الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 24-09-2012, 06:08 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين

السياسة الخارجية المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين

خالد الجندي
ينتاب المسئولين الفلسطينيين والإسرائيليين حالةٌ من القلق منذ صعود القوى الإسلامية إلى سدة الحكم في مصر؛ فإسرائيل تدرك تمامًا مدى معاداة الإخوان لها، وباتت لا تستبعد أن يضرب الإخوان بمعاهدة السلام المبرمة مع مصر في عام 1979 عرض الحائط.

وكان سقوط مبارك وتولّي الإخوان الحكم في مصر مزعجًا بنفس القدر للمسئولين الفلسطينيين في رام الله؛ فهم يدركون مدى مؤازرة الإخوان لحركة حماس في غزة. ومن ثم يمكن القول إن انتخاب محمد مرسي ليكون أول رئيس مدني منذ تشكيل الجمهورية المصرية قبل ستين عاما لم يجلب سوى القلق لتل أبيب ورام الله.

وفي هذا الصدد؛ كتب خالد الجندي - وهو زميل زائر في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز - في دورية "عروض القاهرة للشئون الدولية The Cairo Review of Global Affairs" التي تصدرها الجامعة الأمريكية بالقاهرة دراسة تحت عنوان: "مصر وإسرائيل وفلسطين". وأشار الباحث في مقاله إلى أنه من غير المحتمل أن نرى في مصر في أي وقت قريب استمرارًا لسياسات مبارك، أو تحولًا جذريًّا في العلاقة بين مصر وإسرائيل والفلسطينيين، منوهًا إلى أن من المرجح أن تعتمد التغييرات الجذرية في موقف مصر الإقليمي على المدى الطويل على مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، بما في ذلك النجاح النسبي للإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية، واتجاهات العلاقة المصرية الأمريكية، والتطورات على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، والديناميات الإقليمية الأخرى.

تداعيات السياسة الخارجية

كان الغيابُ الفعلي للشعارات المناهضة لإسرائيل والمعادية للولايات المتحدة في الانتفاضة المصرية في ميدان التحرير دليلًا على أن الثورة لا علاقة لها لا بإسرائيل ولا بالولايات المتحدة. ومع ذلك؛ لا يمكن فصل الانتفاضة المصرية والمرحلة الانتقالية تماما عن إسرائيل والولايات المتحدة، حتى لو كانت الثورات الشعبية لا تنم عن أية مخاوف تتعلق بالسياسة الخارجية. فالتغيرات المرتبطة بالتحول السياسي الجاري في مصر سيكون لها تأثير عميق على العلاقات بين مصر وكلا البلدين في السنوات القادمة.

ويُشير الباحث إلى أن الدعم للفلسطينيين والعداء تجاه إسرائيل متأصلان بعمق في الثقافة السياسية المصرية والوعي الوطني. فإلى جانب التعاطف مع محنة الفلسطينيين؛ غذّت التضحيات المصرية بالدم والمال في الماضي العداء تجاه إسرائيل؛ إذ أسفرت أربعة حروب مع إسرائيل في الماضي عن مقتل عشرات الآلاف من المصريين، وعن إهدار مليارات الدولارات. وحتى بعد مرور ثلاثة عقود من السلام الرسمي؛ لا يزال ينظر معظم المصريين إلى إسرائيل على أنها عدو وتهديد للأمن القومي، ليس للفلسطينيين فحسب؛ بل للعرب كافة.

ولم يبذل نظامُ مبارك شيئًا يُذكر لكبح تلك المشاعر العدائية، فهو لطالما حرص على إثارة الكراهية ضد إسرائيل كوسيلة لتعزيز شرعيته الداخلية. ورغم أن معظم أشكال التعبير السياسي كانت إما محظورة أو خاضعة لقيود مشددة تمامًا؛ كان نظام مبارك يتسامح عمومًا مع الأنشطة المعادية لإسرائيل والمؤيدة لفلسطين، طالما أن تلك الأنشطة لا تنتقد النظام نفسه. بيد أن هذا التوازن تعذّر تبريره إلى حدٍّ كبير مع مستهل القرن الحادي والعشرين، وظهور ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب".

وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001؛ جعل مبارك مصر بمثابة حجز الزاوية لاثنين من الركائز الأساسية للسياسة الأمريكية؛ وهما مكافحة الإرهاب وعملية السلام العربية الإسرائيلية. وبلغ التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة مستويات غير مسبوقة عقب فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006. وفي ظل تعزيز مبارك مكانته عند الولايات المتحدة وإسرائيل؛ ظهرت تصورات بأن نظام مبارك يمثل امتدادًا للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

وقد أثار قمع إسرائيل لانتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر 2000، والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003؛ حفيظة المصريين وغيرهم من العرب. واستشرت مبادرات تضامنية مع فلسطين، ومبادرات مناهضة للتطبيع، وحملات مقاطعة لإسرائيل، ومظاهرات حاشدة ضد إسرائيل والولايات المتحدة في النصف الثاني من العقد ردًّا على حرب لبنان وحصار غزة والحرب الإسرائيلية على غزة (التي أُطلق عليها عملية الرصاص المصبوب). وعلى حد وصف الباحث؛ كانت هذه الأحداث ملهمة لجماعات مثل "حركة كفاية" و"حركة 6 إبريل". وعند مرحلة ما؛ أصبحت الأنشطة السياسية الفلسطينية حافزًا لحركة الاحتجاج التي أفضت في نهاية المطاف إلى اندلاع ثورة 25 يناير في عام 2011.

وكانت الولايات المتحدة تتوقع من مبارك أن يصعّد ضغوطه على القيادة الفلسطينية للمشاركة في المفاوضات، وأن يكف عن المصالحة مع حماس. وبإغلاق معبر رفح الذي كانت تمر عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؛ أضحى نظام مبارك متورطًا في الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. وقد كان يُنظر إلى سلوكيات مبارك في المنطقة على أنها مجرد تنفيذ لأوامر الولايات المتحدة وإسرائيل؛ بل وكان القادة الإسرائيليون يعتبرونه بمثابة جائزة إستراتيجية. ومن ثم يرى الباحث أنه لم يكن ثمة شيء أكثر ضررا على مكانة مبارك من غزة وقضيتها.

إسرائيل وفلسطين ومصر الوليدة

واصلت المشاعر المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل تحريك السياسة المصرية في أعقاب الانتفاضة؛ إذ وقع اقتحام للسفارة الإسرائيلية في القاهرة يوم 9 سبتمبر 2011 احتجاجًا على مقتل حرس الحدود المصرية الإسرائيلية إبان عملية إسرائيلية ضد المسلحين في سيناء. وأوحى ذلك الهجوم الذي دفع إسرائيل إلى إجلاء سفيرها وطاقم السفارة من مصر للإسرائيليين والأمريكيين والفلسطينيين على حد سواء بأن التغيير قادم لا محالة. ومن جهتها، أدانت جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب السياسية الأخرى الهجوم على السفارة، واصفين إياه بأنه عمل غير لائق بدولة متحضرة.

وبعد ذلك؛ صوت البرلمان المصري في مارس 2012 على طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، فيما ينم عن توافق نادر في الآراء حول السياسة المصرية، وعن عزم الطبقة السياسية في مصر على الوقوف ندا لإسرائيل. وقد أعلن البرلمانيون أن "مصر الثورية لن تكون شريكا أو حليفا للكيان الصهيوني، الذي نعتبره العدو رقم واحد لمصر والأمة العربية".

وعلى الرغم من اللهجة الصارمة النابعة من القاهرة؛ لم تتغير السياسة المصرية تجاه إسرائيل والفلسطينيين إلا قليلا منذ الإطاحة بمبارك في فبراير 2011؛ حيث إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة صرح بدعمه التزامات مصر الدولية -بما في ذلك معاهدة السلام مع إسرائيل- وكذلك فعلت الأحزاب السياسية المصرية، العلمانية منها والإسلامية. هذا وتواصل مصر دعم عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولا تزال داعما أساسيا للسلطة الفلسطينية التي مقرها رام الله.

وكانت التطورات الجديدة التي طرأت على مصر منذ الإطاحة بمبارك هي إبرام اتفاق مصالحة بين فتح وحماس في إبريل 2011، وتزايد الفراغ الأمني في سيناء. والأهم من ذلك؛ استمر التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل على مدى تحول مصر السياسي، على الرغم من ارتفاع حدة التوتر على جانبي الحدود. ومن ثم يمكن الزعم بأن التوجُّه العام للسياسة الخارجية لا يزال مشابها لذلك الذي كان موجودًا في عهد مبارك، وفقا لما يراه الجندي.

ولربما يكون التغيير الأكثر وضوحا في مصر الحديثة -من وجهة نظر الباحث- هو تصاعد أهمية الرأي العام، الذي يعتبر في الوقت الراهن بمثابة قوة في السياسة الداخلية. فقد كان صوت الرأي العام مسموعًا إلى حدٍّ كبير في الفترة الانتقالية؛ بل ومن المرجح أن يكون للمصريين العاديين تأثيرٌ أوضح على الساسة في الوقت الراهن.

احتمالات استمرار السياسة الخارجية القديمة

قد يُعيد الإسلاميون توجيه السياسة الخارجية في الوقت المناسب، بيد أن ثمة عدة أسباب وراء توقُّع استمرار السياسة الخارجية القديمة عن تغييرها في السنوات القليلة القادة، بغض النظر عمن يحمل مقاليد السلطة.

السبب الأول: هو انشغال المصريين بالقضايا الداخلية، ما يحول دون متابعتهم أجندة السياسة الخارجية في الوقت الراهن.

السبب الثاني: هو أن مصير البرلمان وصياغة الدستور لا يزال مجهولا إلى حد كبير.

السبب الثالث: هو أن من المرجح أن يستمر الصراع بين الإسلاميين والقوى الثورية لبعض الوقت. ومن المحتمل أن تستمر حالة عدم الاستقرار بسبب ترنُّح الاقتصاد المصري.

ومن ثم ستعجز مصر عن التفكير في السياسة الخارجية لبعض الوقت، وستفضل إعطاء الأولوية للقضايا الداخلية الملحّة، مثل الأمن والاقتصاد، وذلك وفقا لما يراه الجندي.

تعديل كامب ديفيد

من المرجح أن تركّز السياسة المصرية تجاه إسرائيل وفلسطين في السنوات المقبلة على ثلاث نقاط هي:

أولًا: ستحافظ مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، ولكن ستسعى إلى إدخال بعض التعديلات في نهاية المطاف؛ فهو شيء طالبت به معظم الأحزاب السياسية المصرية، العلمانية والإسلامية، بالفعل. ومن المرجح أن تكون التعديلات متعلقة بالوضع في سيناء، وخاصة لتفاقم المشاكل الأمنية هناك.

ثانيًا: من المرجح أن تركّز السياسة المصرية على تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بدلا من التركيز على عملية السلام. فمن المرجح أن نرى تركيزا أقل على المفاوضات مع إسرائيل، على أن نرى تركيزا أكبر على ردع العنف الإسرائيلي الفلسطيني وعلى تعزيز المصالحة الفلسطينية الداخلية.

ثالثًا: من المرجح أن تركّز مصر في السنوات القادمة على مواصلة التنسيق الأمني مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي النهاية؛ يُشير خالد الجندي إلى أن انفراج الأزمة القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يتطلب إرادة سياسية كبيرة واستقرارا في مصر، منوها إلى أن من المستبعد أن يتحقق أيٌّ من ذلك بحلول نهاية عام 2012 أو أوائل عام 2013.
رد مع اقتباس