
19-08-2012, 07:29 PM
|
 |
نجم العطاء
|
|
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,261
معدل تقييم المستوى: 23
|
|
ثالثاً: استعن بالله ولا تعجز.
من أَعانه الله على الطاعـة فهو المعان، ومن خذله الله فهو المخذول لا حول ولا قوة إِلا بالله، لا حول لك على طاعته، ولا قوة لك على الثبات على دينه إِلا بمدده سبحانه فاستعن بالله ولا تعجز واتقه ما استطعت واطلب المدد والعـون منه أَن يثبتك على طريق طاعته وعلى درب نبيـه وتدبر وصيته لمعاذ بن جبل.
كما في الحديث الصحيح الذي رواه أَحمد والترمذي وغيرهما أَنَّ النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال لمعاذ بن جبل يوماً: "يا معاذ والله إِني لأُحبك، فقال: أُوصيك يا معاذ، لا تدعن في كل صلاة - وفي رواية- دبر كل صلاة أَن تقول: اللهم أَعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
الراوي: معاذ بن جبل – المحدث: الألباني – المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 1302 - خلاصة الدرجة: صحيح، الراوي: معاذ بن جبل – المحدث: أبو داود – المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1522 - خلاصة الدرجة: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].
نعم اطلب العون والمـدد من الله على عبادته سبحانه وأَنتَ إِن سلكت هذا الدرب المنير لن يخزك الله أَبداً، أَليس هو القائل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
هذا وعد منْ؟! وعد رب العالمين، ورب الكعبة سيصرف الله بصرك عن الحرام، وسيصرف الله قلبك عن الشـهوات والشبهات، وسيحفظ الله فرجك من الحرام، وسيصرف الله يدك عن البطش في الحـرام، وسيصرف الله قدمك من الخطأَ الحرام، فأَحسن أَيها المسلم الموحـد ليكون الله معك، فمن توكل عليه كفاه، ومن اعتصم به نجَّاه، ومن فوض إليه أُموره كفاه، قال جل في علاه: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ …} [الزمر:36].
علق قلبك بالله سبحانه فهو الغـني الذي لا تنفعه الطاعـة ولا تضره المعصية، ومع ذلك لو تاب إِليه عبده الفقـير الحقير مثلي لفرح بتوبته وهو الغني عن العالمين يقول النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "لله أَفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أَرض دوِّيَّة مهلكةٍ، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأَسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إِذا اشتد عليه الحر والعطش أَو ما شاء الله – قال: أَرجع إِلى مكاني الذي كنت فيه فأَنام حتى أَموت فوضع رأَسه على ساعده ليموت فاستيقظ، فإِذا راحلته عنده، عليها زاده وشرابه فالله أَشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده".
الراوي: عبدالله بن مسعود – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2744 - خلاصة الدرجة: صحيح.
وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رَضِي الله عنْهُ: "قدم على النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم سَبْيٌ، فإِذا امرأَة من السَّبْي تحلُب ثديها تسقي، إِذا وجدت صبياً في السبي أَخذته، فألصقته ببطنها وأَرضعته" فقال لنا النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "أَترون هذه طارحة ولدها في النار؟" قلنا: لا، وهي تقدر على أَن لا تطرحه، فقال" لله أرحم بعباده من هذه بولدها".
الراوي: عمر بن الخطاب – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5999 - خلاصة الدرجة: صحيح.
والله لو تدبرت هذا الحديث لوقفت على العجب العجـاب، لذا قال أَحد السلف: اللهم إِنك تعلم أَنَّ أُمي هي أَرحـم الناس بي وأَنا أَعلم أَنكَ أَرحـم بي من أُمي، وأُمي لا ترضى لي الهـلاك أَفترضاه لي وأَنت أَرحم الراحمين؟!!
نعم إِنها رحمة الله جل وعلا، ينادي بها على عباده بهـذا النداء الندى العذب: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53].
إِنها رحمة الله التي وسعت كل شيء فاستعن بالله ولا تعجز، و إِن زلت قدمك عُد وإِن زلت أُخرى عُد، وإِن زلت للمرة الأَلف عُـد، واعلم بأَنَّ الله لا يمل حتى تملّوا، نحن عبيـده هو الذي خلقنـا ويعرف ضعفنا وفقرنا وعجزنا لذا لا يريد منا الطاعة وإنما يريد منا العبودية له سبحانه وتعالى.
فالطاعة لك أَنت، فهو سبحانه لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية ففي صحيح مسلم من حديث أَبي إِدريس الخولاني عن أَبي ذر أَنَّ رسول الله قال: قال الله تعالى: "... يا عبادي لو أَنَّ أَولكم وآخركم وإِنسكم وجنكم كانوا على أَتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أَنَّ أَولكم وآخركم وإِنسكم وجنكم كانوا على أَفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً...".
الراوي: أبو ذر الغفاري – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2577 - خلاصة الدرجة: صحيح.
أَيها الموحد: استعن بالله على الطاعة، واستعن بالله على أَن تثبت على هذا الدرب المنير، واعلم يقيناً أَنَّ من أَعظم الأَسباب التي تعين العبد على أَن يثبت على طاعة الله جل وعـلا أَن يكونَ وسطاً معتدلاً في طاعته لربه، لا غلواً في الإِسلام ولا تنطع، فخـير الأُمور الوسط، لا غلو، لا إِفراط، لا تفريط، لذا يقول المصطفى: "إِنَّ الدينَ يسرٌ ولن يشاد الدينَ أَحد إِلا غلبه فَسَدَّدوا وقاربوا و أَبشروا واستعينوا بالغَدْوَةِ والرَّوحة وشيء من الدُّلْجة".
الراوي: أبو هريرة – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 39 - خلاصة الدرجة: صحيح، الراوي: أبو هريرة – المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1611 - خلاصة الدرجة: صحيح.
وعن أَنس بن مالك قال: دخـل رسول الله فإِذا حبل ممـدود بين الساريتين فقال: "ما هذا الحبل؟" قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "لا، حلّوه، ليصل أَحدكم نشاطه، فإِذا فَتَرَ فليقعد". الراوي: أنس بن مالك – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1150 - خلاصة الدرجة: صحيح.
وكلكم يعلم قصـة الرهط الذين جاءوا لبيوت النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم والحديث في الصحيحين من حديث أَنس: "جاء ثلاثة رهط إِلى بيوت أَزواج النبي يسأَلون عن عبادة النبي فلما أَخبروا كأَنهم تقالوها، فقالوا: وأَين نحن من النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم؟ فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأَخر، فقال أَحدهم: أَما أَنا أُصلي الليل أَبداً، وقال آخر: أَنا أَصومُ الدهر ولا أُفطر، وقال آخر: أَنا أَعتزلُ النساء فلا أَتزوجُ أَبداً، فجاء إِليهم النبي فقال:" أَنتم الذين قلتم كذا وكذا، أَما والله إِني لأَخشاكم لله وأَتقاكم له لكني أَصوم وأُفطر، وأُصلي وأَرقُد وأَتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
الراوي: أنس بن مالك – المحدث: البخاري – المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5063 - خلاصة الدرجة: صحيح، الراوي: أنس بن مالك – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1401 - خلاصة الدرجة: صحيح.
نعم لقد جمع النبي هذا المنهج الوسط وحوله إِلى منهج عملي على أَرض الواقع في هذا الدعاء الرقيق الرقراق الذي رواه مسلم فقد كان النبي يدعو الله ويقول: "اللهم أَصـلح لي ديني الذي هو عصمة أَمري، وأَصـلح لي دُنياي التي فيها معاشي، وأَصلح لي آخرتي التي إِليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر"
.الراوي: أبو هريرة – المحدث: مسلم – المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2720 - خلاصة الدرجة: صحيح.
إِنه منهج الوسط.. منهج الاعتدال، لقد جمـع النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم بكلماته هذه بين خيري الدنيا والآخـرة لأَنَّ من كسب الدنيا بالعمل الصالح كسب الآخرة بإِذن الله، ومن خسر الدنيا بالعمل السيئ خسر الآخرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

منقوووووووول
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .!
فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا ..
|