يجب عليها إيقاف اطلاق النار على المهاجرين الاثيوبيين الفقراء في الظهر بينما يحاولون عبور الحدود إلى إسرائيل.
وعندما صرح المتحدث باسم السفارة المصرية مصطفى أحمدي لوكالة انباء بلومبرج أنه لم يتم التشاور مع مصر فى شأن هذا السد كان رد وزير المياه الاثيوبي واضحا بأن أصحاب عرقلة مشروعات التنمية فى حوض النيل لم يغيروا من أساليبهم وان اثيوبيا عزمت الآن على موقفها ووصلت الآن إلى نقطة بلاعودة"
تغيير السياسة الأثيوبية: من الصدام الى التوافق المشروط
تبنت الحكومة الأثيوبية سياسية مغايرة عن سياسة الصدام مع مصر وبدأت سياسة الطمأنينة او التوافق المشروط حيث بدأت الحكومة تؤكد فى كل مؤتمر اوخطاب على أن سد النهضة لن يتسبب فى أى تابعات سلبية لمصر والسودان مؤكدين فى كل مرة انه حق ملكية لأثيوبيا ولكنه يتميز بالعديد من الايجابيات.
واتسعت وسائل الطمأنينة الى تأكيدهم على انهم على استعداد تام بالتشاور مع الجانب المصرى والسودانى و امكانية الاستفادة من هذا المشروع للبلدين في أي مرحلة من مراحل العملية. وعرضت اثيوبيا على مصر امكانية مناقشة فكرة الملكية المشتركة، وفقا لإذاعة صوت أمريكا قال ملس زيناوي: " سيكون هناك وقت لاعادة النظر في العديد من القضايا، بما في ذلك الملكية المشتركة للمشروع نفسه، نحن منفتحون على مثل هذه الأفكار.
كما اهتمت الحكومة الأثيوبية بالتأكيد على ان موقف السودان غير معارض للسد كما انها ترحب بهذا المشروع فقد تم الاعلان على موقع والتا انفو 15 يونيو 2012 ان وزير الرى السودانى قد صرح بأهمية مشروع السد الاثيوبى لأنه يقلل من كمية الطمى المتدفقة مع مياه النهر والتى تكلف السودان الملايين كل عام، كما ترى الحكومة الاثيوبية انها مفيدة ايضا لمصر لانها تقلل نسبة الطمى والرواسب خلف السد. ووفقا للخبراء فإن بناء هذا السد سيحقق نتيجة إيجابية لمصر والسودان. ويضع حد لمعاناة المجتمعات المصريين والسودانيين على طول ضفاف الأنهار والمناطق المحيطة بها، حيث ان البلدين لديهما الفرصة للحصول على امدادات الطاقة وبأسعار تنافسية. كذلك فإن سد النهضة سيزيد من كمية الموارد المائية المتاحة، والحد من الفاقد من التبخر الذي كان يمثل مشكلة خطيرة بالنسبة للدول المصب.
وبالرغم من أن اثيوبيا لديها الحق الكامل في استخدام النيل لتنميتها، فهى تعمل بجد لخلق شعور من الثقة بين مصر والسودان حيث أن السد لن يحقق أي نوع من أنواع الأذى بهم.
و اقترحت حكومة إثيوبيا بإنشاء لجنة فنية من مصر والسودان وأثيوبيا لتقييم تأثير سد النهضة على مصالح مصر والسودان.
ولكن وجدت العديد من الدوافع التى صاحبت هذا التغير: ومنها أن ميليس رئيس الوزراء صرح بأنه على مصر والسودان المشاركة فى المشروع بنسبة من 20 الى 30 % على أثر الفوائد التى ستعود عليهم. وكذلك حث المصريين على تغيير موقفهم فنهر النيل يعد ملكية لجميع دول حوض النيل وليس لمصر فقط، كما اعلن مووى وزير المياه الأثيوبى ان مشروع السد سيتبعه العديد من المشروعات الأخرى على نهر النيل. فمع كل طمأنينه وفتح الباب اما دول المصب للمشاركة فى المشروع، كان على الجانب الأثيوبى التأكيد بحقه فى الملكية، وتأكيد استمرار مشروع سد النهضة.
وبعد قيام الثورة المصرية اكد رئيس الوزراء الأثيوبى للوفد المصرى الذى قام بزيارة أثيوبيا لاعادة توطيد العلاقات امكانية اعطاء المزيد من الوقت لمصر للتصديق على مبادرة حوض النيل الذي وقعته الدول الست ، حتى يتم تشكيل الحكومة المنتخبة قانونيا في مصر لأن اثيوبيا من شأنها أن تساعد مصر الجديدة لدراسة الحالة بشكل صحيح.
و أكدت اثيوبيا على دخول العلاقات المصرية الأثيوبية مرحلة جديدة فى الكثير من التصريحات فى الاعلام خاصة بعد سقوط نظام مبارك ، وسط حالة من الترقب لكيفية معالجة الموضوع من الجانبين المصري والأثيوبى.