
08-09-2012, 07:27 AM
|
 |
رئيس مجلس الادارة
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
موقف واشنطن وحلفائها من التدخل العسكري في سوريا
موقف واشنطن وحلفائها من التدخل العسكري في سوريا
عرض شيماء ميدان، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية باتت فكرةُ التدخل العسكري في سوريا على خلفية الأحداث الدموية التى تشهدها يوميًّا، تلوح في الأفق وتشغل حيزا كبيرا من فكر مراكز الفكر والرأي الأمريكية بتنوعاتها المختلفة، لا سيما القريبة من الإدارة الأمريكية الحالية. وفي ظل تفاقم المأساة الإنسانية السورية؛ لم يعد أحد قادرًا على النأي بنفسه عن تلك الأحداث المريرة،
وعدم اتخاذ موقف إيجابي أو سلبي، ولا يعتبر التدخل العسكري مسألة هيّنة على الإطلاق لما قد يكون له من عواقب وخيمة على سوريا وجيرانها، وعلى القوى الغربية ذاتها، لذا لا يزال ثمة تردد كبير بشأن تنفيذ تلك الفكرة.
وفي محاولة لدراسة فكرة التدخل العسكري هذه بعمق وما قد تئول إليه؛ أجرى معهد "أمريكان إنتربرايز" بالتعاون مع "معهد دراسات الحرب" الأمريكي و"مركز سابان الأمريكي لسياسات الشرق الأوسط" التابع لمؤسسة بروكينجز في السابع والعشرين من شهر يونيو الماضي يوم محاكاة للأزمة السورية للوقوف على استشراء الفوضى على خلفية الحرب الأهلية السورية.
تقوم فكرةُ المحاكاة على تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات يمثلون الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وتركيا باعتبارهما القوتين الإقليميتين الفاعلتين في الأزمة السورية، وتهدف إلى مناقشة ومعرفة التفاعل بين الحكومة الأمريكية والحليفين التركي والسعودي الفعالين والمؤثرين في الأزمة السورية لأسباب عدة، منها تأثرها بالعنف الحادث في سوريا. وتأخذ المحاكاة في الاعتبار التطورات المحتملة خلال الفترة من أغسطس الحالي إلى إبريل القادم.
وقد أعدّ كل من كينيث بولاك، وهو زميل بارز في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط، وفريدريك كاجان، وهو باحث بمعهد أمريكان إنتربرايز، وكيمبرلي كاجان، وهي رئيسة معهد دراسات الحرب الأمريكي، وماريسا سوليفان، وهي نائب مدير معهد دراسات الحرب؛ تقريرًا يستخلص دروس هذه المحاكاة، ويحلل مجرياتها.
جُل ما تسعى المحاكاة إليه هو دراسة ما إذا كانت الدوافع الإنسانية وحدها كافية للتدخل الغربي في سوريا، مثلما حدث في ليبيا. غير أن ردود فعل الفرق (الأمريكية والسعودية والتركية) المشاركة أظهرت أن تهديد التبعات الإستراتيجية لتفاقم الأزمة هو ما قد يدفعها إلى تنفيذ فكرة التدخل العسكري؛ فقد يتمخض عن الأزمة السورية تهديدات مثل: الإرهاب، وتدفق اللاجئين، والمشاكل الاقتصادية، وتشدّد الشعوب المجاورة، والقتال عبر الحدود.
دور تركيا الحاسم
أثبتت المحاكاة أن الولايات المتحدة لن تتمكن من القيام بأي شيء حيال سوريا بدون مشاركة تركيا، لذا تركّز السياسة الخارجية للولايات المتحدة على هذا البلد على وجه الخصوص. وقد وجدت كل من الولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية نفسها مضطرة إلى التفكير مليًّا في فرض مناطق حظر طيران في سوريا، ومساعدة المعارضة السورية، ومباشرة عمليات عسكرية محدودة أو تدخلات متعددة الأطراف.
وفي المقابل؛ بدا أن الولايات المتحدة تتفوق على المملكة العربية السعودية في ميزان فرض الرؤية والمصالح. فقد أوْلَى الفريق السعودي اهتماما بمسألة تزايد عمليات نقل السلاح إلى سوريا عبر لبنان، وبالوضع اللبناني عموما. غير أن السعوديين وجدوا أنفسهم عاجزين عن تكريس هذا الاهتمام عمليًّا بدون دعم الولايات المتحدة. وقد اقترحت المملكة العربية السعودية جعل الأردن بمثابة مكمِّل لتركيا أو بديل عنها؛ إلا أن الولايات المتحدة لم تولِ أي اهتمام لهذا الخيار.
وجدير بالذكر أن تركيا ترغب في إنهاء الصراع الدائر في سوريا، وإرساء الاستقرار هناك في أسرع وقت، بيد أن قدراتها لا تكفي وحدها لإحلال السلام وتعزيز الاقتصاد هناك. لذا ترى تركيا أن مساعدة الغرب والعالم العربي لا غنى عنها في حسم الوضع في سوريا. ومن ثم باتت الفرق الثلاثة لا ترى مفرا من التعاون المشترك مع بعضها بعضا.
وعندما تجاوزت مجريات المحاكاة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ودخلت في مطلع عام 2013، انصبّ تركيز الفريق الأمريكي على حسم الصراع في سوريا. ونظرا لعدم رغبتها في تحمل التكاليف المالية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية للتدخل العسكري وحدها؛ صبّت الولايات المتحدة تركيزها على إقناع الأتراك بالتدخل بدلا منها. غير أن تركيا لا ترغب هي الأخرى في تحمل وطأة التدخل العسكري وحدها نظرا لضعف إمكانياتها. وما يعقّد الأمور أكثر هو اتّكال المملكة العربية السعودية على كل من الولايات المتحدة وتركيا في مهمة إسقاط نظام الأسد وإنهاء العنف في سوريا.
من جهتها؛ ترغب تركيا في تأمين دعم من حلف الناتو إذا ما قررت التدخل عسكريًّا في سوريا، كما ترغب في تأمين تحكمها بالعمليات العسكرية. وفي المقابل، ترغب الولايات المتحدة في تقليص دور تركيا والناتو خوفا من ذهاب تركيا بعيدا عن الأهداف الأمريكية. أما المملكة العربية السعودية، فخيبة أملها كبيرة في الجمود الناتج عن هذا التضارب الذي أسفر عن تفويت فرص عديدة للاتفاق على التدخل العسكري.
تواضع القدرات السعودية
على النقيض مما ذُكر أعلاه، أشارت المحاكاة في نقطة ما إلى أن المملكة العربية السعودية قد تلعب دورا أكثر حزما في السيناريوهات المعروضة؛ حيث إن الفريق السعودي كان نشطا للغاية في محاولته تحقيق مصالحه الخاصة، بيد أن الفرق الأخرى المحيطة به لم تقدم له الدعم اللازم للقيام بذلك.
ويعزو ذلك إلى أن الأدوات المتاحة للسعوديين ليست جذابة أو حاسمة في حد ذاتها. فالقدرة على توفير الدعم والتمويل للمعارضين والمتمردين السوريين ليست كافية لإحداث تغيير حاسم في سوريا في المدى القريب، بل ويمكن أن يفضي هذا التمويل السعودي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في سوريا.
ومن ثم خلص الفريق الذي يجسد الرؤية السعودية في المحاكاة إلى أن المملكة العربية السعودية مستعدة لتقبل مستويات عالية من عدم الاستقرار وغير مهتمة بطبيعة الحكم الذي يأتي طالما يكون سنيّا.
سيناريو انهيار سوريا
قدمت المحاكاة سيناريو انهيار الدولة السورية يعقبه دخول العراق في جولة أخرى من الحرب الأهلية. وبحلول نهاية المحاكاة، وصل العنف في العراق إلى مستويات مماثلة لتلك التي كان عليها في عام 2006. وأظهرت المحاكاة أن الفرق الثلاثة تفاعلت بشكل متباين تماما مع هذا السيناريو؛ حيث إن المملكة العربية السعودية فضّلت الفوضى العراقية على الوضع الراهن لأنها ترى أن مصلحتها الإقليمية متمثلة في تقويض النفوذ الإيراني. لذا كان الفريق السعودي على أتم الاستعداد لمساعدة المعارضة السورية حتى ولو كان من شأن هذه الإجراءات تقويض الاستقرار في العراق.
أما تركيا، فرأت أن مصالحها في العراق تقتصر على تطور الأحداث في إقليم كردستان الذي حوّلته إلى درع واقٍ لها ضد تطور الأوضاع داخل العراق. وقد تضمّن سيناريو المحاكاة استغلال الأكراد العراقيين للأوضاع، وإعلان استقلال إقليمهم ما لم يحسم الفريق التركي موقفه منه.
أما الفريق الأمريكي، فكان غير مهتم إلى حدٍّ كبير بتطورات الأوضاع في العراق ولبنان، ولم يفعل شيئا يُذكر في ذلك السيناريو، مما يعكس رغبة الفريق الأمريكي الحالية في عدم تكرار تجربة التدخل العسكري في أي بلد مرّ فيه من قبل بتجربة مريرة.
وأخيرا، انتهت المحاكاة عند شهر أبريل لعام 2013 بانهيار الدولة السورية وغرق لبنان والعراق في الصراعات الطائفية. وقد كان الفريق الأمريكي راضيا في هذا السيناريو عن تحقيق أهدافه قريبة المدى في سوريا، متجاهلا تبعات ذلك على مصالحه الإقليمية والدولية الأخرى. ورأى معظم المراقبين أن المصالح الأمريكية في كافة أنحاء المنطقة كانت مهددة أكثر مما كانت عليه في بداية المحاكاة، وأن قدرة الولايات المتحدة على تأمين مصالحها على المدى الطويل كانت غير واضحة تماما في هذا السيناريو الأخير.
خلاصة المحاكاة
أشار كاتبو التقرير إلى الملامح الأساسية لخلاصة المحاكاة، وهي كالآتي:
أولًا: لا يعتبر تفاقم الأزمة الإنسانية السورية سببا كافيا لدفع أي من القوى الدولية للتدخل العسكري في سوريا.
ثانيًا: لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في تحمل عبء فاتورة التدخل العسكري في سوريا أو إعادة إعمارها. ولا تريد أيضا الاضطلاع بأي إعادة لتجربتي العراق وأفغانستان.
ثالثًا: لتركيا دور رئيسي في المعادلة لأنه لا يمكن تطبيق الخيارات المطروحة بدون الانخراط التركي. بيد أن تركيا لا ترغب في تحمل تكاليف ما بعد الحرب السورية وحدها.
رابعًا: يعتبر تأثير المملكة العربية السعودية على الوضع السوري ضعيفا نظرا لاقتصار أجندتها الإقليمية عموما على ردع النفوذ الإيراني، حتى لو كان الثمن زعزعة الاستقرار في سوريا ولبنان والعراق.
خامسًا: السيناريو الكارثي الذي قد يحدث هو انهيار الدولة السورية، وعودة العراق إلى مستويات العنف والحرب الأهلية التي شهدها في عام 2006، وانغماس لبنان في حرب أهلية جديدة.
سادسًا: القرار النهائي بشأن مسألة التدخل العسكري يتوقف على مدى تأزُّم الوضع في سوريا.
|