2
فى كتابه «صناعة الآلهة: دراسة فى أساليب الدعاية للقادة السياسيين» ينقل الأستاذ محمد فتحى يونس لنا عن «بيتر دروكر» قولاً فى معرض دور الأتباع فى خلق القائد المنفرد بالتطبيق على حالة النازى هتلر الذى وصل إلى حكم ألمانيا عن طريق الانتخابات ثم وأد الديمقراطية: «إن هتلر ليس هو من اعتبر نفسه نصف إله. إنما هى الجماهير التى دفعته لذلك كنصف إله. سوبرمان، ساحر، لا يخطئ، على صواب دائما». ثم ينتقل الكاتب إلى ما يمكن أن ينتجه الأتباع داخل صفوف الجماعات والتنظيمات السياسية التى ترفع شعارات إسلامية، متحدثا عن «المهدى المنتظر» عند الشيعة و«مجدد الأمة» عند السنة. ليتطرق فيما بعد إلى «الاستغلال السياسى للدين» قائلا: «نظرا لمكانة الدين فقد تم استخدامه فى مجال الدعاية السياسية، فالاستشهاد بآية أو حديث قدسى أو حديث نبوى قد يجعل النفوس تندفع اندفاعا فى الإعجاب برأى الزعيم أو الخطيب». وهذه سمة واضحة فى الخطاب السياسى للرئيس مرسى، الذى يكثر من هذا الاستشهاد، بل يتحول أحيانا هو إلى خطيب على منبر. وبالطبع فمن الأفضل أن يكون الحاكم متدينا، لكن هذا التدين يجب أن يظهر فى قراراته من زاوية العدل بين الناس والعمل للصالح العام، واختيار الأكفأ «فالأصلح فى كل ولاية بحسبها» وكذلك الإنصات إلى النقد وتحبيذه، وعدم محاباة جماعته أو عشيرته وأقربائه، أو التوهم بأن تصوره الدينى هو الإسلام، وليس هو الإفراط فى الاستشهاد بالنصوص الدينية لدغدغة المشاعر وإظهار التقوى. ففى كل الأحوال علينا أن نحذر الرجل الذى يتحدث كثيرا عن تدينه حذرنا من المرأة التى تتحدث كثيرا عن شرفها.
ويستشهد الباحث بما كتبه كاتب السلطة سمير رجب فى مدح مبارك ذات يوم بمقال له فى صحيفة «مايو» التى كانت ناطقة باسم الحزب الوطنى المنحل: «حسنى مبارك هو الدرة الثمينة التى وهبنا إياها الله سبحانه وتعالى ليظل دائما وأبدا وأملا ورمزا ونورا وضياء». واستخدمت أيامها الجريدة مصطلح «البيعة»، وهى أمور تقترب مما يجرى الآن، ونتابعه فى بعض الصحف والمجلات المسماة «قومية»، وهى مسألة لا تخطئها عين، فإن كان وجودها مقصودا، فهى تقربنا من آليات صناعة الحاكم الفرد المتفرد، وإن كان بعض الصحفيين والكتاب يفعلونها نفاقا ورياء وتزلفا، فإن مؤسسة الرئاسة عليها أن تنهى عن هذا إن كانت مؤمنة بالتغيير الذى حدث فى مصر، أو تنظر إلى ما جرى باعتباره ثورة صاحبها الشعب وليس مجرد فرصة تاريخية لجماعة الإخوان على حساب المصلحة الوطنية.
ولعل ما يبدأ به فتحى يونس كتابه دال جدا كمفتاح لفهم كثير مما يجرى الآن، ناهيك عن التفاصيل الكثيرة التى يحفل بها كتابه، فها هو يقول: «تقترب عملية الدعاية السياسية للقادة السياسيين من عمليات السحر الفلكلورية، تتم بمقتضاها السيطرة على عقول أتباع كثر، عبر أساليب وتكنيكات متنوعة، يشترك فيها القائد السياسى كساحر رئيسى فطرى يملك أدواته، أو عبر سحرة مساندين يتجمعون على مسرح الحكم أملا فى امتلاك السلطة لأطول فترة ممكنة، يتحول خلالها القائد إلى ما يشبه إله إغريقى ينسب الأتباع إليه الخوارق إلى أن تنتهى الحفلة باكتشاف الخديعة».
__________________
ورا كل عيون بتلمع
كلام كتير مستخبى
خوف ,,
وحلم متشعلق فى الفضا
|