( بطولته يوم أحد )
في أحدأبصر طلحة رضي الله عنه جانب المعركة الذي يقف فيه الرسول صلى الله
عليه وسلم فلقيه هدفا للمشركين ، فسارع وسط زحام السيوف والرماح الى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرآه والدم يسيل من وجنتيه ، فجن جنونه وقفز أمام
الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب المشركين بيمينه ويساره ، وسند الرسول صلى
الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ، ويقول أبو بكر رضي
الله عنه عندما يذكر أحدا :( ذلك كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال لي الرسول صلى الله عليه وسلم ولأبي عبيدة بن الجراح
رضي الله عنه : " دونكم أخاكم " ونظرنا ، واذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة
ورمية ، واذا أصبعه مقطوعة ، فأصلحنا من شأنه )
وقد نزل قوله تعالى :
(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من
ينتظر * وما بدلوا تبديلا ))
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية أمام الصحابة الكرام ، ثم أشار الى طلحة
قائلا :
" من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة "
ما أجملها من بشرى لطلحة رضي الله عنه ، فقد علم أن الله سيحميه من الفتنة طوال
حياته وسيدخله الجنة فما أجمله من ثواب
( عطائه وجوده )
وهكذا عاش طلحة رضي الله عنه وسط المسلمين مرسيا لقواعد الدين ، مؤديا لحقوقه ،
واذا أدى حق ربه اتجه لتجارته ينميها ، فقد كان من أثرى المسلمين ، وثروته كانت
دوما في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها الشيء الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ،
تقول زوجته سعدى بنت عوف : دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ،
فسألته : ما شأنك ؟
فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني
فقلت له : ما عليك ، اقسمه
فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما
وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من
الدمع وقال :
ان رجلا تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري مايطرق من أمر ، لمغرور بالله ، فدعا
بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده
منها درهما .
وكان رضي الله عنه من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ،
لقد قيل : كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ، وكان
يزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم .
ويقول السائب بن زيد : صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت
أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة .